صفحة الكاتب : حسن الهاشمي

من المسؤول... المرجعية أم الأحزاب
حسن الهاشمي

 

 كثيرا ما يثار اللغط بين الأوساط السياسية والدينية، من هو المسؤول عما آلت إليه أوضاع العراق بعد سقوط الصنم من ترد واضح للأمن والخدمات وما رافقه من سلب ونهب للخيرات وانتهاك للوطن والمقدسات، البعض يرجع المسؤولية للمرجعية الدينية العليا حينما تصدت وافتت بوجوب المشاركة في الانتخابات، والبعض الآخر يرجع ما آل إليه الوضع في العراق من خراب ودمار للأحزاب المتصدية، ولكي نكون منصفين علينا استشراف مواقف الطرفين وما بدر منهما ليتبين لنا الخيط الأبيض من الأسود من خلال المواقف والمقاصد لا من خلال الاتهامات والدوافع المبيتة، وهدفنا هو مواكبة الحقيقة وتجنب مواطن التشهير والافتراء والتسقيط لهذا الطرف أو ذاك.
كانت المرجعية الدينية العليا ترى أن الأمور سوف تتحسن عند اجراء الانتخابات حيث سيأخذ كل ذي حق حقه، إلا أن ظهور تقصير واضح من قبل الذين تصدوا للعمل السياسي في العراق من مختلف المكونات، من خلال ظهور التقسيم الطائفي للحكم في العراق ليس على أساس الكفاءة والمؤهلات، وكذلك استشراء الفساد المالي والاداري في كل مفاصل الدولة وعلى مختلف المستويات الذي لم يشهد العراق له مثيلا خلال تاريخه السياسي، وأخيرا أدى هذا التناحر بين الكتل السياسية والفساد المالي إلى سوء الخدمات وتزايد مستويات الفقر وسرقة المال العام ودخول المجموعات الارهابية والاستيلاء على مساحات واسعة من العراق، على الرغم من التحذير المستمر للمرجعية الدينية العليا للسياسيين من خطورة هذه الأمور على مستقبل العراق، ودعواتها المستمرة إلى الالتزام بحرية الشعب وتوفير العيش السليم له والحفاظ على المال العام، ومطالبتها المواطنين وفي بداية أي انتخابات على مستوى النواب أو المحافظات، إلى الاختيار على أساس الكفاءة والنزاهة لتولي المناصب العليا في البلاد، وذلك في محاولة لتغيير الوضع القائم وانهاء حالة الانقسام والفساد المستشري بالطرق الديمقراطية عن طريق الانتخابات، إلا أن الوضع بقي على حاله ولم يتغير، بل ازداد سوءا وترديا وانحطاطا! واستنادا لمقولة الحكماء: (ما وقع لم يقصد وما قصد لم يقع) نستطيع القول أن ما ارادته المرجعية من الرفاهية للشعب والاستقلال للوطن لم يقع، وما وقع من سرقة وترد للخدمات وانتهاك للسيادة لم ولن يقصد من قبل المرجعية الرشيدة، بل شاهدنا هذه الأمور من خلال السياسات الفاسدة لمن تصدوا للعمل السياسي بعد سقوط الصنم، أي أنه ما قصد من قبل المرجعية لم يقع، وما وقع من قبل الأحزاب لم يقصد من قبل المرجعية، وهذا واضح لكل متتبع لبيانات المرجعية وخطب الجمعة من قبل ممثلي المرجعية على مدى أكثر من عشر سنوات.
بل زاد من سوء الأمور بعد سقوط المحافظات الغربية بيد ارهابيي داعش وتهديدهم السلم الأهلي في العراق وتهديدهم باقي المحافظات ولاسيما المقدسة منها بالهتك والتدنيس والاحتلال، وما رافقه من قتل آلاف العراقيين في الموصل وصلاح الدين على أساس طائفي وعرقي وهدم للجوامع والمقامات الدينية والكنائس والمتاحف وما يمت بصلة لكل ما هو انساني وحضاري ومدني ومقدس، وعدم وجود قوات عسكرية نظامية من الجيش والشرطة قادرة على وقف تقدم الارهاب، أدركت المرجعية الدينية خطورة الوضع آنذاك، واحتمال انجرار البلاد للحرب الأهلية الشاملة التي لا تبقي ولا تذر، كل هذا حصل نتيجة تخاذل السياسيين والانقسام بين الكتل والأحزاب السياسية التي حذرت منه المرجعية مرارا وكرارا ولكن من دون جدوى، لذا انبرت المرجعية الرشيدة إلى اعلان الجهاد الكفائي وأن تأخذ زمام المبادرة في الدفاع عن الوطن والمقدسات والشعب، بعد سرد هذا الموجز تبين وبشكل واضح من الذي دافع وما زال يدافع عن العراق أرضا وشعبا ومقدسات، ومن الذي عرّض هذه المقومات إلى الخطر والتدنيس والابادة، المرجعية الدينية أم الأحزاب السياسية؟!...

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن الهاشمي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/06/01



كتابة تعليق لموضوع : من المسؤول... المرجعية أم الأحزاب
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net