صفحة الكاتب : علي هادي الركابي

الأمام السيستاني حبر الأنسانية
علي هادي الركابي

 الغوص في أعماق الرجال ،يتطلب معرفة تامة بكلّ تفاصيل التاريخ الحقيقي وغير الحقيقي لهم،فأيّ تقييم غير موضوعي ،سيحرف التاريخ سلباً أو ايجابباً حسب مقتضيات الأوضاع السياسية والأجتماعية لأيّ أمة في التاريخ ،كل ذلك ،لذوي العقل ،يخضع لظوابط التقييم المنصف ،وأهم تلك الظوابط هو الضمير .

 
لكل مرجع من مراجع الدين الشيعة ،دوٌر في زمانٍ ومكانٍ معينين ،عند دراسةالدور السياسي لكلٍ من الأمام محسن الحكيم ،نراه يختلف عن دور الأمام الصدر الأول ،ودور الشهيد الصدر الثاني, يختلف عن دور السيد محمد باقر الحكيم, ودور الأمام الخوئي يختلف عن دور الأمام السيستاني وهكذا ،بالأعتماد على العوامل القومية والأقتصادية والسياسية لفترة كل منهم .لنترك كل ما لم نعشه ،لمن عاش معهم ،ونتفرغ لدراسة ماحصل وراء سقوط الطاغية بأمعان وتصرف وأحتراف ،ليس لشيء ،سوى التدوين فالتاريخ لايرحم ،وأحياناً يقسي ،بقسوة ماحصل .
بعدعام 2003 ، الأمام السيستاني قاد سفينة نجاة العراق ،بطريقةٍ أذهلت العالم ،فقد وُفق في أفشال جميع المخططات الرامية ألى أحداث الحرب الأهلية وتقسيم البلاد والقتل والتهجير الطائفي فاتجه صوب الأنتخابات وأقرار الدستور الدائم للبلاد وتشكيل الحكومات لأدارة شؤون الناس ومصالحهم ..
مرجعية الأمام السيستاني تُعتبر من أطول المرجعيات عمراً فقط بلغ عمر مرجعية الأمام الحكيم 22 عاماً, ومرجعية الأمام الخوئي 20 عاما،أما مرجعية الأمام السيستاني أطال الله عمره الشريف أكثر من 26 عاماً ، وكل ذلك له أرتباط غيبي بالخالق سبحانه وتعالى لحاجة المسلمين والأنسانية العظيمة له في هذا الوقت.
الأمام السيستاني لم يفّرق يوماً بين المسلمين, ولاحتى غيرهم ، ولذلك أطلق عبارته المشهورة والتي كان من الحق لها أن تأخذ جائزة نوبل للسلام ((السنة أنفسنا ))،والتي حفظت دماء العراقيين من أن تسيل في الشوارع وأنقذت البلاد من حربٍ أهليةٍ حادثة لامحال بعد تفجير قبة الامامين العسكريين (عليهما السلام) .
الأمام السيستاني في أكثر من مناسبة ،كان صمام الأمان للعراقيين جميعاً في العراق وفي خارجه ،في جميع ما ممر به العراق سياسياً وأجتماعياً ،كان لايفرق بين أحد, كلّ العراقيين ،ويعتبر كلّ عراقي مواطن له حقوق وواجبات،كل مع القانون والدولة ،وضد من يخالفهما ويعبث بالممتلكات العامة ،ونتذكر موقفه بداية سقوط النظام في حفظ الممتلكات وتشكيل اللجان الحوزوية في حفظ الدماء والأعراض والممتلكات،وكان موقفاً مشابهاً تماماً لموقف أستاذه الأمام الخوئي في عام 1991 أبان الأنتفاضة الشعبانية .الأمام السيستاني كان حذرا من التعانل لامع الجميع في اثارة اي نوع من انواع مواقف الشخصنة طائفياً أو قومياً,فالكردي والشيعي والسني والتركماني والأيزيدي والمسيحي والكلداني والآشوري كلهم عنده سواء انه رجل أنسانية.
الأمام السيستاني لايؤمن بولاية رجل الدين المطلقة في الدولة،فهو من رجال المرجعية التقليدية, التي تبني الدولة المدنية المتعشقة مع الدين, على حساب الدولة الراديكالية المتشددة ,التي تكون على مسافة واحدة من ابناءها في كل شيء .
الأمام السيستاني -وللتاريخ -تُرك وحيداً في الساحة خُذل من الحكومة والشعب معاً ،فظُلم ظلامة كبيرة في موضوعيين مهمين :عندما نادى بعدم أنتخاب الفاشلين والسراق والخونة (المجرب لايجرب )ومع الأسف اتجه الكثير نحوهم لحلاوة دينارهم القبيح،والثانية عندما نادى بالأصلاحات في الدولة العراقية،فُخذل ثانية من قبل أصحاب القرار ، بالتسويف والمماطلة.
الأمام السيستاني ،بفتوى الجهاد الكفائي أنقذ العالم الأسلامي والعراق بالخصوص من محرقة أسمها داعش ،فعلم العالم عندها من هو السيد السيستاني، وكيف دب خطابه في عروق مئات الملايين من المسلمين في العالم وحتى من غيرهم.
مظلومية الأمام السيستاني ،ستتحدث عنها الأجيال يوماً ما،عن رجلٍ أعطى كلّ شيءٍ للأنسانية،أعطى حياته وسمعته وجهده ،من أجل بناء الأنسان، قبل بناء الدولة ،لم يأخذ شيئاً, سوى بيته القديم الذي يسكن به أيجاراً منذ ربع قرن ،تأسياً بعلي (عليه السلام) ،الذي وعده بأن يصون الأمانة ولايخذله, فكان خير الواعد …وخير الموعود ..ألى أن يأخذ الله أمانته، عندها ..سيجتمع الخصوم عند الله …وسيحدّث الله بما لاقاه من ظليمة .
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي هادي الركابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/13



كتابة تعليق لموضوع : الأمام السيستاني حبر الأنسانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net