صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

"أبو زوعة" والجنرال مود!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الجنرال فردريك  ستانلي مود (1864-1917) هو القائد الإنكليزي للقوات العامة في العراق الذي أسقط بغداد وبلا قتال في 11\3\1917 , وقال كلمته المشهورة في 19\3\ 1917 "جئنا محررين لا فاتحين", ومضى في ملاحقة الجيش العثماني ودخل معه في معارك متعددة كمعركة سامراء (إصطبلات) , وفي ديالى والرمادي وتكريت ومضى شمالا إلى الموصل.

 

وتوفي ببغداد في 18\11\1917 مصابا بمرض "أبو زوعة" , "الهيضة" أو " الكوليرا". 

ويقال أنه في مساء يوم 12\11\1917 قد حضر حفلة في مدرسة الأليانس اليهودية  ببغداد , وتناول فيها الحليب الملوث , وبعد عودته إلى بيته شعر بتوعك في صحته , ثم إشتد عليه المرض  الحاد فمات به , ودفن في المقبرة الإنكليزية قرب باب المعظم.

 

وأقيم له تمثال أزيح الستار عنه عام 1923 أمام مبنى دائرة المندوب السامي البريطاني بالكرخ وأصبح المبنى فيما بعد مقرا للسفارة البريطانية , وفي صبيحة 14\7\1958 , أسقطت الجماهير الثائرة التمثال.

 

بغداد التي توالت عليها الهجمات  منذ أن بناها الخليفة العباسي الثاني أبو جعفر المنصور , في الثلاثين من تموز عام سبعمئة وإثنين وستين ميلادية ,  لتكون مدينة مدورة وعاصمة للدولة العباسية والحضارة الإنسانية , ولتبث أنوارها الساطعة في أرجاء الدنيا فتبغددها , وتنقلها إلى آفاق التمدن والتحضر والثقافة والرقاء والجمال.

 

ولم يكن إختياره الشكل الدائري للمدينة عبثيا , وإنما ينطوي على فلسفة التواصل والدوام , فالدائرة مسار مغلق لا يعرف النهاية والبداية , والموجودات الكونية الخالدة تتصف بالدائرية والكروية , وهذا معناه أنه أرادها أن تكون مدينة متسرمدة في الأرض.

 

وقد إجتاحتها الجيوش تلو الجيوش , وأمواج الوحوش بعد الوحوش , وجميعها خابت وخبت , وبقيت بغداد عصية على الفناء , بل تزداد تجذرا ورسوخا في قلب التأريخ والحياة.

 

وهذه الأيام تمر الذكرى التاسعة والتسعين لإحتلالها من قبل الجيش الإنكليزي , الذي لم يتمكن البقاء فيها لأكثر من بضعة سنوات , فتأسست مملكة العراق في الثالث والعشرين من شهر آب عام ألف وتسعمئة وواحد وعشرين ,  التي إستمرت حتى الرابع عشر من تموز عام ألف وتسعمئة وثمان وخمسين.

 

وما إنطلت على العراقيين كلمات "مود" في ذلك الوقت , وتجدهم اليوم يواجهون ذات الكلمات والشعارات المبرقعة المُضللة , التي تستنزف ثرواتهم وتشردهم وتقهرهم , وهم يحاولون التحدي والمقاومة الحرة الشريفة , لإعادة الروح البغدادية والطبيعة العراقية إلى أصلها الجامع المتآلف الوهّاب , وستنتصر بغداد على حاضرها الأليم , كما إنتصرت في ماضيها على كل معتدٍ أثيمٍ , أراد النيل منها وتغييب دورها وإضعاف وجودها الحضاري.

 

وستتسع دائرية بغداد لتضم معالم الإنسانية وحواضر الدنيا , وستدور الدوائر على البغاة والجناة الذين يعادونها , وستهزمهم بغداد!!


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/03/12



كتابة تعليق لموضوع : "أبو زوعة" والجنرال مود!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net