صفحة الكاتب : ايليا امامي

أحكامنا وفقه أئمتنا .. مادة للفكاهة !!!
ايليا امامي
 نتعرض الى ثلاثة أمور مهمة في هذا المقال 
 
 ______ الأمر الأول _______ 
 
@ ربما يتصور الكثيرون أن الإستهزاء بالأحكام الشرعية ظاهرة جديدة من مخلفات العلمانية أو الغزو الثقافي أو نحو ذلك .. ولكن الحقيقة أن هذه الحالة موجودة منذ زمن طويل . وسيأتي الشاهد على ذلك . 
 
@ علينا ان نفهم ان الاحكام الشرعية تكليف .. والتكليف يعني تحمل الكلفة .. التي تارة تكون كلفة مادية بالتطبيق وأخرى تكون معنوية بتقبل الحكم والخضوع لإرادة المشرع . 
 
@ وفي سلم الخضوع للأحكام تفاوت كبير بين الناس : 
 
١)) فمنهم من تجده في أعلى درجات التسليم والقبول _ ليس بمعنى إلغاء عقله كما يتوهم البعض _ بل لثقته بالمشرع الإسلامي كما سنبين . 
 
@ وبصرف النظر عن سند الرواية الآتية ولكنها ترسم صورة جميلة لهذا الصنف من الناس الذي لا يشكك بحكمة المشرع : 
فقد روي عن عبد الله بن أبي يعفور قال : قلت لأبي عبد الله الصادق عليه السلام : والله لو فلقت رمانة بنصفين فقلت هذا حرام وهذا حلال ...  لشهدتُ أن الذي قلت حلال حلال .. وأن الذي قلت حرام حرام . 
فقال عليه السلام : رحمك الله رحمك الله .
 
@ وكذلك نجد الإمام عليه السلام يترحم بنفس الطريقة على شخص من الصنف ذاته : 
 
فقد روي عن زيد الشحام قال : قلت لأبي عبد الله عليه السلام : إن عندنا رجلاً يقال له كليب لا يجيئ عنكم شئ إلا قال: أنا أُسلم، فسميناه ( كليب تسليم ) 
قال : فترحم عليه _ الإمام _ ثم قال : أتدرون ما التسليم ؟ فسكتنا.
فقال : هو والله الاخبات .. قول الله عز وجل : " الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم ". 
الكافي ج ١ ص ٣٩١ 
 
@ لاحظوا أيها الأحبة كيف ربط الإمام عليه السلام بين الوثوق بأحكام الشرع والتسليم لها وبين الإخبات .. فالاخبات بمعناه اللغوي هو الخشوع والتواضع وهذا التواضع ماكان ليتحقق لولا ثقته بأهل البيت وحكمة تبليغهم للتشريعات السماوية . 
 
٢)) وصنف آخر من الناس على عكس الأول .. يتمردون على الأحكام ويحتجون عليها ويستهزؤون بها والعياذ بالله .. 
 
فقد روي عن جابر، أن رجلاً جاء الى مولانا أبي جعفر الباقر عليه السلام فقال : وقعت فأرة في خابية فيها سمن أو زيت فما ترى في أكله ؟ 
قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : لا تأكله . 
فقال له الرجل : الفأرة أهون علي من أن أترك طعامي من أجلها !! 
قال : فقال له أبو جعفر عليه السلام : (( إنك لم تستخف بالفأرة، وإنما استخففت بدينك )) 
وسائل الشيعة ج١ ص ٢٠٦ 
 
والقلوب بين هاتين الدرجتين على منازل .. بين من يتأثر بمجرد برنامج هزلي ... وبين من لاتهزه ألف شبهة . 
 
_____________________ الأمر الثاني ____________________
 
@ لاتتعبوا نفسكم مع أي شخص تجدون في قلبه تمرداً على الأحكام الشرعية .. بل قوموا بشرح هذا التفصيل البسيط له .. فإن قبله فقد هدى الله قلبه .. وإن أنكره فهو الداء الذي لادواء له . 
 
@ الناس في تعاملها مع أحكام الدين على ثلاثة أصناف : 
 
١)) صنف وقع في التفريط ..  فعطل عقله عن العمل تماما .. بحيث وصل الى مرحلة القبول بالمتناقضات بدعوى أن الدين يريد ذلك ويأمرنا أن لانناقش  .. على طريقة ( سيدنا رضي الله عنه قتل سيدنا رضي الله عنه ) . 
 
