صفحة الكاتب : نبيل محمد حسن الكرخي

التجني الاكبر للسيد حسن شُبَّر الحلقة الثانية
نبيل محمد حسن الكرخي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

الإتجاه الثاني : 

إنَّ الدعاة (إصطلاح يطلق على المؤمنين المنتمين لحزب الدعوة الإسلامية) لا يطيعون سوى توجيهات القيادة الحزبية ولا يعملون إلا وفق رؤى قيادتهم الحزبية وإنهم منقطعون عن إطاعة المرجعية العليا التي هي مرجعهم في التقليد ، فتصرفاتهم كلها محسوبة لصالح الحزب المذكور. ولذلك نجد حسن شبَّر ينسب الدور والنشاط الذي يقوم به الدعاة إلى حزب الدعوة الإسلامية ويعتبره من ثماره رغم إن الحزب المذكور لم تصدر عنه توجيهات للدعاة للقيام بمثل ذلك الدور والنشاط ، ونجد هذا الخطأ أيضاً في كلمات علي المؤمن صاحب سنوات الجمر(7).

بيان خطأ الإتجاه الثاني :

يغفل بعض الباحثين إنَّ الدعاة هم مؤمنون ملتزمون بتطبيق الإسلام المحمدي ، وأول ما يقوم به المؤمنون هو رجوعهم في أمر التقليد إلى المجتهد الجامع للشرائط ، وسواء كان المؤمن منتمياً لحزب الدعوة أو لغيره من الأحزاب والجمعيات الإسلامية أو مستقل فهو ملتزم أولاً بمسألة التقليد ، لذلك فإن التفاعل الأول للمؤمنين هو مع المرجع الديني وله ولائهم الأول لأنه هو مصدر معرفة الأحكام الشرعية أما الحزب فلا يستطيع أن يحل محل المرجع الديني في هذا الأمر ، فالمرجع الديني إذن هو واسطة المؤمنين لسلوك الطريق المؤدي إلى الله عزَّ وجل وليس الحزب ، لذلك نجد الدعاة يتطوعون دائماً للعمل لدعم المرجعية الدينية وبدون أي توجيه من  حزب الدعوة الإسلامية كما هو حال المؤمنين جميعاً ، ومن شواهد ذلك الآتي :

1. قال حسن شبَّر : ( إنَّ كثيراً من الدعاة  كانوا قد أعتقلوا نتيجة لتوزيعهم بيانات علماء بغداد والكاظمية إستنكاراً للأشتراكية )(8). فما هو شأن الدعاة ببيانات علماء بغداد والكاظمية ؟ إنَّ الذي دفعهم لذلك ـ رغم عدم توجيه حزب الدعوة لهم ـ هو إنَّ مرجعهم الديني ( السيد محسن الحكيم (قده) قد أصدر فتوى بتحريم الإشتراكية فوجدوا إنَّ من واجبهم الترويج لتلك الفتوى ودعمها ، وحيث إنَّ بيانات علماء بغداد والكاظمية كانت تعبر عن رأي المرجعية العليا ـ بسبب الدعم المباشر الذي تتلقاه تلك الجماعة من السيد محسن الحكيم (قده) ـ لذلك لجأ الدعاة إلى الترويج لها.

2. إنَّ كثيراً من وكلاء السيد محسن الحكيم (قده) كانوا من الدعاة ، فمنهم السيد مرتضى العسكري (حفظه الله) والشيخ عارف البصري (رحمه الله) وغيرهما كثير.

3. قيام الدعاة من طلبة العلوم الدينية بجمع حوالي خمسين طالباً من مختلف الجنسيات وذهبوا إلى دار السيد محسن الحكيم (قده) عندما اعتزل في الكوفة بعد الهجمة الشرسة التي تعرض لها سنة 1969م من قبل السلطة  العفلقية في إتهام نجله السيد محمد مهدي الحكيم (قده) بالجاسوسية ، ولا شك فإن فعل الدعاة ذلك يعتبر تحدياً قوياً للسلطة التي ضربت حصاراً حول داره(9) ، وكيف لا يفعلون ذلك وهو مرجعهم الديني وواسطتهم لمعرفة أحكام الشريعة ؟!

