صفحة الكاتب : فلاح العيساوي

نجاح و رحاب والحب العذري
فلاح العيساوي
نجاح طالب متفوق يعيش في أسرة ملتزمة دينيا وأخلاقيا فأبوه من طلاب العلوم الدينية وأمه درست وتخرجت من كلية الشريعة الإسلامية وتزوجت من ( أبو نجاح  ) الإنسان المثالي في الأدب والأخلاق وحسن العشرة والمعاملة مع زوجه الطيبة لكن أم نجاح لم تكن ربة بيت ناجحة فقط فبعد التخرج والزواج اهتمت برعاية وليدها الأول نجاح وابنتها سوسن التي أنجبتها بعد نجاح واستمرت بالقراءة والتحصيل العلمي من خلال كتابة البحوث في مجالاتها العلمية فكتبت في علم الاجتماع والتربية والأخلاق والشريعة الحياتية ومجالات أخرى مفيدة وقامت بنشر بحوثها في المجلات المنوعة وعلى الخصوص المجلات الدورية والفصلية التابعة لكلية الشريعة الإسلامية وبقية كليات العلوم الإسلامية  ...
 
نشأ الابن البار لوالديه نجاح نشأة دينية وأخلاقية مثالية في مجتمعنا المتدين والمحافظ والفضل طبعا يرجع إلى الأب الفاضل الشيخ  ( أبو نجاح  ) وإلام المتعلمة الفاضلة أم نجاح ولا ننسى إن إلام مدرسة كما قال الشاعر :
 
إلام مدرسة إذا أعددتها     ****   أعددت شعبا طيب الأعراق 
 
وكان الشيخ ( أبو نجاح  ) قد نهج في تربية فلذات كبده نجاح وسوسن عبر منهج إسلامي أخلاقي فالطفل يترك سبع سنين ولا يضرب إطلاقا وان أساء الأدب فيحاسب من خلال التوبيخ أولا ومن خلال التوجيه ثانيا ويجب بعد التوبيخ إن لا يترك التوجيه إطلاقا فهو العلاج الناجع لعدم تكرار الخطأ عند الطفل والتوجيه يحتاج إلى أسلوب فني في الحديث مع الطفل في هذه المرحلة من العمر ولا بد للأب إن لا يعاقب الطفل بالضرب كما اعتاد الكثير من الإباء والأمهات فعندهم هي الطريقة الأسهل لكنها هي الطريقة الفاشلة والتي لها سلبيات في المستقبل على أخلاقيات الطفل فالعنف عند الكبار هو نتيجة للضرب في الصغر وقد ثبت هذا الأمر عند الباحثين في علم النفس والمجتمع وبعد سن السابعة قد يحتاج الأب العاقل والحنون إلى ضرب الطفل ما بين سن السابعة إلى سن الرابعة عشر لكن هذا الضرب يجب إن يكون بطريقة مثالية قد يضحك منها القارئ المحترم والطريقة المثالية للضرب تكون لا عن غضب ولا حمية عصبية ولا عن انتقام لكون إن المضروب هو جزء من الضارب وان لا تتعدى الضربات إلى أكثر من ستة ولا تكون مبرحه إلى درجة احمرار لون الجسم ومن بعدها ينقلب إلى اللون الأزرق وبعد سن الرابعة عشر يصادق الأب ابنه في بداية سن البلوغ إلى إن يبلغ سن الحادية والعشرين فعندها سوف نحصل على إنسان مثالي يخدم أسرته ومجتمعه ولا يجلب لهم الضرر أو الخجل من تصرفات وأخلاق مشينة وهذا ما استفادة الشيخ ( أبو نجاح  ) من دراسته للفقه والشريعة الإسلامية لهذا فقد نما وكبر نجاح وسوسن على هذا النوع من الأسلوب في التربية والتعليم المنزلي الأسري الناجح ...
 