٢)) صنف وقع في الإفراط .. فأراد لعقله أن يصل الى جميع غايات الأحكام الشرعية ومقاصدها الخفية .. بل وأخضعها للعلوم التجريبية !!
وليت الشعارات الجميلة التي يحملها هؤلاء كتحرر العقل وطلب الدليل .. يقابلها جهد حقيقي في دراسة مباني الدين قبل نقدها . 
 
٣)) صنف ثالث لزم النمرقة الوسطى .. فهو يطير بجناحين لفهم الدين : 
 
# الجناح الأول : ( ملازمة حكم الشرع للحسن والقبح الذاتيين في الأشياء ) 
بمعنى أن العقل يؤمن ويعرف بحكمة الدين وأنه لايأمر بشيئ إلا لمصلحة ذاتية فيه .. ولاينهى عن شيئ إلا لمفسدة ذاتية فيه . 
وهذا المبدأ الأصولي والكلامي .. الذي تقول به الشيعة  .. يطلق عنان العقل للتأمل والتفكير والبحث المستمر في مقاصد الشريعة وأسرار أحكامها ليكتشف هذه المصالح والمفاسد الكامنه في الأشياء . 
 
# الجناح الثاني : ( التعبد ) 
وهو يعني أن العقل إذا وصل الى نتيجة من البحث فهو خير .. ولكن إذا لم يصل فعليه أن لا يفقد ثقته بالمشرع .. فالطريق لازال طويلاً والأسرار تنكشف على مراحل .. ومابقي منها مصوناً في أستار الغيب فلحكمة خالقه سبحانه وتعالى .
 
@ وبعبارة أخرى أن المؤمن بين دفع ومنع في آيتين من كتاب الله :  
 # ( وقل رب زدني علما ) تدفعه الى إظهار طاقته العقلية في البحث والسؤال والمناقشة  . 
# ( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ) تمنعه من إقتحام ما لا يدركه وما يفتقد آليات فهمه . 
 
@ ونختم هذا الأمر الثاني برواية مباركة عن جابر عن أبي جعفر الباقر عليه السلام : 
(( قال رسول الله صلى الله عليه وآله :  إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للايمان .. فما ورد عليكم من حديث آل محمد صلى الله عليه وآله فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه .. وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد .. وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشئ منه لا يحتمله، فيقول : (( والله ما كان هذا والله ما كان هذا)) والانكار هو الكفر)) . 
الكافي ج ١ ص ٤٠١
 
@ وخلاصة الامر أن هذا الاستهزاء انما هو من الامور الخطيرة لانه لايدل على مجرد إعتراض بل على إختلال هذه المنظومة برمتها .. 
وقد نقل أنه في وحدة الاستخبارات الامريكية لايسمون  المشكك بالأوامر االمتردد في تنفيذها بانه لايثق بالقوانين بل يسمونه ( لايؤمن بأمريكا ) . 
 
_________________ الأمر الثالث _____________________
 
والآن دعونا في هذا الأمر الثالث نستعرض كيفية تعامل هؤلاء المعترضين مع أحكام الدين في نقاط سريعه ونترك الحكم للقارئ الكريم : 
 
١)) قبل أن يستهزء هؤلاء هل هم واثقون من دقة نقلهم ؟؟  .. فبالنسبة لنا نتفاجأ كثيراً بأحكام يحتجون بها علينا ولانقول بها أساساً !! 
 
٢)) إذا كان هؤلاء واثقون من دقة نقلهم فهل هم واثقون من تفسيرنا ليعترضوا عليه ؟؟ فالنسبة لنا نسمع أحكاماً يحتجون علينا بعد أن يفسروها بمزاجهم تفسيراً لا نقبله !! 
 
٣)) وإذا كان هؤلاء واثقون من نقلهم وتفسيرهم .. فهل هم واثقون من كيفية تطبيقنا للأحكام ومتى وأين ؟؟ فكثيراً ما نسمع منهم إعتراضات على أحكام كالرجم والقصاص وغيرها .. وكأننا نعلق المشانق وننصب المنصات .. ويغضون الطرف عن شروط تطبيق هذه الأحكام وحالاتها النادرة . 
 
٤)) ثم ألستم تقولون بفصل الدين عن الدولة ؟؟ نحن كذلك نطالبكم بفصل الدين عن الشعر والخطابيات والإنشائيات .. 
# فالتسليم للدين عندكم ( تحجر ) والتمرد عليه ( تحرر ) 
# والألتزام بالحكم الشرعي عندكم ( إنغلاق ) والإنفلات منه ( إنعتاق ) 
# والناهي عن المنكر عندكم ( متطرف ) والعامل به ( متثقف ) 
 
وهكذا صار الدين عندكم حرب كلامية .. يخدع بها السذج من الناس
 (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ(٢٠٤)) البقرة .
 
