صفحة الكاتب : الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

قراءة استطرادية في معالم التجديد عند بديع الزمان النورسي
الشيخ ليث عبد الحسين العتابي

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على خاتم الأنبياء و المرسلين محمد و على اله الطيبين الطاهرين .
    إن الكلام عن قضايا التجديد و الإصلاح كلامٌ طويلٌ بطول عمر الإنسان , تشعبت مناهله , و كثرت موارده , و تناما إليه اللغط , و تضاربت به الأهواء , فكان في صعودٍ و هبوط , ما بين إفراطٍ و تفريط .
و نحن إذ نتكلم عن قضايا الإصلاح لابد لنا أن نتكلم عن روادها و الداعين لها و منظريها ألا و هم ( المصلحون ) أو ( المجددون ) لهذا الفكر الخلاق , و الذي يهدف للنهوض بالأمة الإسلامية من مهاوي الردى إلى العلى , و من العزلة إلى الانفتاح , و من التمسك بالماضي بكل ما به من مساوئ و أخطاء إلى الحاضر و تصحيح الأخطاء و الاستفادة من الإرث الحضاري كدافع للتطور و الانطلاق .
لذا فلابد لنا من انطلاقة جديدة نحو الإصلاح و التجديد لإعادة السمو و العزة و المنعة و التقدم للإسلام كدين و منهج متكامل للحياة , و من أهم الطرق التي يجب علينا إتباعها في هذه الانطلاقة , هي الرجوع إلى علماء الإسلام من مجددين و مصلحين و الذي كان لهم الدور الريادي في نهضة المسلمين و لو بنحوٍ ما إلا و هو : ( الحفاظ على هذا الدين ) .
و من هذه الشخصيات البارزة و التي قاومت الانحراف و الفساد في تركيا الشيخ و المصلح و الداعية الإسلامي ( بديع الزمان سعيد النورسي ) الذي حارب البغي و التحلل و تركيا الحديثة , تركيا العلمانية , تركيا أتاتورك , منبهاً للغافلين , و معلماً للجاهلين , و معرفاً بالطغاة و المجربين , و مبيناً لإحكام رب العالمين و رسوله الصادق الأمين ( ص ) . و الذي سوف نقف معه وقفة تأملية لنستوضح معالم التجديد لديه و أسسها و تطبيقاتها , و بالتالي مقدار تأثيرها , و مقدار تأثر المجتمع بها , و مقدار بقاءها و ديمومتها . سائلين المولى العزيز التوفيق في هذا الجهد المتواضع إنه سميع الدعاء .
و الحمد لله رب العالمين

