صفحة الكاتب : زياد طارق الربيعي

الشهادة الجامعية وحقبة النسيان
زياد طارق الربيعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

عندما يتخرج شاب في مقتبل العمر من الكلية وهو متفائل جدا وله أحلام وردية وطموحات كثيرة حيث كان يفكر كيف سيبدع في عمله وتكون له أمنيات عديدة ويحرص دائما على أن يقدم أفكارا ومقترحات للإبداع في مجال عمله مما زاده حماسا للتخرج بسرعة لدخول عالم الجد في العمل وبعد تخرجه ويستلم شهادته الجامعية تبدأ المأساة عندما يكتشف الشاب ذو الـ24 عاماً, أن لامكان له في مؤسسات الدولة قاطبة خصوصا في مجال اختصاصه حتى ييأس وتبدأ الحالة المادية تتدهور لديه يوما بعد يوم إلى أن يجد عملا يناسب تحصيله العلمي ليحصل بالنتيجة على درجة وظيفية هي
أما جنبر أو حمال أو أو ... الخ
قصة هؤلاء الشباب المثابر هي قصة جيل عانى شتى أنواع المعاناة وهُمِّشوا إلى ابعد الحدود ولاقو الإقصاء وعدم الاهتمام من قبل كل الحكومات التي تتابعت على حكم هذا البلد الغني بالثروات والخيرات والفقير حد البؤس في واقع الحال فقد أُجبِروا الشعب المغلوب على أمره بالدخول في حروب ومتاهات أفقدتهم الكثير من الأمل في الحياة الكريمة وجعلتهم يتحسّرون بألم وهم يرون أقرانهم في باقي المجتمعات والدول يرفلون بخير وافر وبعد أن تراكمت هموم الشباب العراقي وخصوصا الخريجين للسنوات الأخيرة دون حل هذه الهموم التي تتمثل بالفقر والفساد الحكومي الكبير في التعيينات والخدمات مما أدى ذلك إلى تفاقم الوضع ليزيد من مشكلة البطالة وتصبح ظاهرة خطرة تهدد المجتمع العراقي في معظم شرائحه العمرية والطبقية والمهنية حيث طالت البطالة ليس فقط الفئات ذات التعليم المحدود وإنما شريحة واسعة شملت حتى خريجي الجامعات والدراسات العليا مما أدى إلى نزوح الكثير من الشباب الى أوربا لهدف العمل وتقرير المصير.
فقد كشف في الآونة الأخيرة أن نسبة البطالة في العراق بحوالي بـ60 - 70 % من القوى العاملة و أن الحروب والعقوبات على العراق أدت إلى نتائج مدمرة وقللت من إمكانات النمو الاقتصادي إضافة إلى تعرض القطاع الريفي إلى إهمال كبير من الحكومات المتعاقبة الأمر الذي انعكس سلبا في أن يفقد المواطنون أمنهم الاجتماعي و أن العاطلين عن العمل في العراق دخلوا في نفق مظلم يبحثون فيه عن مخرج منه يتمثل بمشاريع الأعمار التي وعدت بها الحكومة خلال المرحلة المقبلة وما توفره من فرص للعمل و أن\"تفاقم ظاهرة البطالة في العراق وارتفاع أعداد العاطلين عن العمل كانت له مؤشرات سلبية تمثلت بانخراط البعض منهم ضمن الجماعات المسلحة وحملهم السلاح بعد إغرائهم بالأموال وتعد البطالة بين الشباب اخطر ما يمكن أن يواجهه المجتمع من تداعيات لظاهرة البطالة من حيث تعطيل هذه الفئة الأكثر نشاطا من الفئات العمرية الأخرى عن المساهمة بعملية البناء كما أن بقاء هذه الفئة عاطلة عن العمل قد يدفع بها إلى القيام بأعمال مخالفة للقانون لاسيما في ظل ظروف بلد مثل العراق الذي عانى من الأعمال المسلحة طيلة السنوات الماضية ومن ابرز أشكال المتغيرات المجتمعية التي كانت ناتج طرح البطالة وقلة فرص العمل هي البسطيات (الجنابر) بالمصطلح السائد التي أصبحت ظاهرة تنتشر بكثرة في كل أنحاء العراق وفي كل مكان نسير فيه والتي باتت تلقى الرواج في البيع والشراء من قبل المواطنين ذلك إنها أخذت تستوعب ألاف العاطلين عن العمل والذين أغلقت في وجوههم أبواب الرزق وقد وفرت لهم فرصا للعمل وأنقذتهم من البطالة أو التسول أو التسكع في الشوارع دون جدوى وإن معظم أصحابها نجدهم من فئة الشباب الذين لم يتمكنوا من إيجاد عمل لهم وبعد اليأس ارتكنوا