صفحة الكاتب : فالح حسون الدراجي

لندعم (بنگنا) المركزي..
فالح حسون الدراجي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يبدو أن العراقيين اليوم، باتوا يغردون خارج السرب الكوني. أو يعزفون خارج الإيقاع الموسيقي للسمفونية البشرية، بدليل أنهم الوحيدون في هذا الكوكب يتقدمون الى الوراء!!

فمثلاً، نجد ما كان في الأربعينيات والخمسينيات، وحتى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي أكثر تقدماً، وأشد ألقاً وبهاء، وحضارة، ونضارة، وأناقة، وإبداعاً، وجودة وإستقامة ونظافة، ونزاهة، وجمالاً، مما لدينا اليوم. فقد كان الإنسان العراقي آنذاك ملتزماً بمنظومة قيمية وأخلاقية ودينية وإجتماعية، يحترمها ولا يسمح بالإساءة لها مطلقا.

والبلاد التي كان فيها شخص صابئي (عبد الجبار عبد الله) رئيساً لجامعة بغداد، وفيها رجل يهودي (حسقيل داود) وزيراً للمالية، وفيها شخص آخر مسيحي وزيراً للصحة، ووجود عدد غير قليل من قيادات الدولة العراقية من الذين جاءوا من أطياف ومذاهب، وفروع عراقية، لا يخطر على بال أحد وصولها الى صدارة المشهد الحكومي آنذاك، لولا الوعي الجمعي لهذا الشعب العظيم. والبلاد التي كانت متقدمة على جميع البلدان العربية والإقليمية بعد أن دخل التلفزيون الى بيوت مواطنيها عبر تأسيس التلفزيون العراقي الذي يبث من بغداد قبل ستين عاماً، فسبق بذلك الفتح الحضاري أكثر من مائة بلد في العالم.. والبلاد التي أُسِست فيها الصحافة قبل قرن ونيف، فتقدمت بها على أكثر من مائتي دولة في العالم إصداراً للصحف.. والبلاد التي كانت تخرِّج أطباء من جامعتها بمستوى عال بحيث يجد هؤلاء المتخرجون فرصة، وترحيباً للعمل في مستشفيات وعيادات لندن، أكثر من فرص المتخرجين من جامعات بريطانيا وفرنسا وأمريكا.

وهذه البلاد، وهذا الشعب الذي كان متقدماً على نفسه، وعلى أقرانه في إحترامه للمرتكزات، والمرجعيات، والرموز الوطنية، التي كان الفرد العراقي يلتزم بقيمها وقوانينها وتعاليمها العقائدية والنضالية والحضارية طوعاً، وإيماناً حقيقياً، دون ضغط، أو إغراء..

لقد كان مثلاً، (السيد أبو الحسن) مرجعاً وطنياً يقدسه الشيعة والسنة، وكان الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم يحظى بإحترام، وتقدير، وحب كل العراقيين، وكان الجواهري شاعر العراقيين الأحرار جميعاً، قبل أن يكون شاعر الفرات. وكان العداء اللامع خضير سلاطة نجم نجوم الملاعب الرياضية، الذي يصفق له كل العراقيين دون تمييز، ونفس الشيء يحصل مع اللاعب عمو بابا، ومع رموز أدبية وفنية ورياضية وسياسية أخرى..

لقد كانت لدينا رموز.. وبناءات، ومؤسسات، وأسماء، وإبتكارات، وتواريخ، نحترمها جداً. اما اليوم فقد تخلى الناس عن رموزهم وعن مقاماتهم، حتى بات بإمكان أي أحد أن يشتم أي أحد.. ويهين إسم أي رمز أمامنا، دون أن يحتسب هذا (الشاتم) لقيمة هذا الرمز ولما يحمله من تاريخ وعلوم وأمجاد، ومهابة.. وليجرب أحدكم الآن، ويشتم في صفحته بالفيسبوك، أو في تظاهرة ما، أو في مقهى، أعلى رمز في الخارطة العراقية، وثقوا أنه سيجد بعد قليل الف واحد يشتم معه دون معرفة، أو وعي..

ولو أردنا الإقتراب من الجوهر أكثر، فسنقول أن هناك ثوابت وإهرامات ومعاني وطنية لا يجوز لنا أن نتعرض لها بما لا يليق ظلماً أو جهلاً، أو تنفيذا لرغبة هذا وذاك من الطامعين او الحاقدين.. فالعلم العراقي، والسلام الوطني، والعملة العراقية، وحروف إسم العراق الغالي، وبهاء الشهداء الذي ضحوا من أجل إعلاء قيم الوطنية والحرية في العراق.

أنا أرى اليوم للأسف مقالات وأخباراً، وعناوين عريضة منقولة عن مصادر حاقدة، تتهجم على العلم والنشيد والوطن والشعب دون أن يردعها رادع.. وهناك اليوم من يتهجم على العملة الوطنية العراقية، وعلى البنك المركزي الذي هو دريئة هذه العملة، وحصنها المنيع.. وبعيداً عن الأسماء، تعالوا ندافع عن بنگنا المركزي، فهذا البنك ليس ملكاً للشبيبي، ولا ملكاً لعبد الباسط تركي، أو للدكتور علي العلاق، إنما هو ملك العراق والشعب العراقي حسب.

إن البنك المركزي برأيي آخر حصون العراق النقدية التي ظلت واقفة على قدميها ولم تسقط بفعل الضربات السياسية والإقتصادية العدوانية رغم شدة الضربات.. ولم يتمكن زلزال الفساد السياسي من إسقاط هذا المعلم الوطني الشامخ..

وثبات البنك المركزي العراقي (الفيدرالي) اليوم ثباتٌ للهوية العراقية وللوجود العراقي، فلا توسعوا الطرق، وتفتحوا النوافذ للمغرضين، ليطلوا علينا بسمومهم وإشاعاتهم.. فأمس قرأت خبراً مسموماً يقول: (البنك الفيدرالي الأمريكي يوقف إمداد البنك المركزي العراقي بالدولار بسبب تسربها الى إيران)!!

وفي الحال كذَّب المركزي الخبر، وثمة أمثلة عديدة على إفتراءاتهم.

لذلك إسمحوا لي أن أطالب بالوقوف بقوة مع رموزنا الدينية، والوطنية النضالية، والإقتصادية، والثقافية، متمنياً إسناد مفاخرنا رغماً عن أنف الحاقدين على العراق.

أيها العراقيون: إحموا البنك المركزي العراقي، فهو (بنگنا) جميعا!!.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


فالح حسون الدراجي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/11/12



كتابة تعليق لموضوع : لندعم (بنگنا) المركزي..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net