صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح322 سورة يس الشريفة
حيدر الحد راوي

 للسورة الشريفة الكثير من الفضائل والخصائص , نقتبس منها ما جاء في كتاب ثواب الأعمال عن الامام الباقر عليه السلام انه قال : من قرأ يس في عمره مرة واحدة كتب الله له بكل خلق في الدنيا وبكل خلق في الآخرة وفي السماء بكل واحد ألفي ألف حسنة ومحى عنه مثل ذلك ولم يصبه فقر ولا عزم ولا هدم ولا نصب ولا جنون ولا جذام ولا وسواس ولا داء يضره وخفف الله عنه سكرات الموت وأهواله وولي قبض روحه وكان ممن يضمن الله له السعة في معيشته والفرج عند لقائه والرضا بالثواب في آخرته وقال الله للملائكة أجمعين من في السماوات ومن في الأرض قد رضيت عن فلان فاستغفروا له . 

( عن الصادق عليه السلام أن لكل شيء قلبا وان قلب القرآن يس ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 
 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
يس{1} 
يختلف المفسرون في النص المبارك , ننقل عدة اراء بهذا الخصوص : 
1- انه من الاحرف النورانية المقطعة التي استهلت بعض السور الشريفة بها . 
2- قيل معناه يا انسان بلغة طي . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" .
3- هناك اراء تشير الى انه اسم من اسماء النبي الكريم محمد "ص واله" , ( عن الباقر عليه السلام قال ان لرسول الله صلى الله عليه وآله عشرة اسماء خمسة في القرآن وخمسة ليست في القرآن فأما التي في القرآن فمحمد واحمد وعبد الله ويس و ن ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" , ( عن الصادق عليه السلام يس اسم رسول الله صلى الله عليه وآله والدليل على ذلك قوله تعالى انك لمن المرسلين على صراط مستقيم قال على الطريق الواضح ) "تفسير القمي" .
هناك نكتة لطيفة ولفتة ذكية وردت في كتاب ليالي بيشاور بهذا الخصوص ننقلها للاطلاع (  قلت: لأن حرف الـ (س) في حروف التهجي هو وحده يكون عدد ظاهره وباطنه متساويين، فإن لكل حرف من حروف التهجي عند المتخصصين بعلم الحروف والأعداد زُبَر وبينة، وحين تطبيق عدد: زُبِر وبينة كل حرف يكون عددهما مختلفا، إلا حرف (س) فإن زبره يساوي بينته.
نواب: عفوا يا سيد، أرجو منك التوضيح بشكل نفهمه نحن العوام، ونحن لا نعرف معنى: الزبر والبينة، فنرجو توضيحا أكثر.
قلت: أوضح:
الزبر: هو اسم الحرف الذي يخط على القرطاس: (س) وهو حرف واحد، ولكن عند التلفظ يكون: ثلاثة حروف: ((س ي ن)) فكل ما زاد على الحرف وخطه في تلفظه يكون بينته، وعدد (س) عند العلماء: ستون وعدد (ي) عشرة، و(ن) خمسون، فيكون جمعهما ستون أيضا، فيتساوى عدد: (س) وعدد: (ين) وهذا هو الحرف الوحيد بين حروف التهجي يتساوى زبره وبينته , ولذلك فإن الله تعالى خاطب نبيه قائلا: يس، الياء: حرف نداء، و (س): إشارة إلى اعتدال ظاهره وباطنه , وكذلك في الآية المباركة قال: (سلام على آل ياسين) .
 
وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ{2} 
تضمنت الآية الكريمة قسما (  وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ ) , الواو للقسم , فيقسم الباري جل وعلا بالقرآن الحكيم , ذو الحكمة البالغة .  
 
إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ{3} 
تضمنت الآية الكريمة موضوع القسم (  إِنَّكَ ) , يا محمد "ص واله" , (  لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) , من جملتهم .  
 
عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{4} 
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقاتها (  عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ) , التوحيد والاستقامة , على طريق الرسل والانبياء والرسالات السماوية , والآية الكريمة جاءت ردا على قول الكفار له "ص واله" { وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَسْتَ مُرْسَلاً قُلْ كَفَى بِاللّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ }الرعد43 .  
 
تَنزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ{5}
تستمر الآية الكريمة في الموضوع (  تَنزِيلَ ) , نزله عليك , (  الْعَزِيزِ ) , في ملكه وملكوته , الغالب امره على عباده , (  الرَّحِيمِ ) , بهم .   
 
لِتُنذِرَ قَوْماً مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ{6} 
تستمر الآية الكريمة في الموضوع مبينة احدى الوظائف الاساسية للرسالة (  لِتُنذِرَ ) , الانذار من العذاب , (  قَوْماً ) , اغلب المفسرين يرون ان القوم هم اهل مكة , لكن رسالته  "ص واله" عامة وليست خاصة بأهل مكة , لذا ينبغي الالتفات الى هذه النقطة , ( مَّا أُنذِرَ آبَاؤُهُمْ ) , ما انذر اباءهم في فترة انقطاع الرسل والانبياء "ع" , ذلك اذا كانت ( مَّا ) نافية , أما ان لم تكن نافية فتكون مصداقا لما ورد " عن الصادق عليه السلام قال لتنذر القوم الذين انت فيهم كما انذر آباؤهم فهم غافلون عن الله وعن رسوله وعن وعيده" - تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني - (  فَهُمْ غَافِلُونَ ) , غافلون عما ينتظرهم . 
 
لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{7} 
تستمر الآية الكريمة في الموضوع مبينة (  لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ ) , وجب او استحق , (  عَلَى أَكْثَرِهِمْ ) , العذاب , (  فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ) , لا يؤمنون بالله تعالى ولا يعملون بشرعه .   
 
إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ{8} 
تستمر الآية الكريمة في الموضوع كاشفة عن مصيرهم  (  إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ ) , الغل هو ما يجمع اليد الى العنق , (  فَهُم مُّقْمَحُونَ ) , رافعون رؤوسهم .  
 
وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ{9} 
تضيف الآية الكريمة (  وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً  وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً ) , وضع الباري جل وعلا امام ومن وراء الكفار سدا , فأنزلهم منزلة من سد عليه الطريق من جميع الجهات , (  فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ ) , أغشيت ابصارهم عن الايمان , فلا يرون الحق والطريق المستقيم .      
يرى القمي في تفسيره ان الآية الكريمة نزلت في ابي جهل بن هشام ونفر من اهل بيته وذلك ان النبي صلى الله عليه وآله قام يصلي وقد حلف أبو جهل لعنه الله لئن رآه يصلي ليدمغنه فجاءه ومعه حجر والنبي صلى الله عليه وآله قائم يصلي فجعل كلما رفع الحجر ليرميه اثبت الله عز وجل يده الى عنقه ولا يدور الحجر بيده فلما رجع إلى أصحابه سقط الحجر من يده ثم قام رجل آخر وهو من رهطه أيضا فقال : أنا أقتله فلما دنا منه جعل يستمع قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله فأرعب فرجع الى اصحابه فقال حال بيني وبينه كهيئة الفحل يخطر بذنبه فخفت ان اتقدم .
 
وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ{10} 
تبين الآية الكريمة مؤكدة (  وَسَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ  أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ ) , الامر سيان على هؤلاء الكفار , انذرتهم ام لم تنذرهم , (  لاَ يُؤْمِنُونَ ) , لا يؤمنون ابدا , كما تروي كتب السير ان لا يؤمن احدا من اولئك الرهط من بني مخزوم .  
 
إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ{11} 
تقرر الآية الكريمة (  إِنَّمَا تُنذِرُ ) , انذارك نافعا :  
1- (  مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ ) : القرآن , او الرسول الكريم محمد "ص واله" . 
2- (  وَخَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ ) : خافه , ولم يشاهده بالجوارح , بل استدل عليه بحقائق ولطائف ودقائق الامور .  
من كان على هذا الحال , تبشره الآية الكريمة ببشارتين : 
1- (  فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ ) : عامة , شاملة لجميع ذنوبه وتفريطاته .  
2- (  وَأَجْرٍ كَرِيمٍ ) : خالصا , سائغا , لا منغصات معه , ولا مخلفات فيه .  
 
إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ{12}
تقرر الآية الكريمة (  إِنَّا نَحْنُ ) , تكرار الضمير لمزيد من التأكيد , (  نُحْيِي الْمَوْتَى ) , الاموات الحقيقيين بالبعث , والجهال بالهداية , فغالبا ما يشبّه الجاهل بالميت , كما يقول احد العلماء ( الموت نوعان افقي وعمودي الافقي الموت المعروف اما العمودي اصحابه موتى يسيرون "أي جهال" ) , (  وَنَكْتُبُ ) , ندون في اللوح المحفوظ :  
1- (  مَا قَدَّمُوا ) : ما اكتسبوا من اعمال صالحة , وما اقترفوا من اعمال طالحة .  
2- (  وَآثَارَهُمْ ) : مأثرهم التي سرت في الاجيال بعدهم , او سننهم التي اتبعها من يليهم .  
تستأنف الآية الكريمة (  وَكُلَّ شَيْءٍ ) , لا يستثنى شيئا وان كان صغيرا تافها , (  أحْصَيْنَاهُ ) , ضبطناه , دونّاه , سجلناه , قيدناه , (  فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) , يرى بعض المفسرين انه اللوح المحفوظ , بينما يرى اخرون انه كتابا اخر , وهناك رأي ثالث يراه جملة من المفسرين استنادا على بعض الروايات ومنها ما جاء ( عن الباقر عن ابيه عن جده عليهم السلام قال لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وآله وكل شيء احصيناه في امام مبين قام أبو بكر وعمر من مجلسهما وقالا يا رسول الله هو التوراة قال لا قالا فهو الانجيل قال لا قالا فهو القرآن قال لا قال فأقبل امير المؤمنين عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله هو هذا انه الامام الذي احصي الله فيه علم كل شيء ) . "تفسير الصافي ج4 للفيض الكاشاني" . 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/07/02



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح322 سورة يس الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net