إلى فرش بسطياتهم ليسدوا بها قوت يومهم ويعيلوا أهلهم كون هذه البسطيات برزت نتيجة الحاجة الشديدة وفي ظرف مؤقت يعاني فيه بلدنا من البطالة وقلة فرص العمل وهي تضم الجميع من كبار السن والشباب والمتقاعدين أيضا الذين اضطرتهم قلة رواتبهم التي لاتقوى على مواجهة الغلاء الفاحش الموجود حاليا في السوق إلى الالتجاء إلى البسطيات أو العربات ألتي برزت في الآونة الأخيرة وهي ظاهرة أخذت تستقطب اهتمام الشباب العاطلين عن العمل والذين أوقعتهم ظروف الجوع وعدم توفر فرص العمل مما دفعهم ذلك إلى الاهتمام بالعربات الخشبية التي ازداد الطلب عليها من قبلهم واخذوا يستخدمونها في تحميل البضائع بدلا من أن يجرعوا مرارة الجوع بعد أن كانت هذه العربات لاتثير أي اهتمام في السابق رغم أنها مهنة قديمة منذ سنوات طويلة و إن اغلب العمال الموجودين هنا هم من أبناء المحافظات الذين دعتهم الحاجة للمجيء إلى العاصمة والعمل بعد أن عانوا كثيرا من البطالة ومشاكل الحياة جراء انعدام فرص العمل في المحافظات أو حتى الحصول على أجور يومية وإن سبب مجيء معظم الشباب إلى بغداد مع تحمل الغربة والبعد هو أن الأجور في بغداد أفضل من المحافظات وهذا يمكنهم من جمع المال وإرسال قسم منه إلى عوائلهم ومنهم من فضل الإقامة في بغداد ولكن المشاكل في بغداد كثيرة منها انعدام الأمن وغلاء الأسعار ومشاكل السكن والإيجارات وهو ما يبين وجود خلل اقتصادي واجتماعي وفني ينبغي الوقوف عنده ومعالجته وبقدر تعلق الأمر بمشكلة البطالة ينبغي اتخاذ الخطوات الكفيلة بمعالجة تلك المشكلة من خلال العمل على تفعيل الاستثمار وعمل القطاع الخاص الذي سيساهم في شكل كبير في حل قضية البطالة التي يعاني منها 15 في المائة من سكان العراق القادرين على الإنتاج والعمل وبالمقابل أن التوظيف الحكومي المتزايد سيخلق مشكلة جديدة في قطاع الدولة مثل البطالة المقنعة وترهل المؤسسات والوزارات فالمؤسسات الحكومية غير قادرة على استيعاب جميع العاطلين عن العمل لا سيما أن غالبيتها لا تحتاج إلى موظفين جدد كون الركود الاقتصادي في العراق سيزيد الوضع سوءاً، والحل يكمن في إطلاق الاستثمارات الأجنبية والخاصة في البلاد لتتمكن من استيعاب الأيدي العاملة مع وضع شروط خاصة بشركات الاستثمار الأجنبية تشير إلى أولوية توظيف العراقيين لمنعها من استقدام العمالة الأجنبية الرخيصة معها واذا ما بقيت الأمور على حالها سيكون ذنب هؤلاء الشباب في رقبة الحكومة والنظام الجديد كون البلد يشكو من ضعف الخدمات في مفاصل كثيرة إضافة إلى الفساد المستشري في الدوائر و أن مشاكل البلاد تضع ثقلها على المواطنين العراقيين الأمر الذي دفعهم في نهاية المطاف إلى التظاهر للمطالبة بحقوقهم المسلوبة ومن هنا أدعو الجهات المعنية أن لا تتدخل لمنع هؤلاء الشباب من أداء عملهم فهؤلاء حاصرتهم ظروف البلد وأجبرتهم على مزاولة هذه المهنة رغم إن اغلبهم من أصحاب الشهادات الجامعية إلا أنهم فضلوا العمل في البسطية بشرف على أن يبيعوا أنفسهم ووطنهم إلى الإرهاب أو إلى الجريمة والرذيلة ويسيروا مع تياره الأهوج وارتأوا لأنفسهم مهنة نظيفة رغم بساطتها ولكن مكسبها قليل واطلب من الوزارات و أمانة بغداد وبلديات المحافظات لتوفير أماكن لمزاولة عملهم وتنهي ظاهرة التوزع العشوائي الذي يؤثر على المواطنين ويشوه جمال المدينة .... وتقبلو تحياتي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زياد طارق الربيعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/12/19



كتابة تعليق لموضوع : الشهادة الجامعية وحقبة النسيان
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net