 
@ نقول لهؤلاء : إذا كنتم تشاهدون الضجة التي يلقاها الأزهر من الليبراليين .. بسبب مناهجه التعليميه أو ما تتضمنه صحاح السنة من احاديث لايريدون الإعتراف بضعفها أو يعجزون عن تفسيرها .. ثم ترغبون في نقل التجربة الى العراق .. فأنتم واهمون . 
 
# في مذهبنا لامكان لكتاب مقدس عن النقاش والتمحيص .. أو رواية تأخذ بأعناقنا الى حيث التنافي مع العقل والقرآن .
 
# في مذهبنا لامكان للتناقض المستحكم .. ولا إحتكار للحقيقة . 
 
# في مذهبنا لامكان لتعصب الكنيسة وأحكامها التعسفية .. ولا لجمود هيئة كبار العلماء ومنعهم من الحوار .. بل نحن أصحاب الدليل وحوزة البحث العلمي .. ولكن بشرط أن نرى ونجالس  أهل الميدان  وأرباب البحث .. وليس فقهاء الفيسبوك . 
 
# في مذهبنا .. هناك ( البحث الخارج ) وهو ساحة المنازلة العلمية بين الفقيه ومن يجلس تحت منبره .. البحث الخارج عن حدود التحجر والإقصاء والخوف من الحقيقية .. بشرط أن تخرج أنت عن التندر والتهكم واللاموضوعية . 
 
# في مذهبنا .. تصنع هذه الحوزة رجالاً للدين مستقلين عن الدولة يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف .. ويصورهم الإعلام أباطرة من التجمل .. ليسوا عالة على الدولة ينفقون من ميزانيتها ويخضعون لحاكمها .. وتتحكم بهم الرواتب والمناصب .. ليأتي ناقم أو حاقد أو جائع فيصب جام غضبه على وعاظ السلطان وكهنة المعبد . 
 
# في مذهبنا رجال للدين صنعتهم حكمة أمير المؤمنين .. فهم أول الحاضرين في ميدان النزال العلمي .. حتى تنحني الرؤوس لعبقرية محمد باقر الصدر .. وتذعن النفوس لفقه أبي القاسم الخوئي .. وتخشع الأصوات لفلسفة محمد حسين الطباطبائي . 
 
# في مذهبنا رجال للدين شهداء .. صنعتهم نهضة الحسين .. فهم أول الحاضرين في ميدان النزال الدامي .. لتسقى بعروقهم شجرة الإسلام .. وتهتز الأرض لمشتاق الزيدي .. وتنمو الثمار بلقمان البدران . 
 
@ فإطلبوا الفكاهة والتهكم في غير مذهبنا .. فنحن الإستثناء الوحيد ياعباد الموظات ..وغيرنا لايحرص على دينه لأنه ماجاء بتعب .. فلطالما كان مع السلاطين .. أما نحن فبالدماء بنيناه .. وما بني بالدم .. لا تهدمه فكاهة المفلسين . 
 
@ قال علي عليه السلام : (( أما والله ما قاتلت إلا مخافة أن ينزو فيها تيس من بني أمية فيتلاعب بدين الله)).
 
@ هؤلاء المساكين ينادون بالتحرر من أحكام الدين .. بينما لايجرؤون على التحرر من أحكام الموظة ومايراه مصمم الأزياء من حكمة في تمزيق البنطلون أو تركه يتدلى مثل الحفاظة أو يوماً عريض ويوماً ضيق ويوماً قصير ويوماً طويل او غير ذلك !!. 
 
@ هؤلاء المساكين ينادون بعدم الخضوع للمشرع الإسلامي رغم أنه صاحب إختصاص في مجاله .. بينما تخضع رؤوسهم لساعات تحت رحمة الكوافير ( الأختصاص ) وما يراه مناسباً من قصات الشعر التي تشبه منطقة محررة بعد القصف !!. 
 
@ وعلى كل حال أحبتي .. فهذا الإختبار هين وبسيط قياسا بما ينتظر الناس من هزات عنفية .. وهي دعوة للمبلغين الكرام لشحذ همتهم وإحتضان الجيل فالشباب أصبحوا اليوم ( لمن سبق ) 
 
@ عن الإمام الصادق عليه السلام : (( بادروا أحداثكم بالحديث قبل أن تسبقكم إليهم المرجئة )).

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ايليا امامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/25



كتابة تعليق لموضوع : أحكامنا وفقه أئمتنا .. مادة للفكاهة !!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net