صفحة الكاتب : نجاح بيعي

الكاريزما تهرم أيضا ً .. وداعا ً مام جلال !؟.
نجاح بيعي
  منذ أن دبّت الشيخوخة وداهم المرض الزعيم الكردي , والرئيس العراقي السابق ( جلال الطالباني ) أمين عام حزب الاتحاد الوطني الكردستاني , أخذت تتداعى الكاريزما الطالبانيّة التي سيطرت على الحزب شيئا ً فشيئا ً منذ تأسيسه في أواخر عام 1975 م , وحتى يوم الخميس الموافق 1/9/2016 م , يوم اعلان الانشقاق بتكوين جناح ( تغييري ) اسموه باسم ( مركز القرار ) من قبل نوّاب السكرتير ( جلال الطالباني ) كوسرت رسول وبرهم صالح , مع بعض اعضاء القيادة والمكتب السياسي , وبرلمانيين سابقين واعضاء لمجالس المحافظات !. هذا إذا استثنينا الانشقاق الاول عام 2006 م , حينما استقال ( نوشيروان مصطفى ) الذي كان نائباً لسكرتير الحزب , زعيم حركة التغيير الحالية .
لعل الاتحاد الوطني الكردستاني يدين بالفضل للكاريزما الطالبانيّة , فبفضلها ظلّ الحزب محافظاً على تماسكه , عبر المنعطفات التاريخية , والأزمات السياسية , والصراعات الحادة والدموية احيانا ً . فـ (مركز القرار ) الذي تبنته قيادات الرعيل الأول للحزب , ومن خلال مضمون البيان الذي جاء به , هو انقلاب صريح ضد ( الكاريزما الطالبانيّة ) أي ضد الزعيم المغيّب بسبب المرض ( مام جلال ) بالذات . وانشقاق واضح ضد القيادات التي تبنّت الطالبانيّة التي افرزت عدم الشفافية والنزاهة والتزوير وغيرها . 
فبعد أن انتقد البيان سياسة الحزب رافضين ( خذلان الكوادر وتهميش المناضلين للاتحاد ) حسب وصف البيان , أعلنوا صراحة ً عدم استخدام إسم ( طالباني )في تمرير المشاريع الشخصيّة , منتقدين الاجراءات التي ادت الى احتكار الحزب . والنقطة المثيرة في البيان , هو إعلانه عن التزام التقارب حتى الإندماج مع ( حركة تغيير ) أي رجوع ( نوشيروان مصطفى ) الى بيت الطاعة , باعتباره القيادي الأول في الرعيل الأول للحزب .
مركز القرار .. هو عنوان الانقلاب الأبيض والتجديد والتحديث للحزب , بإسلوب الطالبانية الثوريّة , ضد الكاريزما الطالبانيّة . هو انشقاق القيادات القديمة المؤسسة للحزب والمنظّرة له , ضد من أتوا بعدهم . إنشقاق من الحزب مع البقاء داخل الحزب , ومن دون الخروج منه , وهي حركة مهذّبة وذكيّة , فبالإضافة الى انها تهدف الى التجديد ,تهدف أيضا ً الى حفظ وحدة الصف , وعدم جرّ الحزب الى التصادم المسلح بين مكوناته وكوادره . 
مركز القرار .. الإنشقاق هي ذات الخطوة التي خطاها ( مام جلال ) حينما كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب الديمقراطي الكردستاني , بزعامة ( الملا مصطفى البارزاني ) . فبعد التداعيات المأساوية التي ظهرت أثر مسيرة المفاوضات , التي كان يقودها جلال الطالباني مع حكومة ( عبد السلام عارف ) الجديدة في بغداد عام 1963م , وظهور خلافات جوهرية بينه وبين زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني ( مصطفى البارزاني ) على خط التفاوض مع حكومة بغداد ,وبروز تقاطعات سياسية حادة , دفعت جلال الطالباني الى تشكيل تحالف جديد مع حكومة بغداد , والحدث الأهم هو انهيار الحركة الكرديّة عموما ً , نتيجة خذلان إيران للحركة الكردية بوقف الدعم لها , بقبولها اتفاقية الجزائر مع العراق عام 1975م .
