صفحة الكاتب : علي علي

بين الواجب والمعروف
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 تتجلى قدرة البارئ في كل صغيرة وكبيرة مما يحيط بنا من الحقائق المرئية، أما التي لاتراها العيون ولاتدركها العقول فهي أكثر من ذلك بكثير، و قد صور شاعر هذا حين أنشد:
الكون مشحون بأسرار إذا      
حاولت تفسيرا لها أعياكا
وفي تنوع المجتمعات بأجناسها ولغاتها وألوانها حكمة كبيرة، لاسيما وقد قال تعالى: “وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا”. ومن هدي نبينا (ص) قوله: (الخلق كلهم عيال الله واحبهم الى الله احبهم الى خلقه). ولإمامنا وولينا علي (ع) في نهج البلاغة -وكل نهجه بلاغة- قوله الى مالك بن الأشتر: (يا مالك إن الناس صنفان؛ إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق). من هذا كله يتوجب على كل فرد منا ان يتعايش مع أخيه الإنسان في جميع بقاع المعمورة بروح الأخوة والتعاون بما يرضي الله، وعلى وجه الخصوص الذي توكل اليه مسؤولية قيادة مجتمع صغيرا كان ام كبيرا! فهو سيُسأل عن رعيته حتما ويثاب ان رعاها ويعاقب ان لم يرعها، اما غير رعيته فيتحتم عليه المعاملة معها بالحسنى، ومد يد الغوث والعون اليها عند تقلبات الأقدار عليها، وبذا يكون قد انتهج نهج الله ونبيه ووصيه، في صنع المعروف، بصرف النظر عن مردوده الآني والدنيوي لديه، فمن أدخل في حساباته ربح الدنيا فقط، عليه اتباع قول الشاعر:
من يصنع المعروف في غير موضعه
يجد حمده ذما عليه ويندم
أما الذي يضع في حساباته خدمة الناس دون البحث عن نفع وريع فوري، فعليه اتباع القائل:
 اصنع المعروف ولو في غير موضعه
  لايضيع معروف بين الله والناس
ويبدو أن مثلنا القائل: (كل حلو بيه لوله) والذي اعتدنا سماعه في حياتنا اليومية أنّى نكون في عراقنا، يحمل بين طياته من المعاني اثنين؛ الظاهر منهما ذم، فاللولة هي شائبة تلحق او تُلصق بشخص ما، وقطعا هذا أمر بديهي، فما من أحد منا يخلو من عيب بشكل او بآخر، وبدرجة أو بأخرى، ومن يبحث عن إنسان بلا "لوله" يعود من بحثه خالي الوفاض حتما، وقد قال شاعر:
ولست بمستبق أخا لاتلمه
على شعث أي الرجال المهذب
 أما الباطن من المعنيين فهو إقرار بأنه جميل وهذه "اللولة" لامناص من وجودها ضمن خصاله، ولامنقصة فيها لابن آدم إذ الكمال لله وحده. وبذا يكون الجانب السلبي في حياتنا موجودا شئنا أم أبينا، ومحظوظ من تمكن من مواراته وعدم تفعيله كي لايراه من هم بمعيته ويلمسونه فتُحتسب حينها نقطة ضده. الذي يحدث في بلدنا اليوم لم نكن نعهده من قبل فيه، وأراه محكا لنا ليتبين معدن كل منا على حقيقته.
ماساقني للحديث عن المعروف ومردوداته في الدنيا والآخرة، هو عناد ساستنا وأصحاب الشأن في القرار العراقي فيما هم ماضون فيه من إضرار متعمد بالبلد، وإصرار أولي الأمر على دفع عجلته نكوصا وانحدارا فيما يدور من أحداث سياسية واجتماعية فيه، وقطعا كل هذا يدفع ثمنه المواطن المسكين لاغير، وعنادهم وإصرارهم هذا لم تنفع فيه الدوافع الوطنية ولا المهنية ولا الأخلاقية ولاحتى الإنسانية، ولم ينصاعوا لحرام او عيب فيما يعملون، حتى أنهم لم يتخذوا من المعروف نهجا يديرون من خلاله واجباتهم على أقل تقدير، وأظن المواطن يرضى بالنزر اليسير مما يجودون به ولو من باب المعروف، فهل هم فاعلون؟ أم أن "اللولة" هي سجيتهم وطبيعتهم وديدن أخلاقهم في كل ما يفعلون!.
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/30



كتابة تعليق لموضوع : بين الواجب والمعروف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net