صفحة الكاتب : كرار حسن

ليس كل متقلب منافق! ولا كل ثابت مستقيم!
كرار حسن

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

في مجال العمل (السياسي) اذا كان الشخص ثابتا على مسار واحد ، او ان مواقفه ثابتة على طول الخط ، تجاه الاحداث السياسية ، والجماعات والاحزاب والكيانات والكتل السياسية ، وحتى الرجال \"السياسيون\" وغيرها من شؤون عالم السياسة..

واذا كان ثابتا في نظرته وتحليلاته وقراءاته وحتى ميوله وولاءاته للآراء والاتجاهات والنظريات والاستراتيجيات السياسية..

فإن ذلك لا يعني ان هذا الشخص صادقا ومستقيما ؟! 

والعكس صحيح ايضا ، فإن الشخص الذي يبدو متقلبا او متلونا ، في آرائه ومواقفه ، وتحليلاته وقراءاته ، وميوله وولاءاته .. وهكذا ..

كذلك لا يعني ان هذا الشخص كذابا منافقا ؟!

 

ذلك يعود لسببين رئيسين ، الاول:

يعود الى طبيعة العمل السياسي نفسه ، فالعمل السياسي هو بذاته متقلب وغير ثابت ، عالم السياسة في تغير مستمر ، وحركة دائمة لا استقرار فيها ، السياسة لا تعرف الثبات على \"المبادئ\" السامية وليس لها \"قيم\" عليا .. ولذلك فإن النصوص الاكاديمية تُعَرِّف السياسة بـ (فن ادارة الصراع) او (فن ادارة الازمة) او (فن الممكن) ... وهذه تعريفات مقتضبة تعبر عن طبيعة المُعَرَّف ، ومن هنا قيل ان في السياسة (لا يوجد عدو دائم ولا صديق دائم .. وانما مصالح دائمة) 

السبب الثاني: وهو وثيق الصلة بالأول ، وهو يتعلق بالشخص (السياسي) سواء أكان هذا الشخص من النوع الملتزم بنوع معين من القيم والمبادئ ، ام لم يكن ، فإن كليهما لا يستطيع الوقوف في مكان واحد على طول الخط وسط هذا العالم الهائج المتغير على الدوام ، ومثال على ذلك \"قبطان السفينة\" ذات \"الشراع\" اذا اراد الوصول الى نقطة محددة من وجهته البحرية ، فعليه ان يرفع شراع سفينته كلما كانت الرياح باتجاه النقطة المحددة ، وان يخفض الشراع كلما اختلف مسار الريح مع مسار السفينة المرسوم وقد (تجري الرياح بما لا تشتهي السفن)!!

ولنضرب مثالا آخرا من واقع العمل السياسي في العراق كي تتضح الصورة اكثر ، وهو عن السياسة الخارجية للعراق (مجرد مثال) ففي الاعوام التي تلت سقوط نظام صدام المقبور كانت مواقف تركيا عموما تتسق وتتماها مع الكثير من القضايا التي تهم الدولة العراقية ، ولذلك فليس من المعقول ان لا تقيم الحكومات العراقية المتتالية علاقات طيبة مع تركيا ، لكن بعد عام ٢٠١١ اختلفت الامور واختلف الوضع تماما عما قبله ، فتركيا اخذت تتدخل شيئا فشيئا في شؤون العراق الداخلية، وبدأت بدعم الجماعات الارهابية والانفصالية ، وتشعل الخلافات الداخلية وتحرض على العنف والتمرد و...بالتالي والحال هذا فمن الطبيعي ان تُبادَل تركيا بالمِثِلْ؟

يبقى ان نظيف سببا اخر لا يقل اهمية عن السببين اعلاه ، وهو ان من طبيعة الانسان \"اي انسان\" في ان تتغير قناعاته وتصوراته عن الاشياء ، بل وحتى معتقداته قد تتغير !! تبعا لتغير قراءاته اللاحقة ، سيما اذا اطلع هذا الانسان على اشياء مختلفة عن تلك التي بنى عليها أراءه وافكاره ...، او انه اكتشف خلل ما في طبيعة بنائه الثقافي والمعرفي ، او ان تلك الاشياء نفسها تغيرت بتغير الزمن ... فمثلا زيد من الناس ، كان قد انتمى الى حزب سياسي معين ، بناء على قناعته بأن هذا الحزب يحمل من المبادئ والافكار ويرفع شعارات تتسق مع قيمه وافكاره ومبادئه.. لكنه تبين فيما بعد ان هذا الحزب قد انحرف عن مساره !! او انه هو قد اختلفت افكاره تبعا لما ذكرت سابقا ، فهل يصح بأن يبقى زيد منتميا الى نفس ذلك الحزب؟!! طبعا لا يصح ذلك ، وإن بقي على انتمائه، حينها يمكننا ان نضع امامه الف علامة استفهام!

اذن كيف نفرق او نميز بين الاثنين ؟

غالبا هناك خط فاصل ، او لنقل هي علامات فارقة ، من خلالها يمكننا ان نميز بين الشخصيتين ، تلك العلامات تتمثل بالصفات الشخصية ، وطريقة تعاطي الاشخاص مع القضايا العامة والخاصة ، منها مثلا : الاعتدال مقابل التطرف.. الاتزان والعقلانية.. مقابل الطيش والرعونة .. الوضوح مقابل اللُّبْس والابهام ...الخ ، وهكذا إذا ما وضعنا الصفات إزاء الاشخاص يتبين لنا الغث من السمين ، وكما قال الامام علي عليه السلام :(لا يعرف الحق بالرجال ، اعرف الحق تعرف اهله)

هذا بإختصار ما يحضرني الان ، وقد تكون هناك مسائل اخرى تصح للقياس او لا تصح ، وختاما اقول ما قاله الشاعر..

لا بد من ميل الى جهة فلا تنكرن على الرجل الكريم مميلا ..

إن الفؤاد وإن توسط في الحشا لكنه يميل الى جهة الشمال قليلا..


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كرار حسن
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/28



كتابة تعليق لموضوع : ليس كل متقلب منافق! ولا كل ثابت مستقيم!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net