لهذا فقد تكونت شخصية نجاح الذي كان يثق بنفسه وبفكره المتوقد كثيرا فنجاح وأخته سوسن لم يكونا يكتفيان بمطالعة الكتب المدرسية المقررة لمراحل الدارسة في المدارس الحكومية فأبوه الشيخ كان يملك مكتبة شخصية فيها مجموعة كبيرة من الكتب في جميع المجالات ككتب الفقه والشريعة الإسلامية وكتب الأخلاق والدعاء وكتب علوم القرآن وقصص الأنبياء والمرسلين وكتب التاريخ والسيرة ومنها سيرة النبي الأعظم محمد ( صلى الله عليه واله وسلم  ) وسيرة الأئمة الطاهرين من أهل بيته ( عليهم السلام  ) وكتب علم النفس والاجتماع وكتب الفلسفة وعلم الكلام وكتب الحديث وعلومه وحتى كتب القصص والروايات المفيدة كانت متوفرة في مكتبة الشيخ ( أبو نجاح  ) وغيرها فوجود المكتبة في البيت هي ضرورة ملحة قد لا ينتبه لها اغلب الإباء المشغولين بأمور الحياة والعمل وضرورة المكتبة المنزلية هي لفائدة الأسرة بأكملها فألام التي تهتم بالمطالعة تكون أكثر حكمة في أسلوب تعاملها مع أبنائها وجلب حبهم وثقتهم بها وقوة تعلقهم بها والأبناء أيضا يزدادون معرفه وتربية نفسية وأخلاقية والتزاما دينيا من خلال كثرة المطالعات والقراءة المستمرة ومن خلالها نكسب شابا وشابة مثقفين بما فيها هذه الكلمة من معاني ودلالات معمقة....
 
ونجاح قد استعان بأمه وأبيه في اختيار ما يناسب عمره وهو قد شرع بالقراءة والمطالعة في سن الرابعة عشر إذ ليس بمقدوره إن يطالع ويفهم كل أنواع الكتب من كان في هذا السن فكان الشيخ ( أبو نجاح  ) وأمه هم من يختارون لنجاح وسوسن ما يقرؤون ويطالعون فأثمرت كل تلك المطالعات وكان ثمرتها الناضجة الشاب نجاح وأخته البنت المؤدبة سوسن ...
 
كان نجاح كثيرا ما يطرح التساؤلات على والديه منذ صغره وهذا الأمر لم يكن يسبب إزعاجا لوالديه لكون إنهما يعرفان إن الطفل الذكي هو من يكون كثير السؤال منذ صغره فكان الشيخ ( أبو نجاح  ) يرد على تساؤلات نجاح الكثيرة دون إن ينهره أو يحاول إسكاته وفي حالات تكون فيها الأسئلة بعض الأحيان محرجة وجوابها فوق فهم الطفل ،فكان أبو نجاح بقدراته الثقافية الواسعة والشمولية يقلب الجواب بصورة لا ينتبه لها الطفل نجاح ويكون الجواب فيه صور تربوية وصور تعليمية يستفيد منها نجاح في ملء وعاء عقله المنفتح لاستقبال المعلومات ولا ننسى إن التعلم في الصغر كالنقش على الحجر فالحجر عصي على الكسر وما نقش عليه لا يمحى بسهولة ويسر لهذا لا يجب ولا يصح إسكات ثورة التساؤلات عند الطفل لمجرد إن الأب أو إلام يتضجرون وينزعجون من الطفل كثير السؤال فهذه الثورة إن جوبهت بهذا الأسلوب السلبي من الأب والأم فسوف يسبب إخماد هذه الثورة من اجل الفهم والتعلم وبالتالي سوف تكون لها أسباب سلبية على الطفل فقد يلجأ الطفل إلى نهج أسلوب أخر كانفعالات غضب متكررة أو القيام بتحطيم العابة أو أشياء أخرى من اجل جلب الانتباه له من قبل الأبوين وقد ينطوي الطفل على نفسه ويصمت عن طرح التساؤلات وهذا قد يسبب حالة من التغابي الآنية والبلادة في المستقبل المهم إن ( أبو نجاح  ) وأم نجاح كانا يدركان كل ما تقدم لكونهما مثقفان بما فيه الكفاية لينضج نجاح في جو مفعم بالحنان يسوده العقل والحكمة في كل تصرف قد ينتج عنه ما هو سيء لنجاح وسوسن ....
 
