صفحة الكاتب : اسراء البيرماني

حلم ظهيرة باردة
اسراء البيرماني

 انه البرواز الزجاجي ذاته الذي احتضن تلك اللحظة منذ اعوام ، لحظة من الهوس و براءة الاطفال تتشبث محتضنة ذراعه و الامنيات بمستقبل لا تعرف كيف هو اكثر من انه سيرافقها ليعيشاه معا .. القبعة السوداء و كنزة التخرج و هو .. اعظم امنياتها خلف ذلك البرواز لا اكثر خلفتها خلف زجاجة و اختفت .. يبقى وحيدا تحتضن حدقاته صورتها بشي من الحسرة و الاختناق .. تأكله مشاعره الحرى كما يضرم الحريق في غابة صنوبر فإستعادتها اصبح حلم ظهيرة عابر ينهكه كلما اغمض عينيه .. انها الذكريات .. ذئب شرس يتناهشه كل ليلة فيصارع النسيان على نول من صبر و يشحذ قلبه المعتق بالشوق بكبرياءه المعتاد متقمصاً دوره النرجسي القديم الذي بات يثير سخريتها و تجاهلها فما عادت هي الطفلة التي لا تود الا ان تراه لتعيش . يقبع تحت بقعة ضوء ليلي خافت منتقما من ذاته بأعقاب السكائر و شي من الدموع . هي ذي تظهر امامه في كل مكان فلا مناص من فك الاشتباك مع عينيها المعاتبتين .. تنخلع ابواب الترقب على تدفق صوتها المباغت معلنة الحضور فيتوقف به العالم فجأة عن الدوران الا انها لا تلبث حتى تكون وهما ! أمسك بهاتفه الذكي و كتب (( كل شي يعيدني اليك و يبقيني فيكِ )) . حاول ارسال كلماته فوثب امامه شيطان كبرياءه ساخرا .. مره اخرى يستسلم لذاته و يختار البقاء على شرفة انتظار مبادرتها الا انها .. لن تعود ! كيف الفكاك من حب نقي تمكن منك حتى اختراق لغتك حتى اصبحت احدى المتع الحقيقة هي هتك اسرار تلك اللغة و البوح بالندم .. ذات يوم احتدم فيه صراع الشوق و الألم بعد سنتين من الغياب :- - انتِ لي . - كنتٌ ذلك. - و ستبقين .. تزدادين جمالاً بغيابي و جمالك يفضح بشاعتي و يشوش حياتي العاطفية ! اطلق رصاص كلماته الواثقة و مضى بكبرياءه المعهود .. انها المرة الاولى التي يعلن فيها عن هزيمته بها الا انه برغم كل هذا و ذاك اعاد احلامها فيه خطوتين الى الامام بعدما تقهقرت متلاشية .. هكذا هو دائما .. الاشياء معه تبدأ كما تنتهي .. يلتقي بها بصدف يصطنعها يتصفحها على عجل و يدخل معها في حورات طويلة صمتاً لحديث لم يكن ! وهو يؤمن تماما بأنه خالد في داخلها و الرجل الذي لا يمكنها انكاره .. هكذا يبقى متقوقعا في عشق قديم معلناً حداده امام يٌتم عواطفها تجاهه و قد اودعتها في حقائب لا تود ان تفتحها مرة اخرى بعد جرع الخذلان التي ادمنت عليها منه .. ها هي ذا امامه مرة اخرى ، شارد بها عنها ، نسي كل مآخذه عليها ونسيت لماذا افترقا لماذا كرهته و لماذا آلمها و استمتع بتعذيبها و هو يود استعادتها فورا بالتطرف نفسه بمعجزة يكاد يجهلها بعصا سحرية تعيد كل شي الى السابق كل هذا فضحته عينيه ذات ظهيرة باردة عند تلك الطاولة الحمراء الزجاجية .. يثيره دهاء انوثتها الفطري فيتبدد في المشافهه معها لأول مرة فكانت كما الغيمة يبرم معها صفقة و لا يمكنه ان يتوقع بأي ارض ستمطر .. تغيرت كثيرا و بدت تجيد نزاله ، تجيد اثارة حيرته ، تجيد الولوج به الى متاهات تستفزه و تثير مخاوفه من فقدانها مرة اخرى و هو الذي ناضل في لقاءها مرة اخرى . انه الحادي الثلاثون من ديسمبر .. تاريخها المفضل فهي مولعة بحفلات رأس السنة و يلزمها تجهيز الكثير .. فضلت لو ان لقاءهما ينتهي و لا ينتهي فمنظر عودته اليها آبقا هو حلم قديم لم تكن تتوقع تحقيقه يوما .. رغم كل ذلك همّت بالنهوض و المغادرة ... المطر .. زائر مفاجئ عبق يفاجأها ... تتسمر في مكانها و قد هزمها المطر هذه المرة و ظفر هو ببقاءها معه لفترة اطول حدثها :- - كيف لك ان تقاومين كل غزارة هذه الامطار بمفردك بلا مظلة ؟ - سنوات و انا اعتاد ذلك بمفردي حتى احببته . غرق لاول مرة في صمت طويل وقد أحست بنبرة الحزن في صوته و لم تألفها من قبل .. تمتم كأنه يحادث نفسه :- - سامحيني .. لم اجد سببا لشراستي معك .. ربما لفرط حبي لك .. ربما لأدراكي بأمتلاكي المؤقت لك الا انني لم اتمكن من الغياب اكثر .. ثم كيف لم يهزمك الحنين اليّ يوما في ليلة ماطرة ؟؟ كيف لم تهزمك النشرات الجوية و انت المولعة بمتابعتها و ترقب المطر ؟؟ لا اصدق ذلك ابدا لاني اعرف من انتِ .. كنت و ستبقين صغيرتي .. احب فيك جراءتك الجديدة و نظراتك المتحدية و لو انني اعرف انها مصطنعة ، احب فيك حياؤك و تلك الانوثة المترفعة التي لا تستباح عنوة الا بإذن عشقي . يخيم الصمت في المكان و قد انصرفت بعينيها نحو نافذة عريضة تراقب المطر .. - لمَ تبدين صامتة ؟ - الصمت ابلغ اللغات .. كل المشاعر التي تستنجد بالبوح مشاعر نصف كاذبة ... تعلمت هذا الكلام منك وقتما كنت استجدي اعترافك بحبي فتجيب (( عجّة البوح لا تخلو من توابل الرياء وحده الصمت هو ذلك الشي العاري الذي يخلو من الكذب )) افضل الصمت اجلالا لحلم قديم بك اراه يتحقق امامي الان


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


اسراء البيرماني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/30



كتابة تعليق لموضوع : حلم ظهيرة باردة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net