هذه العوامل أدت إلى تشكيل حزب ( الاتحاد الوطني الكردستاني ) وانتخب جلال طالباني رئيسا له , ونوشيروان مصطفى نائبا ً عام 1975م . وهو تشكيل يضم ( 5 ) قوى كردية مختلفة , ابرزها ( ثوار كردستان ) بزعامة جلال طالباني . لمليء الفراغ الذي خلفه غياب ( الحزب الديمقراطي الكردستاني ) عن ساحة السياسية .
وعلى ضوء بيان ( مركز القرار ) باستطاعتنا أن نقول أنهم أصحاب ثورة بيضاء داخل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني . وأنهم تعهدوا بمغادرة القطبية السياسية ( الصنميّة الطالبانيّة ) وعدم الشفافيّة والشخصنة والإحتكار , وكذلك عدم النزاهة والخذلان والتهميش وغيرها . وإن كان ( مركز القرار ) الكردية , لم يُشر لا من قريب ولا من بعيد , الى كيفية اتخاذ القرار , ولا الى الآلية الديمقراطية في ذلك ؟. وهي ذات الصفة الغالبة عند كل الأحزاب السياسية في العراق خصوصا ً , فضلا ً عن معظمها في الشرق عموما ً . والخشيّة أنهم سيكونون قد أسسوا لديكتاتورية حزبية جديدة , من حيث يعلمون أو لا يعلمون !. ولكاريزما جديدة من حيث يدركون أو لا يدركون !. ترى هل نسوا قادة مركز القرار الكردستاني , أنهم لم يكن ليلمع لهم نجم , ولا ليعلوا لهم صيت لولا ( الكاريزما الطالبانية عبر قيادتها التاريخية للحزب ) ؟. وإذا ما نجحوا بالخروج من ربقة القوقعة الشخصية لـ ( جلال الطالباني ـ والطالبانيّة ) , فهل تنجح الجماهير الكردية الموالية له بذلك ؟. الأمر هكذا ببساطة ,ونتكلم به بحسن نيّة , ولم نغفل في الوقت نفسه عن العامل الإقليمي والدولي , في التغير داخل الحزب ( أيّ حزب كان ) !. وهذا ما لا يخفى على كل متتبع للأحداث .
ــ واخيرا .. هل يمكننا أن نعتبر تجربة ( مركز القرار الكردي ) الانشقاقيّة التصحيحيّة , موضة حديثة ( ورجلهه خضرة ) ممكن تعميمها على زعامات الكتل والأحزاب السياسية العراقية الباقية ؟. وتكون هناك ( مركز قرار حزب الدعوة مثلا ً ؟ ) وهو الحزب الأقرب لتجربة الاتحاد الوطني الكردستاني , لوجود الانشقاق فعلا ولكنه غير معلن . و( مركز قرار المجلس الأعلى ؟ ) و ( مركز قرار التيار الصدري ؟ ) وهلمّ جرّا . أم تترك كوادرهم الأمر للقدر لنفوذ سطوتهم , وينتظرون بزعاماتهم ريب المنون أو الهرم , أو حتى مرض الزهايمر المُذل , ليوفر لهم الذريعة للإنقضاض ويعلنوا الإنشقاق بحجة التصحيح والتجديد ؟. 
وإذا حدث وتبنتها بعض الاحزاب الصنميّة لـ ( مركز القرار ) واعلنتها , هل ستحذوا حذو تجربة مركز القرار الكردي , وتتغاضى عن الآلية الديمقراطية لإتخاذ القرار داخل الحزب ويؤسسوا لديكتاتورية جديدة من حيث يعلمون أو لا يعلمون ؟. ولكاريزما جديدة من حيث يدركون أو لا يدركون !.
مع العلم أن جميع الأصنام والكاريزمات الدينية والسياسية , الشيعية منها والسنية , الكردية والعربية وغيرها , يسبحون بفضاء النظام الديمقراطي !. وهو نظام يتعارض مع أي شكل من اشكال الدكتاتورية , ومن ضمنها الصنمية , والكاريزما الدينية والحزبية !.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نجاح بيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/09/03



كتابة تعليق لموضوع : الكاريزما تهرم أيضا ً .. وداعا ً مام جلال !؟.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net