بعد إن أكمل نجاح دراسته الإعدادية ونجح بتميز اختار كلية للعلوم الإسلامية وذلك لعمق روح الإسلام وتعاليمه في نفسه المشبعة بالروحيات والميتافيزيقيا لما وراء عالم المادة والجميل في دراسة علوم الدين أنها تهتم بعلم الماديات وعلم الميتافيزيقيا على حد سواء وهذا ما يجعل الإنسان غير منغمس بالماديات وينسى وجود (واجد )عالم ألما وراء الذي هو من اوجد المادة وكونها وأبدعها بقدرته وحكمته اللامتناهية والواقع والوجود المادي المسير بقوانين ثابتة هو دليل على وجود المدبر فالأثر يدل على المؤثر وهذا الرابط بين الواجب الواجد وبين الموجود بعد العدم يجعل الإنسان يسعى إلى تحصيل العلم والمعرفة بحقيقة المادة وحقيقة القوة الواحدة المدبرة لكل الوجود المفاض من الواجب وهذا يجعل العقل بغوص في بحور العلم والمعرفة ليستخرج منها اللؤلؤ المكنون داخل الأصداف والقشور ونجاح قبل دخوله إلى الكلية كان قد قرأ كتاب (قصة الإيمان) للعلامة الفيلسوف نديم الجسر وقد أعاد قراءة هذا الكتاب لكونه كتابا عميقا في بحوثه التي جاءت بطريقة سلسة وسهلة من خلال الحوار الدائر بين شخصين من نسج خيال المؤلف وهاتان الشخصيتان هما محور البحوث في هذا الكتاب العلمي الفلسفي النافع لقوة تمحور وثبات الإيمان بالقلوب التي هي العقول المتقلبة في محاور الحياة البشرية فحيران ابن الأضعف هو العقل الإنساني المتخبط في بحور المعرفة والذي لم يصل إلى الإيمان المتكامل والشيخ ( أبو النور  ) الموزون هو العقل المتكامل والمتوازن والعارف بحقائق الإيمان الثابت والقوي وحيران قد لجأ إلى الشيخ ( أبو النور  )  للوقوف على حقائق الإيمان .. وكان نجاح لمحبته بهذا الكتاب يصفه كعلاج ناجع لكل طالب علم ضعيف الإيمان بالواجد ليثبت إيمانه ....
 
الأجواء في الكليات قطعا تختلف عن أجواء المدارس والإعدادية لأمور عديدة يميزها طلاب الكليات أنفسهم أهمها إن طالب الكلية إذا كان شابا فهو سوف يحس برجولته الكاملة وهذا الإحساس ينتابه لوجود الطالبات الآنسات رهيفات الحس والمشاعر رقيقات في الحركة والكلام وهذا ما يحدث جذبا مغناطيسيا والعكس أيضا موجود فالفتاة تنجذب أيضا إلى الرجل وكل شابا وشابة يحمل في داخله مواصفات خاصة بفتاة أو فتى الأحلام وهذا الجذب العاطفي هو حالة وجدانية متحركة نحو بناء أسرة صغيرة وسط المجتمع الكبير لكن يوجد للأسف من الشباب من يغيب هذه العاطفة الجميلة والبريئة بمغامرات خبيثة وشيطانية فتحدث العلاقات المشبوه التي قد تصل إلى تحطم قلب فتاة بريئة وساذجة لا تعرف عن ماهية النفوس التي توغل فيها الشيطان لتصبح إنسان يكمن داخله شيطان لا يروم من الفتاة غير إشباع شهوات وغرائز حيوانية مكانها ليس في المجتمع المثالي الملتزم بل في غابات الحيوانات التي لا يحكمها غير الغرائز الحيوانية الشهوية ... والحمد لله إن نجاح شاب يحمل في طيات جنانه أخلاقا حميدة ونبيلة لهذا بعد أيام قليلة انقضت له في الكلية نال إعجاب الكثير من زملائه وزميلاته وعلى الخصوص الطالبة رحاب !!!...
 