بديع الزمان سعيد النورسي
حياته , نشأته , وفاته , مؤلفاته

الولادة و النسب : ـ
ولد سعيد النورسي في قرية ( نورس ) التابعة لولاية ( بتليس ) الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام ( 1294 هـ ) ( 1877 ميلادي ) من أبوين كرديين صالحين , و نشأ في بيئة كردية يخيم عليها الجهل و الفقر  .
اسم والده هو : ميرزا بن علي بن خضر بن ميرزا خالد بن ميرزا رشان من عشيرة ( أسباريت ) , ينتهي نسبه إلى الأمام الحسن بن علي بن أبي طالب عليهم السلام , و هذا ما كان يشير له في لقاءاته الخاصة إذ يقول : " و مثلاً إنني من أهل البيت و لكن أحذر أن أذكر هذا لأحد , فوالدتي حسينية و والدي حسني "  .
كان والده صوفياً متعففاً عن الحرام , معروف بالورع و التقوى , محبوب من قبل أهل قريته , و مضرب مثلهم في صلاحه و ورعه , توفي في العشرينات من القرن الماضي , و دفن في نورس و وجد على قبره شاهد كتب عليه ( ميرزه ) .
أما والدته : نورية بنت ملا طاهر من قرية ( بلكان ) التي تبعد عن نورس ثلاث ساعات , و هي من عشيرة ( خاكيف ) الكردية .
عرفت بالحصافة و رجاحة العقل و التدين , لم تفارق صلاة التهجد طوال حياتها , و لم ترضع أولادها إلا على طهر  . توفيت والدته و هو في التاسعة من عمره .
إخــــوته و أخواته : ـــ
أنجب والده ذرية صالحة أربعة أولاد و ثلاث بنات و هم على التوالي : درية , و خانم , و عبد الله , و سعيد , و محمد , و عبد المجيد  , و مرجان .
نشأته و حياته : ــ
حفظ القرآن و هو في الثامنة من عمره , ثم تتلمذ على أخيه الكبير ( الملا عبد الله )  , و اقتصرت دراسته في هذه الفترة على الصرف و النحو , ثم بدأ يتنقل في القرى و المدن بين الأساتذة و المدارس , و يتلقى العلوم الإسلامية من كتبها المعتبرة بشغف عظيم , يرفده ذكاؤه و قوة حافظته الذي اعترف به أساتذته جميعهم , و كان في تلك الفترة أنه حفظ كتاب ( جمع الجوامع ) في أصول الفقه , و كتاب ( القاموس المحيط للفيروز آبادي ) إلى باب السين . أطلق عليه ( بديع الزمان ) و ( خادم القرآن ) لعلمه و حكمته . و الكلام عن سيرته و رحلاته و دروسه و مساجلاته طويل جداً نحيله إلى الكتب ذات الاختصاص لمن أراد المزيد عن هذا الشخص  .
نضاله و جهاده : ـــ
لما نُشر في الصحف المحلية أن وزير المستعمرات البريطاني ( غلادستون )  قد صرح في مجلس العموم البريطاني قائلاً : (( ما دام القرآن بيد المسلمين فلن نستطيع أن نحكمهم , لذلك فلا مناص لنا من أن نزيله من الوجود أو نقطع صلة المسلمين به ))  .
زلزل هذا الخبر كيان سعيد النورسي , و أقض مضجعه , فأعلن لمن حوله و بكل قوة و صراحة : (( لأبرهنن للعالم بأن القرآن شمس معنوية لا يخبو سناها , و لا يمكن إطفاء نورها ))  .
فشد الرحال إلى استانبول و قدم مشروعاً إلى السلطان عبد الحميد الثاني  لإنشاء جامعة في شرقي الأناضول أطلق عليها اسم ( مدرسة الزهراء )  على غرار الأزهر الشريف من مهماتها الأساسية : (( توحيد المدارس الدينية و إصلاحها , و إنقاذ الإسلام من الأساطير و الإسرائيليات و التعصب الناشئ عن الجهل و المتمثل في قسم من مقلدي أوربا و ملحديها , و فتح باب لنشر محاسن المشروطية , و إدراج العلوم الكونية الحديثة في منهاج المدارس الدينية , و تقليص الهوة بين المدارس الدينية و المدارس الحديثة و أهل الزوايا " التكايا " سعياً إلى توحيد المقصد و توحيد الصف في المجتمع ))  . و لكن دعوته لم تلق آذاناً صاغية .
و في سنة 1924 حين أعلن انتهاء الخلافة العثمانية و قيام الجمهورية التركية , و أصبح مصطفى كمال  قائداً أعلى للقوات المسلحة التركية و أول رئيس للجمهورية , و بعد ثورة الشيخ سعيد بيران النقشبندي سنة 1925 القي القبض على سعيد النورسي و تم نفيه إلى ( بوردو ) فمكث فيها سبعة أشهر , و نفي بعدها إلى ( بارلا ) سنة 1926 , و بقي هناك مدة طويلة نقل بعد ذلك إلى ( أسكي ) , ثم نفي مجدداً إلى ( قصطموني ) , و أودع سجن ( ديترلي ) , لينفى بعدها إلى ( أمير داغ ) , ليحكم عليه بعد ذلك بمدة عشرين شهراً و يسجن في سجن ( أفنيون ) , و ما أن خرج من سجنه عام 1949 حتى بدأ يمارس دوره كداعية في خدمة العقيدة و المجتمع . لقد كان نضاله مرير مع السلطات العلمانية التركية , و على رأسها مصطفى كمال صاحب المشاريع العلمانية الهدامة ضد الدين الإسلامي . لكن صوت النورسي ضل يتردد و هو يقول : (( إنني أستطيع أن أتحمل كل آلامي الشخصية , و لكن آلام الأمة الإسلامية سحقتني , إنني أشعر بأن الطعنات التي وجهت إلى العالم الإسلامي كأنها وجهت إلى قلبي أولاً , و لهذا تروني مسحوق الفؤاد , و لكني أرى نوراً ينسينا هذه الآلام إن شاء الله تعالى ))  .
وفاته : ــ
توفي بديع الزمان سعيد النورسي في الخامس و العشرين من شهر رمضان المبارك عام ( 1379 هـ ) الموافق للثالث و العشرين من شهر آذار سن ( 1960 ) ميلادي , و دفن في مدينة ( اورفة ) , و بعد الانقلاب العسكري في تركيا في ( 27 / 5 / 19960 ) قام الانقلابيون العسكر بنقل رفات سعيد النورسي إلى جهة غير معلومة .
يقول شقيقه عبد المجيد عن ذلك : (( قالوا لي : سنقوم بنقل رفات أخيك الشيخ سعيد النورسي من اورفة . و قاموا بهدم قبر سعيد )) .
و نقلت رفاته بالطائرة إلى جهة مجهولة , بعد أن أعلنوا منع التجوال في المدينة , فأصبح قبره مجهولاً حتى الآن لا يعرفه الناس , حتى لا يتحول قبره إلى مزار يؤمه عشاق الحق و الحقيقة , لقد خشيت السلطات من قبره بعد موته كما كانت تخشاه في حياته .
مؤلفاته باللغة العربية : ــ
1ـ إشارات الإعجاز في مظان الإيجاز , و هو تفسير للقرآن .
2ـ المثنوي العربي النوري , و هو استعراض للمعارف الإيمانية و ضرورتها وفق المنهج القرآني .
3ـ قزل إيجاز على سلم المنطق , و هو حاشية على كتاب السلم المنورق للشيخ عبد الرحمن الخضري .
4ـ تعليقات في علم المنطق , و هو تعليق على كتاب برهان الكلنبوي في المنطق .
5ـ دواء اليأس ( الخطبة الشامية ) , و هي توضيح أسباب تخلف العالم الإسلامي و طرق علاجها .
المؤلفات باللغة التركية : ـــ
1ـ الكلمات , و تضم 33 كلمة في 650 صفحة .
2ـ المكتوبات , و تضم 33 مكتوباً في 450 صفحة .
3ـ اللمعات , و هو شرح للعقائد الإسلامية ممتزجة بالتفسير و علم الكلام , و تضم 33 لمعة في 430 صفحة .
4ـ الشعاعات و تضم 15 شعاعاً في 640 صفحة .
5ـ الملاحق في دعوة النور .
6ـ السانحات .
7ـ الخطوات الست , و هي خطة تقضي بحماية الأمة من خطر المحتلين الغزاة و كيفية التعامل معهم .
8ـ المناظرات .
9ـ محاكمات عقلية في التفسير و البلاغة و العقيدة .
10ـ ختم التصدق الغيبي .

