صفحة الكاتب : حميد آل جويبر

صوتان في طهران
حميد آل جويبر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الذين روجوا لصور اسر بحارة اميركيين في المياه الاقليمية الايرانية واعتبروا ذلك نصرا مؤزرا لطهران واذلالا كبيرا لواشنطن ، وضمّنوا فرحهم الغامر بايات قرانية كريمة جاهزة عند الطلب ، هؤلاء – وكثير منهم اصدقاء خلّص -  لم اسمع منهم حسيسا ولا نجوى بعد الاتفاق التاريخي الذي توصلت اليه ايران مع الدول الكبرى او بالاحرى الولايات المتحدة السبت . اتساءل اين ذهبت كل التهديدات الثورية الايرانية على لسان المرشد الاعلى بركل الولايات المتحدة ببساطير البسيج المتهرئة . وقد سبقه الى تلك التهديدات الامام الخميني "رحمة الله " عندما سد كل النوافذ المطلة على الغرب ، والحال ان سياسة الولايات المتحدة اليوم لا تقل سوءا من وجهة نظرهما عن سياسة الامس . ما الذي تغير في الشيطان الاكبر ، قرناه النافران ؟ مجلس نوابه ؟ شيوخه ؟ أم "كاخ سفيده" ؟  هل اذلته طهران بحيث تضاءل وصار رحمانا ، او شيطانا اصغر على الاقل بين ليلة وضحاها ؟ مشكلة هؤلاء الاصدقاء الخلص انهم يريدون من ايران التصرف اليوم بمنطق جيفارا قبل سبعين عاما ، فاذا تصرفت كدولة مسؤولة قارئة لما يجري فيها وحولها بمهارة صانع السجاد وقاطف الزعفران ومنتج الكافيار ، دسوا رؤوسهم في الرمال باحثين عن تبرير ما يجري ، وهم غير واجدين . والمتابع الساذج – مثلي - يرى تناقضا سافرا بين تيارين مؤثرين في الساحة الايرانية . تيار متشدد يقوده المرشد الاعلى الذي يفتتح كل خطاب بسب واشنطن ويختمه بلعنها لعن عاد وثمود ، وآخر يسمى اصلاحيا و يتزعمه من عقود الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني . الاول يميل الى تاليب الشارع والابقاء على ثوريته وان ابقى نصف الايرانيين عاطلين عن العمل . فيما الاخر بنى بوطنية وحنكة ، وفي ظروف ماساوية ، مئة سد خلال اقل من عشرة اعوام ، ولولا هذه السدود لكان للايرانيين قصة اخرى مع الكفر والجوع واللجوء ، وربما الارهاب ايضا . هل ثمة اتفاق ضمني بين طرفين ، طرف يستنهض الشارع ثوريا ، واخر يسعى ليؤمن له ما امكن من فرص الاقتصاد ؟ لا اجزم انني اعرف الرد ، لكن القرائن تشير الى ذلك ، بالنسبة لي شخصيا على الاقل . متى سندرك ان منطق الثوريات الفارغة التي ما قتلت ذبابة لم يعد فاعلا اليوم !!! الالفية والقرن الماضيان مزقا هذه الصفحة ، خاصة في ايران . العاصمة طهران التي عدت منها قبل اقل من شهرين تكاد تستنشق رائحة الدولار والعلاقة الحسنة مع واشنطن حتى في اسمال المتسكعين على ارصفة شوارع باسداران وشريعتي وميدان راه آهن المجنون . قال لي سائق تكسي في طهران بالقرب من الجامعة التي تقام في باحاتها صلاة جمعة وتردد فيها هتافات ثورية ، ان نصف الحاضرين سيتوجه غدا الى شارع "فردوسي" للمضاربة ، في اشارة واضحة الى مركز تداول الدولار في طهران . اتمنى على المتفاجئين بالاتفاق مع الولايات المتحدة ان يروا ماذا فعل الحصار الاقتصادي بايران . آلاف العوائل انتقلت من الطبقة الوسطى شبه المرفهة الى طبقات فقيرة مسحوقة او دون خط الفقر والسحق في زمن احمدي نجاد ، والكارثة كانت في نمو متزايد مع وجود فاسدين محترفين ، وجاء انهيار اسعار النفط ليكون ثالثة الاثافي . هذا بينما كليبات الرئيس احمدي نجاد الذي يبدو فيها زاهدا ، متواضعا ، عابدا ، ترابيا ، تملا مواقع التواصل الاجتماعي ، وكانه كان يدير مجلسا للعزاء ، وليس مصير تسعين مليون انسان يعيشون في محيط ملتهب . ما لم نترك تقديس الاسماء فاننا موعودون بمفاجئة في كل يوم عندما نرى في بلد واحد يخرج تصريحان متناقضان من صناع القرار . الاول يقول انه لا يريد ان يعطي لاميركا اعطاء الذليل ، وآخر يعتبر الاتفاق النووي يوما مفصليا في تاريخ ايران الحديث . وكلا الصوتين خارج من العاصمة طهران في وقت متزامن ، فانظر مع اي التناقضين تقف ولا تغرينك الاسماء الكبيرة ، فالحق لا يعرف بالرجال كما يقول الاِمام .      
 iraqzahra@yahoo.com

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حميد آل جويبر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/17



كتابة تعليق لموضوع : صوتان في طهران
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net