رحاب بنت جميلة مواصفاتها الجسدية مرغوبة ومقبولة لكن ليس المهم عند العقلاء إن تكون الفتاة بغاية الحسن والجمال وقد حذر خاتم الأنبياء والمرسلين محمد ( صلى الله عليه واله وسلم   ) من خضراء الدمن !!..فقيل يا رسول الله ومن خضراء الدمن ؟؟؟.. فقال المرأة الحسناء في منبت السوء ... لكن رحاب كانت فتاة مؤدبة وخجولة ونشأت في عائلة محافظة على القيم والمبادئ العامة وكانت محجبة وملتزمة بالحجاب الذي هو زينة الفتاة العاقلة ولا ننسى إن الحكماء قد وصفوا المرأة بأوصاف جميلة ورائعة جدا ومنها إن المرأة جوهرة يجب حمايتها من أيدي اللصوص من خلال إخفاء مفاتنها الجميلة والجاذبة للأنظار ...
 
وإما الشعراء فهم قد أولوها أهمية لهذا قد انشدوا من روائع الكلمات سيل جواهر منظوم بخيوط  منسوجة من حرير وتبر وجمان تنصحها بصيانة جمالها بحجاب واقي من سهام عيون من تخبط بين يدي الشيطان وأصبح ممثلا له على الأرض المسكينة فقال الأول ناصحا:
صوغي لشعرك من حجابك زينة    *****   ودعي ثيابك طويلة الأردان
إن التبرج خدعة مكشوفة             *****   للنيل منك فتهجري وتهاني
لألا تكوني جوزت لو قشرت         *****   في لوكها هانت على الأسنان
 
وقال الثاني هاجيا ناصحا:
 
فتاة اليوم ضيعت الصوابا         *****    وألقت عن مفاتنها الحجابا
كخائضة في بحر لج                *****    عن الساقين شمرت الثيابا
وقد أبدت لنا صدرا وساقا           *****    وشعرا منه شعر الطفل شابا
فلم تبد ِ حياءا من رقيب           *****    ولم تخش من الله عقابا
شباب اليوم يا ليلى ذئاب            *****    وطبع الحمل أن يخشى الذئابا
 
وقال الأخير مادحا :
 
فلو كنّ النساء كمثل هذه              *****   لفُضّلت النساء على الرجال
فلا التأنيث لاسم الشمس عارٌ       *****   ولا التذكير فخر للهلال
 
رحاب لم تكن فتاة جميلة فقط بل كانت فتاة متعطشة للعلوم والمعرفة كانت تحب المطالعة وقراءة الكتب النافعة لكن لم تكن تملك مكتبة كمكتبة الشيخ أبو ( أبو نجاح  ) لهذا كان حديث نجاح يجذبها بقوة خيالية منقطعة النظير وإعجابها بنجاح تحول بين ليلة وضحاها إلى حب عميق الأغوار في مكنون صميم قلبها الملتهب بنار العشق العذري الوجداني ومن عادات المحبين الإكثار من ذكر اسم المعشوق وهكذا كانت تفعل رحاب دون إن تلتفت إلى الكلمات الخارجة من قلبها عبر آلة اللسان لهذا فقد التفت بعض الزملاء والزميلات إلى تعلق رحاب بنجاح والواقع إن نجاح شاب يحب بشهادة الجميع فلم يستغرب الأصحاب حب رحاب لنجاح !!...
 
لكن هل نجاح كان ملتفتا إلى مشاعر رحاب وهل هو يبادلها المشاعر نفسها هذا ما كان في رغبة الزملاء والزميلات معرفته وكشف النقاب عنه والواقع رحاب كانت اشد منهم حبا لمعرفة واقع هذا الأمر ...
 
وفي يوم جامعي جميل جلس الزملاء والزميلات في حديقة الكلية وهم نفر قليل كانت تجمعهم مع بعض حبهم للحديث الثقافي المتنوع وكان من ضمنهم نجاح ورحاب فبادر احد الأصدقاء واسمه عمار إلى طرح سؤال مفاده :(ما هو الحب وما هي حقيقته وهل الحب محرم في الإسلام أو هو محلل )؟؟؟...
 