أبرز معالم منهج النورسي
    لكل خط إصلاحي معالم تميزه عن الخطوط الأخرى , و تعرفه للأخرين , و تشخص أهدافه و الأسس التي يسير عليها . و لكل خط رواده و بناته و مريديه و الداعين له و المدافعين عنه . لذا و بما أن بديع الزمان النورسي هو من المصلحين و دعاة التجديد فلابد أن يكون لخطه معالمه الخاصة به و المميزة له عن باقي الخطوط . لذا سوف نقف مع أهم ما يميز معالم الخط الإصلاحي لبديع الزمان النورسي و التي هي : ـ
1ـ عدم تقيده بالتجربة الصوفية الضيقة ذات الطريق الواحد , و لا يعدها مصدراً مناسباً من مصادر المعرفة , و لا مصدراً من مصادر الأيمان , فالعصر ليس عصر تصوف و ترهبن إنما هو عصر عمل لإنقاذ الإسلام و المسلمين . يقول : (( لقد كنت أقول أن هذا الزمان ليس زمان الطريقة , فالبدع تحول دون ذلك ... ))  . و يقول : (( لا يمكن دخول الجنة بدون إيمان , بينما يدخلها كثيرون بدون تصوف , فالتصوف فاكهة , و الحقائق الإيمانية خبز ))  .
2ـ اعتماده على النبع الصافي في جهاده و نضاله و معرفته إلا و هو ( القرآن الكريم ) . يقول النورسي : (( ... إن القرآن شمس معنوية لا يخبو سناها و لا يمكن إطفاء نورها ... ))  . و يقول : (( فطريق المعراج القرآني الذي يعلنه ببلاغته المعجزة لا يوازيه طريق في الاستقامة و الشمول , فهو أقصر طريق و أوضحه و أقربه إلى الله , و أشمله لبني الإنسان , و نحن قد اخترنا هذا الطريق ))  .
كما و يقول : (( إن أخطر شيء في هذا الزمان هو الإلحاد و الزندقة و الفوضى و الأوهام و ليس تجاه هذه المخاطر إلا الاعتصام بحقائق القرآن الكريم ))  .
   فلقد أعتمد النورسي على القرآن كأساس في دعوته الإصلاحية , و ذلك من خلال :
   أ ـ الإعجاز الموجود في القرآن الكريم :
   فهو يقول : (( إن النظم القرآني هو الوجه الأول و الأبرز من وجوه إعجاز القرآن الكريم ))  . و لأجل ذلك ألف كتابه : ( إشارات الأعجاز في مظان الإيجاز ) .
   ب ـ التأكيد على ما في القرآن الكريم من شمولية مطلقة :
فهو يقول : (( فالعامي و الشاعر و البدوي و البليغ و الجغرافي و الأديب و الفيلسوف ... لكل منهم نصيب من هذا اللفظ ))  .
ملتفتاً إلى التفاسير التي يغلب عليها حس التعصب و الفئوية  فهو يقول : (( لا يتحصل له ـ أي القرآن ـ تفسير لائق , قلما يخلص من التعصب لمسلكه أو مشربه ))  . فقد اتبع منهج التفسير التوجيهي الروحي في تفسيره للقرآن في أكثر مؤلفاته خلافاً للمنهج التجزيئي في التفسير .
3ـ إعطاء مساحة للأخر , يقول النورسي : (( إن من يعرف سعيد عن كثب يعلم أنه يتجنب تكفير الآخرين تجنباً شديداً ما استطاع إلى ذلك سبيلا , بل يحاول أن يجد تأويلاً حتى لو رأى كفراً بواحا ))  . فهو يوصي طلبته و متبعيه بشأن مخالفيهم و يقول : (( إن واجبنا نحوهم طلب الهداية لهم فحسب , فلا يرد في قلب أي طالب من طلاب النور الثأر و لو بمقدار ذرة ... ))  .
و يقول : (( ... إن طالب الحق المنصف يُسخط نفسه لأجل الحق , و إذا ما رأى الحق لدى خصمه رضي به و ارتاح إليه ))  .
4ـ الإيمان و السعي لوحدة المجتمع الإسلامي , و معارضة كل ما يخل بنظامه الداخلي . بل الدعوة للتقريب ما بين جميع المذاهب الإسلامية , و التوحد تحت راية الإسلام . فهو يقول : (( أن مشربنا : محبة المحبة , و مخاصمة الخصوم , أي إمداد جنود المحبة بين المسلمين , و تشتيت عساكر الخصومة فيما بينهم ))  .

