صفحة الكاتب : نزار حيدر

إِنتِفاضَةٌ شَعبانيَّةٌ..ثانِيَةٌ
نزار حيدر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 الاولى كانت عندما انتفض العراقيون ضد الاستبداد والديكتاتورية عام ١٩٩١ اثر هزيمة نظام الطاغية الذليل صدام حسين في حرب تحرير الجارة الكويت.
 وقتها؛ حقّق العراقيون بالانتفاضة الشعبانية المباركة الأهداف التالية:
 اولاً؛ تحطيم الأغلال التي صنعها النظام الشمولي، وكسر حاجز الخوف والرعب الذي بناه النظام بأجهزته القمعية والبوليسية.
 ثانياً؛ بعث الروح الثورية، التي كادت ان تقضي عليها روح الاستسلام والتخاذل التي خيمت على العراق.
 ثالثاً؛ تمييز الجبهات الداخلية في المجتمع العراقي، والفصل بين المواقف التي سيسجلها التاريخ شئنا ام أَبينا.
 رابعاً؛ فضح نفاق المجتمع الدولي، الذي ساعد نظام الطاغية على قمع الانتفاضة الباسلة وارتكاب ابشع الجرائم ضد الانسانية وعلى راسها جريمة المقابر الجماعية.
 خامساً؛ كما عرَّت الانتفاضة النظام الشمولي وأسقطت كلّ شعاراته المزيّفة التي يتشدق بها لخداع الراي العام العالمي والعربي والعراقي على وجه التحديد، ليكتشف الراي العام بانه نظام قمعي قومجي، طائفي وعنصري بامتياز، يوظّف بعض المساحيق التجميلية لتجديد الصورة كلما استدعت الحاجة الى ذلك!.
 كل هذا كان قبل قرابة ربع قرن من الزمن.
 امّا اليوم فان العراقيين بحاجة الى انتفاضة شعبانيّة جديدة ولكن من نوع اخر، انتفاضة على الذات وعلى الارهاب؛
 على الذّات لتحطيم كل الأمراض الاجتماعية التي عشعشت في المجتمع العراقي جرّاء الثقافات السلبية والخاطئة التي تشبع بها العراقيون جيلاً بعد جيل بسبب المعاناة العظيمة التي عاشوها منذ اكثر من نصف قرن.
 كذلك لتحطيم كل الانتماءات الضيّقة للانطلاق في فضاء الانتماء الوطني، فهو الوحيد الذي يمكن ان يستوعب كل هذا التنوع والتعددية في المجتمع العراقي.
 ان الانتماءات الدينية والمذهبيّة والحزبية والمناطقية والعشائرية وغيرها، تُعٓدُّ اليوم احد اخطر اسباب التيه المجتمعي الذي يعيشه العراقيون.
 كما ينبغي ان ينتقض العراقيون على (التزييف الديني) و (الدجل المذهبي) و (الاتجار بأئمة اهل البيت عليهم السلام) تحديداً، فإلى متى نظل نخدع انفسنا بانتماءات نظريّة نحن ابعد ما نكون عنها في العمل والممارسة والعلاقات؟.
 الى متى نظلّ نمارس خداع الذات من دون ان ننتبه الى حالنا من اجل التغيير الذاتي اولا وقبل اي شيء اخر؟.
 كذلك؛ ينبغي الانتفاض والتمرد ضد العُقد التاريخية التي اكلت عقولنا، ودمرت حاضرنا ومستقبلنا، فالالتفات الى الماضي والتوقف عنده لا يرسم معالم مستقبل جديد ينطلق من الواقع الفعلي.
 اما البُعد الاخر من الانتفاضة المطلوبة فهو ضد الارهاب، والذي يولّده العنف والفساد المالي والاداري بكل اشكاله، بالاضافة الى فشل السياسات العامة التي أخفقت في بناء الدولة.
 واخصّ هنا في الحديث (المكوّن السّني) من ابناء المحافظات الثلاث على وجه التحديد، او ما كان يطلق عليها النظام الشمولي البائد تسمية (المحافظات البيضاء) والتي لم تحرّك ساكناً إبّان انتفاضة العراقيين ضد الاستبداد والديكتاتورية.
 الا يكفيهم انهم دفعوا ثمن اصطفافهم الى جانب النظام الديكتاتوري والذي أخذهم الى المهاوي، ليصطفّوا اليوم مع جماعات العنف والارهاب عندما تحوّلت محافظاتهم (البيضاء) الى حواضن دافئة للارهاب، ليقودهم الارهابيون هذه المرة الى المهاوي السحيقة؟.
 لا ننكر انّ الكثير منهم اسرى بيد الارهابيين، لا حول لهم ولا قوة، وهم عاجزون عن فعل شيء، وانّ الكثير منهم قاتل ضد الارهاب، ولكن الحديث هنا عن الغالبية العظمى من علمائهم ومشايخهم وشيوخ وأبناء عشائرهم، فان عليهم جميعاً ان ينتفضوا ضِدّ الارهاب ليبادروا الى طرد الارهابيين من حواضنهم، وتطهير كل شبر من ارض العراق الطاهرة من دنسهم.
 يكفيهم الثقة العمياء بقادتهم من السياسيين الذين يتاجرون بمعاناتهم من على شاشات الفضائيات الطائفية الحاقدة، والتي لا تريد الخير لا لهم ولا للعراق الجديد الذي يَرَوْن فيه مصدر قلق دائم على عروشهم، واخصّ بالذكر نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، فهو مصدر ومنبع الارهاب الاول في العالم.
 يكفيكم كلاماً غير منطقي عن التهميش والتمييز لاثارة النّعرات الطّائفية وتحريض هذا الطرف الإقليمي او الاخر الدولي، فلتتّحد كل البنادق صوب العدو لتصويبها الى صدر الارهاب الأعمى، والذي سيدمّر المكوّن السّني قبل الاخرين، كلما مرّ عليه وقتٌ إضافي.
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/05



كتابة تعليق لموضوع : إِنتِفاضَةٌ شَعبانيَّةٌ..ثانِيَةٌ
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net