الواقع إن الجميع اخذ برهة من الوقت ليستوعب مفهوم السؤال وكيفية الرد عليه وكان الأسرع بالجواب هو احمد الذي قال : الحب هو الحب !!..
ضحك الجميع وقالت إحدى الزميلات : وبعد الجهد فسر الماء بالماء!!..
وقالت سعاد  : إنا اعتقد إن الحب حاجة ماسة للفرد ولا اعتقد إن الإسلام يحرمه !!...
وقال أمير : إنا اعترف لكم إني لا اعرف الإجابة عن هذا السؤال لذا اعتذر لكم !!!...
 
فقالت رحاب وكانت واثقة من نفسها : احمد كان متسرع بالجواب على السؤال لهذا فسر الماء بالماء ..إما سعاد فهي لم تعط السؤال حقه من خلال جوابها وكان جوابها قاصرا إما أمير فيستحق الاحترام لأنه قد اعترف بعدم قدرته على الإجابة والاعتراف بعدم المعرفة هو أمر لا يخجل ولا ينقص من الشخصية إطلاقا ولا يعاب على من لا يعرف بل يعاب على من يقحم نفسه في ما لا يعرف ويجلس ينظر ويخلط الحابل بالنابل وبهذا يشوه حقائق الأشياء بجهله وحمقه ... وأقول وانأ واثقة إننا سوف نحصل على جواب من نجاح !!!...
ابتسم نجاح ابتسامه جميله مع عاطفة واضحة المعالم على ملامحه الباسمة ..وقال : لا ادعي إنني واسع المعرفة إلى حد إنني أحيط علما بكليات جواب السؤال المطروح لكن كما يقول الحكماء ما لا يدرك كله لا يترك جله واليكم الجواب وعسى إن يكون مقنعا :في النفس البشرية تكمن عناصر انفعالية وجدانية أصيلة مجبولة عليها النفوس البشرية وتعد من الفطرة السليمة ومنها ما هي خارجة عن الفطرة السليمة وهي انفعالات وقتية وقد تخمد بعد انطلاقها وربما تزول وتتلاشى نهائيا وهي تختلف في حالاتها عند النفوس كل حسب وضعه وحالته والحب عند الإنسان ينقسم إلى قسمين الأول :الحب الفطري الثابت والراسخ . والثاني : الحب الوجداني العاطفي المتحرك .فحب المخلوق للخالق والمعلول للعلة الواجد هو مثال القسم الأول  إما حب بعضنا لبعض نحن بني البشر فهو من القسم الثاني لهذا نلاحظ إن الحب لدينا هو أهواء متحركة ومتقلبة حسب قوة الانفعال أو ضعفها فنرى إن البعض من المحبين وبعد الزواج قد يضعف ويضمحل الحب عندهم وقد يقوى ويصبح أكثر قوة وذلك خاضع إلى الأجواء الايجابية أو السلبية التي يعيشها المتحابون بعد الزواج والإرادة القوية للزوج والزوجة في استمرار الحب وقوته وبقاء انفعاله الدائم يكمن في معالجة كل ما هو سلبي ومؤثر على استمرار الحب ويجب إن يكون علميا وعمليا وعاطفيا من خلال تجاوز أخطاء بعضهما البعض ويجب إن تبقى كلمات الحب والعاطفة متوقدة بينهما دوما فهي تدفع نحو انفعال وتوهج الحب بين الطرفين وقد ورد في حديث عن المعصومين عليهم السلام مفاده إن الرجل إذا قال للمرأة احبك فهو سوف يملكها لهذا يؤكد اغلب الباحثين على هذه المفاهيم الجليلة والنافعة في بابها ... إما الشريعة الإسلامية فهي لا تحرم الانفعالات الوجدانية العاطفية ومنها البكاء والحب والكره وغيرها لكن الإسلام يؤكد في بعض الحالات الوجدانية العاطفية على الحفاظ على الوسطية فلا إفراط ولا تفريط والحفاظ على الآداب الإسلامية والتزام بالإحكام الشرعية والتي هي الأدوات الضابطة للسير على منهج الوسطية ...وجدير بالذكر إن أذكركم إخوتي وأخواتي بقصة زواج نبينا الأعظم (ص)بأم المؤمنين خديجة الكبرى عليها السلام بعد إن أحبت السيدة خديجة الشاب صاحب الأخلاق الحميدة محمد فقد أرسلت من يبلغه برغبتها بالارتباط  به والقصة مشهورة وقد ذكرها أرباب كتب السيرة ....
 
