صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

إذا أمطرت في موسكو
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كانوا يقولون، إذا أمطرت السماء في موسكو، رفع الشيوعيون القبعات في بغداد..
 
هكذا هي الأسطورة التاريخية التي شطح بها الزمن عندما كانت روسيا العظيمة تجمع في عباءتها عديد الدول المنضوية تحت لواء الإتحاد السوفيتي السابق الموشح بالأحمر القان، والمبدع في ترويض الشعوب والحكومات لينساقوا خلف الأوهام الكبيرة التي تلاشت مع الزمن ليبق الشيوعيون حول العالم مجرد أشباح مغتربة تخشى الإتصال بالناس كي لاتغيب عنها الحياة النورانية المفترضة والمصنعة بين صفحات كتب لينين وماركس وفردريك أنجلز وسواهم من مفكرين وفلاسفة أوهموا العالم إنه بدأ غريبا وسينتهي الى الجنة الأرضية.
 
صار الشيوعيون كالمصلحين الذين لايصغي لنداءاتهم أحد من البشر، أو أحد من الروس والشيوعيين في بقية العالم، وصارت التحالفات السياسية والعسكرية والأمنية والإقتصادية عابرة للحدود والأديان والأفكار والعقائد. وحيثما تلتقي المصالح تكون الإتفاقات، وكأن قائل يقول، إذا أمطرت في موسكو رفع الإسلاميون الشيعة القبعات في بغداد والنجف، وفعل مثلهم اللبنانيون في جنوب بيروت، وإهتزت وربت دمشق، وقررت وتحركت طهران، بينما ينتظر آخرون هبوب الرياح الأمريكية والقطرية والسعودية والتركية.
 
سبحان مغير الأحوال من حال الى حال، فهذه المعادلة السورية تتغير تبعا لظروف سياسية قاهرة وتحولات دولية غير مسبوقة. نجح المحور التركي القطري في إبعاد السعوديين عن الملف السوري تماما، بينما إنزاحت القاهرة جهة دمشق الرسمية، وهناك رؤية مصرية مغايرة لم تلتفت للمواقف السعودية المتفهمة لوضع مصر، وتقضي هذه الرؤية الإستراتيجية بأن إنهيار النظام السوري يمثل كسرا للإرادة المصرية وهزيمة للجيش المصري، وبشرح مبسط، فإن طلائع الجيش المصري تقاتل الى جانب الجيش النظامي السوري.
 
 
 
الإيرانيون والعراقيون والسوريون واللبنانيون ومعهم موسكو بوتين يتهيأون لأكبر محاولة في التاريخ المعاصر لإنتاج منظومة سياسية وعسكرية تواجه الطموح الأمريكي وهيمنة واشنطن وتسعى لكبح جماح التمدد التركي القطري السعودي في الشرق الأوسط بعد سنوات من الفوضى الخلاقة كما تسميها المرحومة كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي السابقة التي لم تمت، لكن فوضاها الخلاقة ماتت والرحمة تجوز للفوضى وللسيدة التي ماتزال حية ترزق، لكنها حية لاتلدغ.
 
الدب الروسي يحلق في سماء العراق وسوريا وعبر إيران بالتأكيد، بينما واشنطن تطلب من بلغاريا منع الروس من التحليق عبر صوفيا وهو مالايغيض موسكو التي تعرف الدروب جيدا، وقد قررت نهائيا إرسال طائراتها وبوارجها البحرية ومقاتليها وضباطها الى دمشق، وبعض منهم الى بغداد، وهناك تنسيق واسع بين الخبراء في الدول الأربع التي تمتلك أوراق مهمة في المنطقة خاصة وإنها تأتي للتحرك المباشر بعد أن فشل المحور المضاد في تحقيق أهدافه وأصابته النكسة، وصار يدعو لمشاركة الأسد في ترتيبات المرحلة المقبلة، وهذا مؤشر على بداية مرحلة جديدة من النزاع المر الذي سيصيب المنطقة بحال من الذعر والفوضى، ويدخلها في حرب مفتوحة يشارك فيها الجميع مباشرة وبالوكالة، ولعلنا سنعيش أياما صعبة في هذا المكان من العالم الذي يستقطب السلاح والمال والجنود، ويطرد الأطفال والنساء والشبان والشيوخ ليكونوا لاجئين في مواضع أخرى تفتح ذراعيها مؤقتا لهم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/30



كتابة تعليق لموضوع : إذا أمطرت في موسكو
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net