صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الرؤية المختلة والسلوك المضطرب!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

لكل مشروع يُراد إنجازه رؤية تحدد معالم المسارات اللازمة لنجاحه , وفي الحالة العراقية ومنذ دخول (مود مدعيا التحرير لا الفتح) إلى بغداد وحتى اليوم , هناك إختلال في الرؤية , أدى إلى تداعيات سلوكية متواصلة ومتفاقمة , وإنهيارات متنوعة ذات تأثيرات متعاظمة.

وقد وضع الحجر الأساس لهذه الرؤية المختلة , قوى ذات مصالح ستراتيجية بعيدة المدى أسهمت في الحفاظ عليها وتطويرها , ولاتزال تسعى في مسيرة تعميق الإختلال والإستثمار الأقصى فيه.

وقد تحدّث أول ملك للبلاد بالرؤية التي أريد لها أن تتنامى وتتطور , فعمل بها جميع الذين أعقبوه , ومضت البلاد تجتهد في منطلقات ومفاهيم الإختلال , حتى إنتهى بها الحال إلى ما أصابها من مساوئ الأحوال وخسران المآل.

وبسبب إختلال الرؤية , أصبحت البلاد عرضة للقوى التي تريد تنمية مصالحها وبناء حالتها المطلوبة. وانطلقت الأجيال بتوصيفاتها وتحليلاتها وإجتهاداتها المقيَّدة بالرؤية المختلة أو المنحرفة , والتي ما قدمت بسببها ما هو نافع للبلاد والعباد.

وخلاصة تلك الرؤية نفي وجود الشعب والوطن , وهذا يعني إنتفاء بناء الدولة والدستور والقانون , والتفاعل وفقا لمفاهيم ومعايير قبلية وعشائرية وعائلية وغيرها , لتحقيق قدرات الشعور بالأمان للذين يتحركون في صحارى وغاب الزمان.

مما أدى إلى ميوعة مفاهيم الوطن والمواطنة والوطنية , وتحويل الناس إلى مجاميع تعاني من وجودها في بلدها , وحدى بنسبة كبيرة من أبناء البلاد إلى الرحيل والغياب في مجتمعات أخرى.

وأصبحت التفاعلات ذات إندفاعات تحزبية وفردية وإستبدادية قاهرة ومهلكة , ودامية في مسيرة الحياة السياسية , التي ما عرفت معنى السياسة أبدا, وإنما هي إنقلابات وصراعات وإنتقامات وقتالات للإستئثار بالمناصب والقوة , والإستحواذ على المال الذي يوفره النفط بلا عناء.

ولا يمكن تبرئة أي نظام حكم في البلاد من الخطايا والآثام والجرائم التي إرتكبها بحق ذاته وموضوعه , لأنها جميعا , مشوشة الرؤية , وإن عرفتها فأنها تنحرف بها إلى ما يحقق الإختلال المطلوب , الذي يُراد تأمينه لتحقيق أهدافه الخفية والعلنية.

ولهذا فلا يمكن لأية قوة داخلية أن تعمل بما يحقق المصالح الوطنية , وإنما لا بد من التداعيات والخسران, وهذا واضح بسطوع متنامي منذ سقوط الحكم الملكي وحتى الآن.

فالرؤية الوطنية يتم الإجهاز عليها ومناهضتها وتحويرها وترويضها وإتلافها ونسفها , وتحويلها إلى حالة أخرى تتناقض مع ما تنطق به وتريد الإنطلاق إليه.

وهذا يلخص ما جرى ويجري وسوف يجري على أرض البلاد , التي يدور فيها ناعورالتفاقم والإحتدام على مدى عقود قاسيات وأخرى آتيات , ولن يتوقف هذا الناعور , إن لم تتحدد الرؤية الوطنية الصادقة التي يؤمن بها الإنسان , ويتعهدها بالحرص والتفاني والعمل الوطني الجماعي البنّاء , الذي يؤكد إرادة المصلحة الوطنية الجامعة , التي ترعى حقوق المواطن وتحمي معاني المواطنة وتصونها من الإنحرافات والتشويه والإمتهان , لكي يشعر الإنسان بقيمته ومسؤوليته ودوره في بناء الحاضر والمستقبل.

وقد نُشِرَتْ المقالات والتحليلات على مدى العقود , وما تغير الحال , بل يُنسج بذات المنوال , فلا بد من الإرتقاء إلى رؤية حضارية إنسانية وطنية معاصرة ,  تكفل مصالح الإنسان وتصونه من أعاصير الويلات والعناءات التي أثقلت كواهل الأجيال كافة!!

فما هي رؤيتنا؟!!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2016/01/09



كتابة تعليق لموضوع : الرؤية المختلة والسلوك المضطرب!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net