انتهى نجاح من شرحه الجميل عن الحب فأشرق وجه رحاب وتهلل فرحا وسرورا فلم يخب ظنها بنجاح الشاب المميز والذي يحمل علما وفهما ودراية وقالت رحاب والخجل والفرح مختلج في نبرات صوتها شكرا لك يا نجاح فقد كنت موفق في جوابك وكان غاية في الروعة ...
خجل نجاح وقال (  العفو   ) أيتها الزميلة الطيبة فواجبي إن أجيب على قدر ما تعلمته فزكاة العلم تعليمه لمن لا يعلمه ويطلبه ...
 
وشكر كل الزملاء والزميلات صديقهم نجاح وبعدها استأذن أمير واستأذن احمد وكذلك سعاد وبقية الحضور وبقى نجاح ورحاب فأراد نجاح إن ينهض من مجلسه فقالت رحاب : نجاح من فضلك لا تنهض أريد إن أتحدث معك قليلا !!!...
نجاح : يا رحاب صحيح إن المكان عام ونحن في حديقة الكلية لكن لا أريد لي ولكيِ إن نكون في موضع الشبهة ورحم الله من جب الغيبة عن نفسه ...
رحاب : نجاح أعدك إننا سوف لا نطيل الجلوس وهو سؤال واحد فقط وننهض من هنا .....
نجاح تفضلي يا رحاب : ما هو رأيك بالحب ؟..
نجاح : رحاب عزيزتي قد أكون عمليا جدا وأتعامل دوما من خلال موازين العقل لكن العاطفة متحدة في جميع تصرفاتي وإعمالي ويجب إن يكون الإنسان المؤمن عبارة عن كتلة من المشاعر منها الحب والود والعطف والحنان والكلمة الطيبة والإحسان وبهذه الصفات يكون الإنسان مستحقا إن يوصف بالإنسانية إما ما نراه من بعض من يتلبس بلباس الدين فيحلق شاربه ويطيل لحيته ويلبس الجبة أو العباءة القصيرة ويعامل الناس بخلاف أخلاق المسلمين والمؤمنين السابقة الذكر ولا نجد في أفعاله أو تصرفاته أو أقواله غير الشدة والعنف والتكفير واللعن وقذف الناس بالباطل وآلافك .. فالواقع من كان بهذه الصفات فهو الجلف الخالي من المشاعر الإنسانية والإسلام ودين محمد رسول الإسلام بري منه إلى يوم القيامة ...
لهذا أقول لكي يا رحاب إنني كتله من المشاعر والأحاسيس الجياشة وأحب إن أطمأنك ِ إنني أكن لك ِ مشاعر من الود وأكثر لكن الوقت غير مناسب للإفصاح عنها ألان !!...
 
الواقع إن كلامه كان يخرج من القلب وما يخرج من القلب يدخل إلى القلوب دون استئذان لهذا فقد أشرق وجه رحاب وصار يشع بالنور المتلألئ مع احمرار مصاحب للحياء الجميل الذي وضعه الله في بني البشر وجعله أكثر قوة وتأثير في الأنثى وكم هو خصلة جميلة وجوهرة نقية خالصة وثمينة واجب الحفاظ عليها من قبل جميع بنات حواء فحياء رحاب كان واضحا عند نجاح ونجاح وكل رجل يحب حياء المرأة وخجلها ...
 
رحاب بعد سماع هذه الكلمات اللطيفة والمحملة بالأمل وتحقيق الأحلام من نجاح نهضت من مكانها دون إن تحرك شفتيها وناظراها كانا في الأرض مرة وأخرى على وجه نحاج وأصبحت رحاب كما قال الشاعر :
 
