صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

السكتة الحضارية!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كأننا نستلطف السكون والتمترس في مرحلة من مراحل حياتنا بكل قضيضها ونفيضها , وندور حولها ولا نعرف منفذا منها وسبيلا إلى غيرها. 
 
ونقيم إقامة جبرية في مرحلة زمنية من تأريخنا دون سواها , ونعجز عن الحركة والتفاعل مع البشر, بل نتماهى معها ونجسدها بعد قرون من حصولها. 
 
فلا نعيش الحاضر كحقيقة ومفردات وطموحات, بل نستوطن الماضي ونستحضر سلبياته وننكر إيجابياته, ونفعل ونتفاعل وفق قوانين سلبية استنبطناها من حيثيات الماضي البعيد, ومن دموية الأحداث ومأساويتها وسوداويتها , فجعلنا أيامنا أكثر سوادا وبؤسا وألما منها.
 
 فهل نحن مصابون بداء السكتة الحضارية والصمت الأبدي؟! 
 
كأننا مومياءات, ونفكر بعقول غبراوية , لم يؤثر فيها الزمن ولم يجري فيها ماء جديد, بل أنها تهضم الجديد بمعدتها القديمة, وتتمثله وفقا لآلياتٍ لا تصلح للوقت الحاضر.
 
الأمم والشعوب تعتز بتأريخها وتتأمله وتستنبط منه , وتأخذ العِبر والدروس لكي لا تكرر الأخطاء والمآسي, لكنها لا تعيش فيه وتنبشه في حاضرها. 
 
فالأمم قد تجاوزت تأريخها المرير وحققت وجودها الكبير. 
ومَن يريد أن يعيش تأريخه يقع في مهالك خطيرة. 
 
وفي الأرض أمم وشعوب تحاول أن تعيش التأريخ الذي أكل الدهر عليه وشرب قرونا , وتراها في مآزق وصراعات لا تنتهي.
 
فالأمم الحية لا تجتر مآسي وسلبيات الماضي, لأنها تدري جيدا, أنها لا يمكنها أن تغير ما حصل, وأن تجدد ما كان, ولهذا تتجه إلى صياغات وصيرورات تؤكد الإيجابي وتحاصر السلبي وتحذر من تكراره.
 
فهل نحن نعتبر من التأريخ وأحداثه , أم أننا نتأسّن فيه ونتلذذ بمصائبه وسلبياته؟
 
والشعوب في تأريخها محطات باكية حزينة مؤلمة , وأخرى ضاحكة فرحة  تثير الزهو والكبرياء والقوة, فتترك تلك للإعتبار وتأخذ هذه للصيرورة الأحسن.
 
ونحن ننحشر في عقلية مرحلة من مراحل حياتنا ومسيرتنا الطويلة , ونملك تأريخ فخر وزهو ومجد وكبرياء. 
 
فلماذا لا يتجسد هذا في فعلنا وبنائنا للدولة والقانون؟
 
ولماذا لا نستحضر الماضي المجيد , ونعترف فقط بالماضي المؤلم , الذي هو لا يساوي شيئا بالقياس إلى الماضي المشرق؟
 
لماذا نجنح إلى البكاء والعويل والندب , لا إلى البناء والمحبة والصفاء والرحمة والأخوة والقوة؟
 
لماذا نختار مصير الويلات والضعف , ونرفض مصير القوة والسعادة والحياة الطيبة الكريمة؟
 
وهل تساءلنا لماذا لا يتخندق العالم  في حروبه الأهلية ومآسيه ويمضي في إجترارها والتورط بآلامها؟
 
نحن نختلف عن شعوب الأرض , وعلينا أن نواجه أنفسنا بعقل وليس بإنفعال وغضب , وأن نخرج من خندق الماضي السلبي , وندرك الإيجابي في مسيرتنا , ولا ندفنه بإنتقائيتنا المبرمجة المؤذية. 
 
ولنتحرك بعقل منفتح وروح صافية تحت ضوء الشمس , ونعيش بحسناتنا فوق الأرض.
 
فانفضوا غبار التأريخ السلبي , وهللوا للوقفات القوية الإيجابية فيه , وإنطلقوا إلى حيث الحياة اللائقة بنا. 
 
تُرى مَن الذي كرّهنا بتأريخنا وأغضبنا عليه , وجعلنا ننظر إليه بعين السوء لا بعين الرضى والإستحسان والزهو؟!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/02/05



كتابة تعليق لموضوع : السكتة الحضارية!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net