4. بعد إصطدام النظام العفلقي المقبور مع مرجعية السيد محسن الحكيم (قده) سنة 1969م أشتعلت مدينة البصرة بالتظاهرات ثلاثة أيام متوالية وكان بين المتظاهرين آلاف المسلمين من أبناء العشائر وغيرهم ، ثم خرجت تظاهرات مسلحة في الناصرية والرميثة والفاو والحي وغيرها الأمر الذي شجَّع تنظيم (الدعوة) في البصرة على طرح فكرة عصيان مدني في كل العراق ، إلا إنَّ الظروف العامة والأمكانات وطبيعة المرحلة التي يمر بها الحزب ـ كان حزب الدعوة يمر بالمرحلة التغييرية (الثقافية) ـ لم تسمح لقيادته بالإستجابة للفكرة وتنفيذها(10) ، فالدعاة أرادوا نصرة الدين بنصرة مرجعهم الديني غير إنَّ قيادة الحزب المذكور وجدت الظروف غير مؤاتية الآن للتحرك المذكور.

 

هذه بعض الأمثلة على ما قدّمنا إليه من إنَّ معظم نشاطات وفعاليات الدعاة في نصرة المرجعية الدينية العليا لا تحسب لحزب الدعوة لأن التوجيهات بقيامهم بتلك النشاطات لم تصدر عن قيادة الحزب المذكور بل هي نشاطات وفعاليات أملتها عليهم واجباتهم الشرعية تجاه مرجعهم الديني.

 

الأتجاه الثالث : 

إنَّ هناك إنسجام وتناغم تام بين مرجعية الشهيد الصدر (قده) وبين قيادة حزب الدعوة الإسلامية منذ تأسيس الحزب المذكور وإلى إستشهاد الشهيد الصدر (قده) وإنّ الشهيد الصدر (قده) هو راعي الحزب المذكور والمنظر له وإلى يومنا هذا. يقول حسن شبَّر : ( وتأثير حزب الدعوة لم يقتصر على داخل العراق فقط ، فإن الصحوة الإسلامية التي نراها ونسمع بها اليوم في كثير من المناطق مدينة لحزب الدعوة الإسلامية الذي كان يحمل مشعل الشهيد الصدر )(11) ، ثم ينسب بكلاماً بعيداً عن الصواب للسيد مرتضى العسكري (حفظه الله) يقول فيه : (إنَّ الشهيد الصدر خرج من الدعوة ظاهرياً بناءاً على طلب السيد الحكيم ولكنه بقي مع الدعوة إلى آخر لحظة من عمره )(12) ، مع إنَّ السيد مرتضى العسكري (حفظه الله) قد أنسحب من قيادة حزب الدعوة الإسلامية سنة 1963م ليتمكن من ممارسة دوره السياسي العلني المنسوب إليه من المرجعية الدينية(13) ، ثم غادر العراق إلى إيران سنة 1969م مما يجعل إحتمالية رؤيته الضبابية إحتمالية معتد بها حول حقيقة التحرك الإصلاحي للشهيد الصدر (قده) والذي أنتهى بإستشهاده سنة 1980م. 

بيان خطأ الإتجاه الثالث : 

صحيح إنَّ الشهيد الصدر (قده) قد أسس حزب الدعوة الإسلامية بالإشتراك مع ثلة من المفكرين الإصلاحيين ، إلا إنَّه إنسحب من الحزب المذكور سنة 1960م واتجه للعمل الحوزوي ودعم مرجعية السيد محسن الحكيم (قده) ، ولا تصح محاولة بعض الباحثين إدعاء الإنسجام أو التواصل بين مرجعية الشهيد الصدر (قده) والحزب المذكور وسأذكر خمسة شواهد على عدم صحة إدعاء التواصل أوالإنسجام المذكور.

