صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

 سافر خريبط ومهاوش وعيدان الى الهند , لتلقى العلاج , علاجا لم يكن متيسرا في العراق , حين وصولهم المطار , استأجروا دليلا ومترجما , ليرشدهم , ويكون تحت امرهم , ولسوء الحظ استأجروا الشخص الخطأ , شخصا يترصد الوافدين الاجانب , ليفتك بهم , فأقترح عليهم ان يذهبوا الى مستشفى ذو سمعة طيبة في بومباي , فوافقوا , واقنعهم بالسفر برا , فانطلقوا بسيارة استأجرها بنفسه , انطلقت السيارة لساعات طويلة , حتى  توقفت  في مكان مجهول , حيث كانت تنتظرهم سيارات اخرى , وطلبوا منهم الترجل , والتخلي عن كافة امتعتهم واموالهم مقابل حياتهم . 

وجدوا انفسهم في وسط مروج خضراء على مد البصر , فأحتاروا في امرهم , خريبط وعيدان اقترحا العودة سيرا على الاقدام , بينما مهاوش اصر بالبقاء على الشارع , ريثما يأتي باص او سيارة تقلهم , وبعد مجادلة عقيمة , قرروا العودة سيرا بمحاذاة الشارع , كي لا يفوتهم باص او أي سيارة مارة . 
ساروا مدة طويلة , قطعوا فيها مسافات شاسعة , بالرغم من اعتلال صحتهم , حتى وصلوا الى تقاطع طرق , قريبا منه سكة قطار , فأصر مهاوش بالبقاء هناك , ريثما يأتي القطار , او لعل سيارة سوف تمر قريبا , فجلسوا جميعا على مرجة خضراء , بعد مضي قليلا من الوقت , اقترب باص مكتظا بالركاب , لم يترك الركاب جزءا في الباص من غير ان يستغلوه , فصعد الكثير منهم على السطح , واخرين تعلقوا بالشبابيك , وغيرهم تعلق في مؤخرته , وتشبث اخرون في مقدمته , اصابهم الذهول من هذا المشهد المريع ! فقال عيدان :
- هاي صايره طيخه .
- طيخه لو بطيخه . 
طلب خريبط من مهاوش التقدم بالسير , بعدما شاهدوا منظر الباص , لكن مهاوش اصر على البقاء جالسا في انتظار القطار , لعلهم يحصلون على مكانا فيه , فالقطار اكبر حجما , واكثر سعة من الباص , فأنتظروا طويلا حتى سمعوا صوت صفارة القطار , تشق عنان السماء , ولاحت لهم غمامة من الدخان الكثيف تغطي الاشجار , فنهض الثلاثة , واستعدوا للركوب , لكنهم توقفوا منبهرين , فقد لمحوا كتلة بشرية هائلة تسير على سكة الحديد , حتى لا يكاد يظهر من القطار شيئا سوى الدخان , فقد اعتلى الركاب كل شيء , السطح والشبابيك , والمقدمة , فقال خريبط :- 
- هاي صايره خبيطه ! . 
فقرروا الاستمرار بالمسير , لعلهم يصلون الى قرية او مدينة ما , فقد استبد بهم الم الجوع , وبانت عليهم علامات التعب , بينما هم كذلك , سمعوا صوت بقرة او بقرتين , فأستهلوا فرحا , اتجهوا مسرعين نحو الصوت , حتى وقفوا على ثلاث بقرات سمان , فقرروا حلب احداهن , فبادر مهاوش , فقد كان خبيرا بتربية الابقار والماشية , بينما خريبط وعيدان احكما قبضتهما عليها كي تبقى ساكنة , شاهد احد الهنود المحليين المنظر , فأنتابه الغضب , فأعترض عليهم , ونهرهم , وسجد للبقرة , ونهض مسرعا نحو عيدان وخريبط , وكأنه يريد منهما افلات البقرة , لكنهما لم يعبئا به , وشنعا عليه سجوده للبقرة , في ذلك الحين , فرغ مهاوش من عملية الحلب , فضرب البقرة وطلب من زميليه تركها , استشاط الهندي غضبا الى غضب , فأسرع واختفى بين الاشجار . 
جلسوا لارتشاف الحليب , بعد انصراف الهندي , ولكن لم يمر وقت طويل حتى عاد الهندي وبرفقته عدد كبير من الرجال المدججين بالسلاح , فلم يبدي مهاوش ورفاقه أي مقاومة , فلا فائدة من ذلك , كتفوهم , وساقوهم نحو المعبد , حيث رئيس الكهان , وتجمهر اهالي القرية حول المعبد ملوحين بقتلهم , وهذا جزاء من يعتدي على الابقار في عرفهم , خرج الكهان من المعبد , يتقدمهم رئيسهم , الذي طلب مترجما , فأنبرى احد القرويين للمهمة , فأخبرهم عيدان بانهم غرباء ولا يعلمون شيئا عن تقاليد القوم وسألهم الصفح , استنكر القرويون ذلك , وايدهم الكهان جميعا , فما كان امام رئيس الكهان الا ان يأمر بقتلهم حسب الاعراف المتبعة , لكنه لجأ الى امر اخفاه في نفسه , فطلب ادخالهم الى المعبد , وطلب من جميع الكهان الخروج , فأشار اليهم بالتقدم نحو تمثال ما , فتقدموا بهدوء وترو , وهمس بصوت خافت وبلهجة عراقية : 
- اخوكم شاتي من الناصرية ! شكو ماكو ! شنهي ما شنهي ! شخبار العراق ! 
تفاجأ خريبط وجماعته , كون الكاهن عراقي من الناصرية , واسترسل الكاهن في الحديث : 
- هاي اشجابكم هنا ! . 
لقد كان شاتي قد هرب من ازلام البعث المقبور منذ سنة 1985 الى الكويت , وفي الكويت استمرت مطاردتهم له , فهرب الى الهند بصحبه مواطن هندي , كان يعمل في الكويت , فعمل بالمعبد , واشتغل فيه , وارتقى المناصب حتى صار رئيسا للكهان , لكنه لم يكن يعلم بما جرى في العراق , طول هذه المدة . 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/07/22



كتابة تعليق لموضوع : الكاهن
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : حيدر الحدراوي من : العراق ، بعنوان : الفاضل مهند البراك في 2011/07/22 .

سيدي مهند البراك الواعي
اشكر مروركم وتعليقكم الطيب , فقد زاد ذلك موضوعي بهاءا واضفى عليه رونقا خاصا , وانشاء الله اتمام القصة قريب , تحياتي لشخصكم وكتاباتكم

• (2) - كتب : مهند البراك من : العراق ، بعنوان : الحدراوي وما ادراك في 2011/07/22 .

لله درك يا حدراوي
تجعلنا دائما متابعين للاخر

ننتظر المتابعة واكمال القصة
دمتم بود




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net