5ـ نظرته الخاصة حول الجهاد . إذ يقول النورسي : (( بأن الجهاد في الشريعة لا يوجه إلى المسلمين داخل العالم الإسلامي , و إنما يوجه إلى العالم الخارجي , أما في داخل العالم الإسلامي فإن الجهاد يكون جهاد دعوة و علم و نصيحة لإعادة المسلمين إلى حظيرة الإسلام حسب قانون التدرج الكوني ))  .
6ـ اهتمامه الكبير بالتوجه العلمي و التقني للأمة و بالسير على نظام اقتصادي متوازن من أجل الوصول إلى البناء السليم للأمة و إعلاء كلمة الله سبحانه و تعالى , فالإسلام بأمس الحاجة إلى إعلاء كلمة الله , و لا تستطيع الأمة المحافظة على عزة الإسلام و إعلاء كلمة الله إلا بأن تعيد بناءها العلمي و التقني و الصناعة التخصصية بتحكيم دستور تقسيم العمل و إبعاد العشوائية و الفوضى من حياتها .
7ـ تحديد المكانة الحقيقية لأهل البيت عليهم السلام في الإسلام . (( إن الرسول الأكرم عليه الصلاة و السلام رأى بنظره الأنيس للغيب , أن آل بيته سيصبح في حكم شجرة نورانية بين عالم الإسلام , و أن الذين يؤدون وظيفة الهداية و الإرشاد في درس الكمالات الإنسانية في كل طبقات عالم الإسلام سيخرجون من آل البيت على الأكثرية المطلقة , و كشف أن دعاء الأمة في حق الآل في التشهد , و هو " اللهم صل على محمد و على آل محمد كما صليت على إبراهيم و على آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " سيكون ذلك الدعاء مقبولاً ... ))  .
و قال : (( إن ما أظهره الرسول الأكرم عليه الصلاة و السلام من الشفقة الفائقة على العادة و الاهتمام العظيم إزاء الحسن و الحسين " رض " في صبوتهما ليس شفقة جبلية و محبة ناشئة عن حس القرابة , بل ذلك من حيث إن كلاً منهما رأس حبل نوراني من حبال وظيفة النبوة ))  .
و يقول : (( إن حمل الرسول ( ص ) الحسن في حضنه و تقبيله رأسه بكامل الشفقة و الرحمة هو لأجل الكثيرين من ورثة النبوة الشبيهين بالمهدي الحاملين للشريعة الغراء المتسلسلين من سلالة الحسن المنحدرين من نسله النوراني المبارك ... , فلقد شاهد الرسول الكريم ( ص ) ببصيرة النبوة ما يضطلع به هؤلاء الأكارم في المستقبل من مهام مقدسة جليلة , فاستحسن خدماتهم و قدر أعمالهم , فقبل رأس الحسن علامة على التقدير و الحب . ثم أن الاهتمام العظيم الذي أولاه الرسول الكريم ( ص ) بالحسين و عطفه الشديد نحوه إنما هو للذين يتسلسلون من نسله النوراني من أئمة عظام وارثي النبوة الحقيقيين الشبيهين بالمهدي أمثال زين العابدين و جعفر الصادق ))  .
8ـ أما في مجال الاقتصاد فأن النورسي يقدم لنا مخططاً دقيقاً و عميقاً لإيصال الأمة إلى نظام اقتصادي متوازن من الممكن أن نسميه ( اقتصاد القناعة ) مع الحركة الدائبة في الحياة و الاشتغال بالحرف التي توافق قابليات و استعدادات الناس .
لذا يقول : (( ... فليس المال إلا مال الله , و ما الأغنياء إلا أن ينفقوه باسم الله ))  .
فهو و في أماكن كثيرة حول القضايا الاقتصادية يحدد أن من أسباب زوال العدالة الاقتصادية هو : ( شياع الربا , و عدم أداء الزكاة , و عدم القناعة ... ) .
و إن تطبيق العدالة الاقتصادية يتم عن طريق : ( القناعة , و منع الربا , و فرض الزكاة فرضاً ) .