1.     لم يثبت إتصال الشهيد الصدر (قده) بقيادة حزب الدعوة الإسلامية على نحو الإنسجام والتواصل منذ إنسحابه من الحزب المذكور سنة 1960م وحتى سنة 1979م ، ولم يدَّعِ أحد ذلك بدليلٍ مقبول ، وكان الشهيد الصدر (قده) يتصل في أغلب الأحيان ببعض الدعاة ممن لهم علاقة شخصية به(14). 

2.     رفض الشيخ عارف البصري (رحمه الله) طلب الشهيد الصدر (قده) بإصدار قيادة حزب الدعوة الإسلامية بلاغاً إلى التنظيم الخاص (حزب الدعوة) يطلب منهم فك الإرتباط مع جميع طلاب ومدرسي الحوزة والوكلاء(15)، بمعنى ترك طلاب العلوم الدينية في الحوزة العلمية الإنتماء ل  حزب الدعوة الإسلامية.

3.     رفضت قيادة حزب الدعوة الإسلامية سنة 1971م سحب الأسس التي تقوم عليها نظرية الحزب ـ والمستندة إلى آية الشورى ـ من التداول حين طلب الشهيد الصدر (قده) منها ذلك لأنها لم تقتنع بمبدأ ولاية الفقيه الذي تبناه الشهيد الصدر (قده)(16).

4.     تمسك قيادة حزب الدعوة الإسلامية بالمبدأ القائل بقيادة الحزب للأمة مع الإستفادة في ذات الوقت من المرجعية كواجهة للعمل الإسلامي(17)، في حين كان الشهيد الصدر (قده) يرى ( إنَّ المرجعيـة الصالحة هي القيادة الحقيقية للأمة الإسلامية وليس الحزب ، إنما الحزب يجب عليه أن يكون ذراعاً من أذرع المرجعيـة وتحت أوامرها )(18).

5.     منذ وفاة السيد محسن الحكيم (قده) وإبتداء مرجعية السيد الخوئي (قده) التي أتخذت منهج الصبر والصمود في مواجهة العدوان العفلقي ، وجدت قيادة حزب الدعوة الإسلامية نفسها وحيدة في مواجهة النظام العفلقي لأن مرجعية الشهيد الصدر (قده) سارت ضمن منهج مرجعية السيد الخوئي (قده) في الصبر والصمود حتى سنة 1979م ، وهذا ما دفع قياديين في حزب الدعوة الإسلامية إلى التصريح بأن قيادة الساحة الإسلامية هي من حق من يتصدى لها وهو حزب الدعوة الإسلامية وليس مرجعية السيد الخوئي (قده) ولا مرجعية الشهيد الصدر (قده) ، ولذلك ظهر عند قيادة الدعوة مفهوم ( يتحمل قيادة الساحة من يتصدى لها ) و ( يتحمل قيادة الساحة من يبقى فيها )(19) في حين كان الشهيد الصدر (قده) يرى ( إنَّ المرجعية الصالحة هي القيادة الحقيقية للأمة الإسلامية وليس الحزب ) كما ذكرناه آنفاً في النقطة ( 4 ) أعلاه ، ومعنى ذلك وجود إختلاف جذري بين رؤية مرجعية الشهيد الصدر (قده) وبين رؤية قيادة حزب الدعوة الإسلامية طيلة سنوات السبعينيات الميلادية من القرن الماضي ، لأن الشهيد الصدر (قده) يعتبر منهجه في الصبر والصمود قبل إنتصار الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979م ـ والذي هو منهج السيد الخوئي (قده) أيضاً ـ هو في حد ذاته تصدي لقيادة الأمة في حين يعتبر حزب الدعوة الإسلامية التصدي الثوري هو التصدي المطلوب ولا يفهم سواه ! 

ومن سمات منهج الشهيد الصدر (قده) في الصبر والصمود طيلة فترة السبعينيات منذ وفاة السيد محسن الحكيم (قده) سنة 1970م وحتى قيام الثورة الإسلامية في إيران سنة 1979م هو : 

أولاً: محاولته تهدئة الثوار في إنتفاضة صفر سنة 1977م حتى لا يفسر موقفه بأنه ( موقف مخالف ومعادي للسلطة ومؤيد للثوار )(20).  

