صفحة الكاتب : د . ليث شبر

نظام المحاصصة وحكومة التكنوقراط
د . ليث شبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 بني النظام الحكومي في العراق على المحاصصة منذ أول تشكيل بعد احتلاله وكان مجلس الحكم الأساس الأول الذي بنيت عليه كل التشكيلات الحكومية فيما بعد ولم يكن ذلك وليد صدفة أو وليد اللحظة ذلك أن القوى المعارضة التي كانت خارج البلاد ثم جاءت فتسيدت في العراق كانت جلها مبنية على هذا الأساس ولذلك حين تشكل مجلس الحكم كان القالب الجاهز لديه هو تقسيم الحصص حتى في رئاسته لكل شهر..
وهكذا كانت حكومة مجلس الحكم أيضا ثم جاءت حكومة علاوي وحكومة الجعفري فتطور مفهوم المحاصصة الى الدرجات الدنيا في الدولة وكان التقسيم وقتها شيعة .. كرد .. سنة .. أقليات .. وبعدما تدهور الوضع الأمني وأصبحت البلاد في خطر الحرب الأهلية الطائفية بعد أن سميت المحافظات التي تؤوي الإرهاب بالمحافظات الساخنة علا صوت المحاصصة ولبس ثوب الطائفية ولم ينفع الدستور الذي كتبه الشيعة والكرد وقسم من السنة في وضع العراق على السكة الصحيحة لبناء دولة مدنية بعيدة عن المحاصصة تحفظ حقوق المواطنين ويكون تمثيلها على أساس الانتخابات لا على أساس الطائفة والقومية فالدستور لم يذكر أبدا المحاصصة ولم يقل أبدا رئيس وزراء شيعي ورئيس جمهورية كردي ورئيس برلمان سني وهكذا دواليك ولم يذكر حكومة الشراكة ولاحكومة الوحدة الوطنية ولاحكومة التكنوقراط ومع هذا فقد استفحلت المحاصصة في الدولة كلها ثم اصبحت الطائفية والتكرد ركناها ثم تغلغل التحزب فيها بعد أن تولى المالكي ولايته الثانية فأصبحت الدولة كلها بحكومتها الاتحادية وحكوماتها المحلية وحكومة الإقليم في صراع دائم على المناصب والتعيينات لا على المناهج والخطط والبرامج فتحولت الدولة الى قطاعات سياسية وإقطاعات إدارية ولد فسادا ماليا وإداريا هائلا كانت تغطيه الأموال المليارية والميزانيات الانفجارية وعمليات التوظيف الفضائي ليولد بطالة مقنعة زادت من انحدار البلاد وقللت من الاستثمار وحولت الدولة الى منظمة خيرية للرعاية الاجتماعية فأضحى لدينا مجتمعا مستهلكا غير منتج ولاينفك بالمطالبة بالمزيد.. ولم لا ؟ وهو يرى بأم عينيه من كان فقيرا فأصبح ملياديرا ومن كان معارضا أصبح في سدة الحكم ويسكن القصور بعدما كان يسكن كوخا او بيتا متواضعا و و و و والناس تسمع وترى..
هكذا مضت البلاد وهكذا تغولت أحزابها فأصبحت خزائن الدولة بيد منتسبيها وأعوانها وتجارها وموظفيها ومتملقيها ..فنشأت المافيات المنظمة وقسمت الغنائم بالتوافق ..وتعلو الأصوات حينا وتخفت حينا وليس من سبب لذلك إلا لخلل في تقسيم الغنائم أو اعتداء على حصة آخر..كل الأحزاب اشتركت في هذه العملية وكلها تغولت بسبب ماحصلت عليه من أموال بحق أو غير حق ولذلك لم يستطع أن يظهر جيل سياسي وطني ولن يظهر في المدى القريب أبدا لأن المحاصصة أصبحت من أساسيات النظام الحالي ومعيشة المكونات السياسية وبقاؤهم مرتبط به ..
واليوم هل يمكن أن ينتج لنا هذا النظام حكومة تكنوقراط ثم بعد ذلك دولة مدنية غير مبنية على المحاصصة..
هل يمكن لرئيس وزراء حزبي جاء على أساس المحاصصة أن يقود حكومة تكنوقراط..
هل يمكن لبرلمان بني على المحاصصة ولجانه التي تدرس وتقيم السير الذاتية للمرشحين أيضا مبنية على المحاصصة هل يمكن لهذا البرلمان أن يصوت على حكومة تكنوقراط..
هل يمكن لعراق تقوده ثلاثية محاصصة رئيس وزراء شيعي ورئيس جمهورية كردي ورئيس برلمان سني أن يتخلى عن المحاصصة..
الجواب يكمن في قاعدة فقهية عتيدة تقول: فاقد الشيء لا يعطيه.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . ليث شبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/04/05



كتابة تعليق لموضوع : نظام المحاصصة وحكومة التكنوقراط
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net