وتـعـطلـت لـغـةُ الكلام وخاطـبت   ****** عينيّ في لغة الهوى عيناك
 
بقي تواصل رحاب ونجاح مستمرا من خلال التواجد في الكلية من اجل الدراسة ومرت السنة الأولى والثانية والصالة إلى الرابعة وهي سنة التخرج من الكلية فخلال السنوات التي مضت عاش نجاح ورحاب كزملاء درس وأيضا كأحباب لكن بشكل جميل فبقى حبهم ومشاعرهم متوقدا في قلوبهم دون مصارحة لدرجة الكشف عن مكنونهما وهذا هو الحب العذري الجميل لكن كل واحد منهما كان يعلم بقوة الحب وبصدق المشاعر لكن كان نجاح يريد لنفسه ولرحاب إكمال الدراسة دون إهمال ولهو بأمور عاطفية قد تسبب في ضعف مستواهم الدراسي فتعمد الصمت والصبر إلى سنة التخرج مع إرسال رسائل من خلال كلمات غير صريحة مفادها الصبر مفتاح الفرج ...إما رحاب فكانت ترغب إن يصرح لها نجاح بمكنون نفسه من حب لكنها كانت تتفهم جديدة حبيبها الشاب نجاح والذي لم يكن يرغب بالتصريح إذ هو لم يكن يفكر بان يلعب بمشاعر بنت رقيقه فقد كان جادا في حبه لرحاب وفي الارتباط  بها بعد التخرج وبناء أسرة صغيرة تعيش بالحب والود والاحترام والعطف والحنان الدائم ...
 
جاءت أيام التطبيق وهي ختام مرحلة الكلية وبعدها يكون التخرج ،دخل نجاح على أبيه الشيخ في غرفته الخاصة لدرسه وقراءته بعد إن طرق الباب واستأذن بالدخول وألقى التحية والسلام فرحب ( أبو نجاح  ) بولده الشاب الذي بلغ أشده وأصبح رجلا له شخصيته الجميلة والمحبوبة من قبل المجتمع ... فصارح نجاح أباه الشيخ بمكنون قلبه وبحبه لزميلته رحاب ورغبته في الاقتران بها وحدثه عن أخلاقها واجتهادها بدراستها وما يعرفه عن أهلها من سمعة طيبة ... رحب الشيخ والأب العطوف بكلام بنجاح وأعطاه موافقته ومباركته ... وقال الشيخ لنجاح يا بني يجب إن تبلغ أمك فلا يصح إن لا تخبرها ولو قدمتها بالخبر قبل إخباري لكن الأفضل !!... تبسم نجاح وقال يا والدي إنني فعلت فقد اخبرت أمي وفكرت لو إني قمت بإخبارك قبل إخبارها ربما يسوؤها هذا الأمر وتحزن فإلام تحب إن تكون أول من يعرف بقرارات  أبنائها وأول من يفرح بهم ....
في اليوم التالي وفي الكلية التقى نجاح برحاب وقال لها : رحاب كنت ِ تحبي إن تعرفي منذ مدة طويلة أمرا مهما جدا ..
فقالت رحاب والخجل والحياء اختلج مع حركاتها وصوتها وكانت واثقة إن اليوم الذي انتظرته طويلا هو هذا اليوم وهذه اللحظات هي لحظات السعادة بالخبر المنتظر : نجاح أنت تعرف إنني أحب إن اعرف منك أمورا وأشياء كثيرة فتكلم وكلي أذان صاغية ...
نجاح : رحاب لا أطيل عليك ِ وأحب إن أقول لك ِ إني احبك ِ احبك ِ وانأ سوف أكون اسعد إنسان إن قبلتي إن تكوني زوجة لي واعلمي إنني كنت احبك ِ من زمن طويل لكن لم أكن ارغب في الإفصاح وذلك لأسباب كثيرة ستعرفينها إن قبلتي ولكي الحرية في القبول أو عدمه وسوف تجديني احترم كلاهما ...
رحاب قالت وكلها حياء : إنا موافقة وتستطيع إن تتقدم لخطبتي ....
 
فكان خلاصة هذا الحب العذري الصادق إن تمت الخطبة وعقد القران والزفاف وعاش كل من نجاح ورحاب في بيت الزوجية السعيد ولم يخمد حبهم لبعض بل أصبح أكثر توهجا وإشراقا فأتحد الحبيبان وأصبحا واحدا  ..
 
وكان ما كان مما لست اذكره    *****  فظن خيرا ولا تسأل عن الخبر 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فلاح العيساوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/06/28



كتابة تعليق لموضوع : نجاح و رحاب والحب العذري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net