ثانياً: إصدار الشهيد الصدر (قده) حكماً فقهياً بعدم جواز مس مقام المرجعية العليا(21) ، ومنهج المرجعية العليا معروف لكل أحد وهو منهج الصبر والصمود.

ثالثاً: شهـادة أحد المعاصرين للشهيد الصدر (قده) حول طبيعـة منهج الشهيد الصدر (قده) في ذلك الوقت ، وهو الشهيد الحكيم (قده) الـذي ذكر إنَّ ( الشهيد الصدر (قده) عـاش فترة تقرب من تسـع سنوات ـ (1970م ـ 1979م) ـ وهي شبيهة بالفترة التي كانت بين وفاة الإمام الحسن عليه السلام وثورة الإمام الحسين عليه السلام فهي مقاربة تماماً من حيث الزمن و الشهيد الصدر (قده) كان موجوداً ولم نعرف منه تلك الثورة التي عرفناها في أيامه الأخيرة ، وقد كان فكره وفهمه ومعرفته  لكل الأشياء قائماً وموجوداً ، لأن الموقف السياسي يشبه موقف الإمام الحسن عليه السلام حتى تبدلت الأوضاع وتغيرت )(22).   

 

ثم ننتقل من نقطة إنسجام الشهيد الصدر (قده) ومرجعيته مع مرجعية السيد الخوئي (قده) في منهج الصبر والصمود طيلة فترة السبعينيات (1970م ـ 1979م) إلى نقطة أخرى ينبغي أن لا تخفى على المؤمنين وهي إنَّ حزب الدعوة الإسلامية كان في تلك الفترة (1970م ـ 1979م) بل وقبلها أيضاً يمر بالمرحلة الثقافية فهو لم يكن متصدياً في تلك الفترة للعمل السياسي وإنما كان تصديه ثقافياً       

 

 

الهوامش:

[7]  الرد الكريم ـ ص13.

[8]   المصدر السابق ـ ص21.

[9]    الرد الكريم ـ ص22.

[10]    سنوات الجمر ـ ص123.

[11]  الرد الكريم ـ ص14.

[12]  المصدر السابق ـ ص13.

[13]  سنوات الجمر ـ ص85.

[14]  حزب الدعوة الإسلامية ، حقائق ووثائق – ص262.

 [15]  حزب الدعوة الإسلامية ، حقائق ووثائق – ص200.

[16]   المصدر السابق – ص409.

[17]   المصدر السابق – ص161.

[18]   المصدر السابق – ص198.

[19]   سنوات الجمر ـ ص131.

[20]   شهيد الأمة وشاهدها ، القسم الثاني ـ ص80.  

[21]   الإمام محمد باقر الصدر ، معايشة من قريب ـ ص67.

 [22]  مرجعية الإمام الحكيم ـ ص79.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نبيل محمد حسن الكرخي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/22



كتابة تعليق لموضوع : التجني الاكبر للسيد حسن شُبَّر الحلقة الثانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 2)


• (1) - كتب : نبيل الكرخي ، في 2016/02/26 .

بسم الله الرحمن الرحيم
السيد محمد باقر الصدر (قده) هو احد المشتركين في تأسيس حزب الدعوة الاسلامية ثم انسحب منه بعد ذلك نتيجة شبهة فقهية طرأت عليه تخصص الاسس التي تأسس وفقاً لها ، وذلك حوالي سنة 1961. عموما كنت قد كتبت عن هذا الموضوع بالفقرة (11) الموجودة عبر الرابط التالي ، اذا اردت التفصيل.
http://nabilalkarkhy.com/New/new_page_7.htm
تحياتي.

• (2) - كتب : عباس عبد السادة ، في 2016/02/12 .

تحية لك.. أستاذ نبيل المحترم…
ما مدى صحة ما تفضلتم به تأسيس الشهيد الصدر للدعوة؟ أليست هذه من أكاذيب الدعوة التي صدقها الكثيرون؟




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net