الأسس المهمة نحو التجديد
   لكل عمل خطة , و لكل عامل طريق يسير عليه و تجربة مفيدة يستفيد منها و مضرة يبتعد عنها , و تجارب الأخرين حياة تضاف لحياة الفرد الواحد , فإن لم يحدد الإنسان أهدافه و يعرف مبتغاه فحياته عبث , إما دعاة الإصلاح فهم أولى بتحديد أهدافهم , و وضع الأسس الدقيقة و الحقيقية و الواقعية لكل ما يخدم الناس و يسير نحو إصلاحهم , و هنا و ما دمنا مع المصلح الإسلامي بديع الزمان النورسي , لذا نوضح أبرز أسس الإصلاح التي حددها و سار عليها و نبه لها  .
1ـ التنبيه لمؤامرات الأعداء ضد الإسلام :
(( إن محبة الإسلام توجب عداءكم و خصومتكم ... إن أشد العقول بلاهة عقل يرى إمكان التوفيق و التلاؤم بين أطماع الإنكليز و منافعهم و بين عزة الإسلام و مصلحته ... و إن أكثر القلوب حماقة قلب يظن إمكان الحياة تحت حمايتهم , إذ يعلقون حياتنا بشرط محال في محال ... ))  .
2ـ تشخيص الأمراض و العلل :
(( إن من أهم أسباب تأخرنا في مضمار المدنية بعد الاستبداد هو ؛ تباين الأفكار , و اختلاف المشارب لدى منتسبي ثلاث شعب كبيرة : المدارس الحديثة , و المدارس الدينية , و التكايا ))  .
3ـ تحديد الهدف و المنطلق :
و ذلك عن طريق : (( إزالة الشبهات التي تلوث حقائق الإسلام بالإفراط أو التفريط , و صقل تلك الحقائق الألماسية ... ))  .
4ـ التأكيد على أهمية العمل الجماعي في البناء و التطور :
(( فلسنا في الزمن الغابر , حيث كان الحاكم شخصاً و مفتيه ربما شخص واحد أيضاً , يصحح رأيه و يصوبه , فالزمان زمان الجماعة , و الحاكم شخص معنوي ينبثق من روح الجماعة ))  .
(( إن هذا الزمان ـ لأهل الحقيقة ـ زمان الجماعة , و ليس زمان الشخصية الفردية و إظهار الفردية و الأنانية , فالشخص المعنوي الناشئ من الجماعة ينفذ حكمه , و يصمد تجاه الأعاصير ))  .


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث عبد الحسين العتابي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/08/03



كتابة تعليق لموضوع : قراءة استطرادية في معالم التجديد عند بديع الزمان النورسي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net