صفحة الكاتب : حيدر المحرابي

يستريحونَ قليلاً، لكنّهم يعودون.. يتكاثرون
حيدر المحرابي

 "اسمع، اربط هذه الوَصلَة مع هايه، وبعدها خلّي الصاعق بين القطن حتى يستريح هههههه"

كان "الحجّي" يُعيد شرح استخدام الحزام الناسف لشابٍ قبل انطلاقه بعد ساعات لهدفه. الشاب، وهو عربيّ أصيل، أعاد تمثيل العملية عدّة مرّات لـ "الحجّي" في الغرفة التي لم يكن فيها باب، وتُطلّ على باحةٍ خارجيةٍ غطّت إحدى زواياها خزّانات وقود وصناديق خشبية مملوءة بمواد متفجّرة.
سألهُ الشاب العربي: "وكيف يستريح الصاعق؟" فأجابهُ الحجّي بلهجةٍ عراقية: "انت ما لك علاقة.. بس يصير هناك يستريح".. 
"ههههههه حجّي على كيفك وياه يمعوّد، تره ما يفهم عليك" قال أحدُ المقاتلين العراقيين الذين كانوا في الباحة ينقلون شحنة أسلحة من سيّارة حملٍ كبيرة أدخلت مؤخرتها في الممر الذي يربط الباحة بباب المزرعة التي اتخذوها مع مجموعة بيوتٍ مجاورة مكاناً لانطلاق عملياتهم داخل العاصمة بغداد. 
"اسمع يا شيخ" قال الحجّي للشاب: "بعد قليل سنصلّي الفجر، ادعُ الله تعالى أن يُثبّتك.. والله إنكَ سترى بعد ساعاتٍ أفخاذ حور العين"
- الأفخاذ؟ يعني مش وجوههنّ؟
- لا يا شيخ، انت راح تستريح على الأرض، وعيناك للسماء، والحوريات لا يأتين من المول، بل من فوق.. فبطبيعة الحال سترى الأفخاذ أوّلاً!
- "اللهم نسألك الثبات، اللهم نسألك الثبات".. ردّد الشاب وهو يتحسس الحزام الناسف الذي أتمّ التدريب على استخدامه.
ارتدى ثياباً تُشبه ثياب الناس هناك، وكيف يلبسُ أولئك غير ثياب الكَسَبة، وما "يكشخ" به الشبابُ الواعد.. بضاعةٌ تركية ملأت أسواقهم، رغم أنهم لا يُحبّون "أردوغان" ويُسمّون رئيس وزرائه "فارة".
- لا والله ما يصير.. سعرها نهائي ودعاتك
- حجّية بيش كيلو الطماطة اليوم؟
- الله وكيلك هايه آخر فرصة للعبادي
- يا ولد، تعال جيب العربانة
- أبو الشباب ألگه عندك بنطرون بوري؟
- يابه على كيفكم أغاتي والله ما طايرين!
- والعباس چنت بساحة التحرير
- عمّي انتو تشترون لو بس تبيعون؟
- أوگف أوگف خل اصورك
- لك شفت الفيلم البارحة؟
بُمممممممممممممم 
استلقى الجميعُ على الأرض.. "الشابُ الأصيلً"  كانَ رُبعاً مُلقاً على وجههِ، تخيّل أنّ يديه بخير؛ فيديرُ ربع جُثته للأعلى لكنهُ لم يستطع.. 
"لا بأس أن أرى وجوه الحوريّات أولاً، الأفخاذ وغيرها لاحقاً، المهم أن يأتينَ فيعدلنَ نومتي".. تحدّث الشاب الأصيل وأنفهُ في التراب، وعيناه ترقب الصمت الذي أطبق على أهل السوق. ما زال دويُّ الصاعق في أذنه، والدخان وحّد الألوان، رماديٌ، أسودٌ، بُنّيٌّ.. الكلُّ ساكت، يستطيع رؤية أشلاءهم، بضعةَ أرجلٍ، بضعةَ رؤوس، بضعة لحمٍ حار.. 
"لم يأتينَ بعد، وش بلاهن؟" 
ظلّ يراقبُ ما حوله فأحسّ بحركة..
"قامَ صبيٌ، وذاك آخر، لا بُدّ أنهما لم يموتا" قال الشابُ العربي.
قامت تلك المرأة، وذلك الشيخ مع أحفاده. قام الشباب عند عربة العصير، وتلك الفتاة قامت وهي تعيد ربط حجابها.. هذا الرجل قام ليُكمل حديثهُ مع صديقه عبر هاتفه الجوّال الذي تضرر ببسبب الانفجار!
- نزّل إلنا شويه من السعر..
- بثنين وربع يمّه
- شفت ابن السيّد اشسوّه بيهم!
- صار صار عمّي
- خلصن والله، باچر بضاعة جديدة جاية من تركيا
- بس من رخصتك خل افوت..
- ولك ما شفتك الجمعة؟
- نبيع ونشتري حجّي.. شنو عندك؟
- إي بشرفك صوّرني..
- لا والله نمت من وكت
- عمّي هايه الزبالة منو يشيلها؟
- شالوها!
قاموا.. يستريحونَ قليلاً، لكنّهم يعودون..
يتكاثرون..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر المحرابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/13



كتابة تعليق لموضوع : يستريحونَ قليلاً، لكنّهم يعودون.. يتكاثرون
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net