صفحة الكاتب : محمد حسن الساعدي

إصلاحات العبادي بين العجز والقفز؟!!
محمد حسن الساعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يختلف اثنان على ان الإصلاح والتغيير نحو الأفضل مفهوم يكمل المسيرة الديمقراطية لاي بلد يملك مقومات الدولة ، فالإصلاح بتعريف قاموس "وبستر" للمصطلحات السياسية بانه "تحسين 
النظام السياسي من أجل إزالة الفساد والاستبداد" . ويعتبر الإصلاح السياسي ركنًا أساسيًا مرسخًا للحكم الصالح ، ومن مظاهره سيادة القانون و الشفافية و المشاركة الشعبية في إتخاذ القرار والعدل وفعالية الإنجاز وكفاءة الإدارة و المحاسبة والمسائلة والرؤية الإستراتيجية ، وهو تجديد للحياة السياسية ، وتصحيح لمساراتها ، ولصيغها الدستورية ،والقانونية ، بما يضمن توافقًا عامًا للدستور ، وسيادة للقانون ، وفصلا ًللسلطات ، وتحديدًا للعلاقات فيما بينها " وهو ما معمول به في ادارة اغلب الدول العربية ، والتي منها العراق . 
إذن عملية الإصلاح خطوات مهمة ترافق عملية التطور البنيوي في اسس الدولة ، وهو اساس مهم في تعديل المسارات الخاطئة في جميع الاصعدة ، خصوصاً بعد حكم ثمان سنوات من حكومة هشة ذات قرارات ارتجالية لا تخضع لاي قواعد القانون او الدستور ، والتي جعلت البلاد تعيش حالة التخلف والتراجع في كافة الجوانب ، كما انها وفرت ملاذات آمنة للمفسدين حتى أمست ثروات البلاد تهرب الى الخارج تحت غطاء القانون ويومياً. 
لا شك ان الإصلاحات الحكومة الحالية برئاسة السيد العبادي تحضى باهتمام كبير سواءً على الجانب الجماهيري او السياسي ، كما انها تحضى بقبول وتأييد المرجعية الدينية العليا والتي وقفت مع هذه الإصلاحات من اجل إصلاح المنظومة السياسية وإيجاد روية واضحة في ادارة الدولة من جانب ، ومحاربة الفساد المستشري في جميع مفاصل الدولة ، ولكن امام هذه المعطيات علينا ان نتساءل لماذا الان هذه الإصلاحات ؟ مع العلم ان السيد العبادي كان رئيساً للجنة المالية في مجلس النواب ، وكان يملك جميع حسابات الدولة مقدماتها وخاتمتها، دون إلقاء الضوء على اي ملف من ملفات الفساد في حينها ؟!!
خطوات السيد العبادي في الإصلاح اصابها التلكوء ، وحملت بين أسطرها الارتجالية الواضحة ، والاهوائية والتي كانت سبباً في خراب البلاد وتمزقها ، كما انها حملت استعداء واضح لشخصيات تمثل كتل سياسية حصل السيد العبادي على مباركتهم في تولية رئاسة الوزراء ، كما ان هذه الخطوات انتقائية دون ان تكون شاملة لجميع مفاصل الدولة ، ناهيك عن إقصاء وزراء من مناصبهم وبقاء الوزارة كبناء وكادر وهيكلية فاعلة ، فالتغيير شمل الوزراء دون الوزارة ، فأين الإصلاح في هذا الجانب ؟! . 
الشي المهم في هذه الإجراءات ام القسم منها يتعارض مع بنود القانون والدستور ، والبعض الاخر يتعارض تماماً مع التوافق بين الكتل السياسية والتي على اساسها تشكلت الحكومة ، بل وأسس النظام البرلماني والديمقراطي الجديد ، ووالدي يعتمد بصورة كلية على القوى السياسية المشاركة في العملية السياسية ، الامر الذي يجعل السيد العبادي في وضع محرج امام تنفيذها ، خاصة فيما يتعلق بنواب رئيس الجمهورية ، والذي بحسب التقارير الإخبارية ان الأخير رفض قرار إلغاء مناصب نواب الرئيس ، مما جعل السيد العبادي يشعر بالحرج ام موقف رئيس الجمهورية ، وغيرها من إجراءات استعجالية غير مدروسة ، ولم تخضع لمعايير التوافق السياسي ، منا يعرضها للاهتزاز وفقدان قوتها عند عدم تنفيذها ، كما ان هناك بعض الإجراءات الإصلاحية كانت خلف الاضواء ولم تخضع هي الاخرى للتوافق السياسي او قبول أطراف التحالف الوطني على الأقل ، والذي هو الاخر أمسى نائم لا يعرف ماذا يجري " نايم بالظل ورجليه بالشمس "  . 
ان الإصلاحات شي مهم كما قلنا سابقاً في تصحيح المسار الخاطىء ، وتعديل مسار العمل السياسي ، ولكن مع ان يخضع لضوابط تقوي خطواته ، وتعطيه الحصانة والقوة امام اي رياح تحاول ان تكسر حصانته ، لان السيد العبادي استطاع امتصاص غضب الشارع العراقي بوعوده الإصلاحية، لكن الجميع يدرك أن تلك الوعود ربما تكون مجرد حبر على ورق، اذ لا يمكن تطبيقها امام التوازنات السياسية وربما ما سيقوم به هو مجرد مناقلة بين المسؤولين الذين سيستمرون بالحصول على رواتبهم ومخصصاتهم ومكاسبهم، ما يعني استمرار الفساد في مؤسسات الدولة ، واستمرار سيطرة الفاسدين على كافة مؤسسات الدولة واستمرارهم بالفساد ، لهذا يجب التخلّص من كل العناصر الفاسدة داخل الحكومة ومؤسساتها، وهي محاولة لبناء مؤسسات دولة على أساس مهني وخاضع لمعايير التوازن السياسي .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد حسن الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/09/21



كتابة تعليق لموضوع : إصلاحات العبادي بين العجز والقفز؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net