صفحة الكاتب : ادريس هاني

الانتصار السوري "كان" وليس "يكون"
ادريس هاني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
انتصار سوريا حقيقة تأكّدت في الماضي وليس في المستقبل. من هذه الناحية هناك فقط تحصيل حاصل..سوريا انتصرت في عام 2011م، لمّا أبطلت كل مفاعيل لعبة الأمم القاضية بالتدخل..لقد فرضت حصارا على إرادة التدخل التي باتت مستحيلة منذ ذلك التاريخ. انتصرت حينما أعلنت واشنطن يومها بأنّه لم يعد هناك مجال للتدخل في سوريا.. لم يبق بعد ذلك سوى مآمرة بديلة هي الاستنزاف.. والاستنزاف ليس انتصارا للعدو بل ورطة له سرعان ما جعلت العالم على شفا حرب عالمية مع دخول روسيا طرفا مباشرا في الحرب..انتصار 2016 هو إكمال لمسلسل الانتصارات الميدانية على الاستنزاف..أما انتصار 2011 فهو انتصار استراتيجي أدخل سوريا يومئذ في دائرة الممتنع عن التّدخّل المباشر. حينما نتأمّل مسلسل التآمر على سوريا نجده قديما جدّا، يعود إلى عهد الاستعمار الفرنسي. لكن سوريا استمرت عصية على التقسيم. سوريا عظمى إلى جانب كيان إسرائيلي يعاني من فوبيا الاحتجاز:(Claustrophobie)، يعدّ في المنظور الجيوسياسي والسيكوسياسي الصهيوني أمرا غير طبيعيّ..وفي هذا السياق كان لتركيا دور كبير في الحرب القائمة ومحاولة تفتيت سوريا. لا أدلّ على ذلك من أنّ المسلحين كلما خسروا معركة كلما هربوا باتجاه الحدود التركية. قبل دخول روسيا على خط المعركة كانت الحدود السورية ـ التركية مستباحة مائة بالمائة من قبل القوات التركية. وكان وضع المسلحين مريحا إلى أقصى الحدود. فمن هنا تؤمّن كل حاجيات المسلحين بما في ذلك الأسلحة. مشكلة سوريا أنّها وجدت وسط جيران متورّطين في تدمير سوريا والتآمر عليها تاريخيا. لكن لا ننسى أنّ حرب الخمس سنوات من شأنها أن تجعل الجيش العربي السوري متقدّما، بل هي أكبر عملية تدريب واختبار لهذا الجيش.. انتصرت سوريا تاريخيا بينما كان العدوّ يحصي انتصارات كاريكاتورية قائمة على الكر والفر.. قطعت طائرات السوخوي لعبة الكر والفر التي شكلت أسلوب المسلحين في حجز المناطق في الضواحي والأرياف..كما حيّدت السوخوي لعبة إسناد المسلحين من قبل قوات حدودية لدول الجيران..ميدانيا لا يوجد إلاّ الجيش العربي السوري والقوى الصديقة أي المقاومة.. وهذا إنما يؤكّد أنّ المسلحين استمدوا كلّ قدراتهم من الدعم اللاّمحدود من قبل دول إقليمية صنعت منهم جيشا يفوق قدرة الجيوش الوطنية لدى دول إقليمية كثيرة..الانهيار الاقتصادي الذي يواجه المحاور الإقليمية التي ساهمت في تمويل المؤامرة يثبت دراماتيكية انهيار المشروع الرجعي في المنطقة..
لقد استطاع الجيش العربي السوري مسنودا بالقوى الشعبية والمقاومة فك الحصار عن جزء من أراضيها بينما المساعي قائمة في جنيف لتحديد لائحة المفاوض المفترض من جانب "المعارضة"..وكلما تلقّت المعارضة ضربة في الصميم كلما أصيبت بالإحباط..ديمستورا حاول إقناع الطرف السوري بالمضي في مسرحية التفاوض بالمجموعة الناقصة من المعارضة التي فشلت في تكوين فريق منسجم ويغطي كل الطيف والشوارما المعارضة..رفض الطرف السوري الدخول في مفاوضات مع لائحة "مكركبة" من أعضاء المعارضة "الريّاضية" هو مشروع من الناحية الشكلية أيضا..يجب أن تمضي اللعبة على قواعدها كلّها..مع أنّ الكل يدرك أنّ الحقيقة لا توجد في الحلّ السياسي..
إنّ الوهم الكبير هو الحديث عن حلّ سياسي في سوريا..هذا الذي يسمونه الحل السياسي هو جزء من اللعبة نفسها..لعبة اصطنعتها القوى الإمبريالية وحركت خلفها المنظومة الرجعية وتكيّف معها اللاّعب السياسي في منظومة الممانعة..ولا بدّ لكل مؤامرة ولكل حرب أن تصرف صرفا سياسيا بالنتيجة..لكن علينا أن لا يستغفلنا الوهم الكبير..إنّ الحلّ في سوريا منذ البداية كان لا بدّ أن يكون حلاّ عسكريا..جون كيري الذي يعتبر هو ومنظومته التي يمثلها بأن سوريا تسعى لفرض الحل العسكري فقط لأنها حررت جزءا من شعبها المحاصر في نبل والزهراء يؤكّد أنّ الحصار على المنطقة كان أكبر من كونه حصارا من قبل التنظيمات الإرهابية..لقد ساءهم أن تحرر شعب من الحصار في الوقت الذي يرفعون فيه شعار محاربة الإرهاب..يمضي المفاوض السوري إلى جنيف لا لكي يفك الحصار عن الإرهابيين بل لكي يكمل معهم لعبة فرضتها لعبة الأمم..بينما الحل كان ولا زال حلاّ عسكريا ، عسكريّا، عسكريّا..

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ادريس هاني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/05



كتابة تعليق لموضوع : الانتصار السوري "كان" وليس "يكون"
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net