صفحة الكاتب : علي حسين الخباز

الوجوب الكفائي ومعطياته الثقافية
علي حسين الخباز

 النظر الى الوجوب الكفائي كمنجز من منجزات الثقافة الإسلامية، يأخذنا لفهم الوجود الثقافي؛ كونه أحد أهم الأسباب التي تحفظ للأمة تماسكها وتحصينات عوامل التشرذم والتفتت والانحلال، وبها ينتمي الانسان الى جوهر هويته.
 ويرى معظم النقاد: إن هذه الثقافة لا تدرك إلا عندما تتعرض الى غزو تكنولوجي نتيجة سياسة مقصودة من خارج الحدود او على أيدي ابناء الوطن باسم التقدم، وهكذا كان الوجوب الكفائي الذي نهض ليفاجئ العالم بوجوده مجرد ان تعرض الوطن والدين وجوهر الهدية الى تجاوزات حاولت في البدء زرع الخنوع، فانهارت معنويات الجيش، ومن ثم بدأ زحف مغول داعش لاحتلال الموصل وتكريت، والتحرك نحو ديالى، والرمادي، متوعدين بالوصول إلى بغداد، وإعلان احتلال العراق.
الآن معظم الذين هم تحت سيطرة الداعش اليوم يعانون من الهيمنة ومسخ الهوية وتهديم اواصر الصلة، وابعادهم عن الحضارة والدين، فتم تهديم المتاحف والمعابد والصروح الاثرية مع الاصرار على تهديم المراقد والحسينيات والكنائس، ورغم ان آلية الجهد العسكري الداعشي سخرت له التكنولوجيا والاسلحة المتطورة، إلا انه عجز عن التماثل الانساني مع قيم الوجوب الكفائي وانسانيته وخصوصية انتمائه الى قيم الموروث الاسلامي الخلاق، فهو لا يتخلى ابدا عن قيم أهل البيت (عليهم السلام).
 ويرى أغلب المحللين أن انسانية هذا الوجوب الكفائي المقدس هو وعي ثقافي مدرك، اطلق نداءها التاريخي لتواجه دعوات الداعشيين الى اشاعة نظم فوضوية تتعارض مع المبادئ الاخلاقية ومع الدين.
 وقد تعاظم الامر بفضل التفسيرات الخاطئة للدين سوى الموروثة منها والمبتكرة، فهم يرفعون التكبير شعارا كوسيلة جذب اجتماعي، لكنه يذبح الناس بالجملة ويلعب مرتزقته برؤوس المسلمين كرة قدم بعد فصلها من اجسادها، هي حرب اذن بين هوية الوجوب الكفائي والتي تعني هوية المرجعية الدينية الشريفة، أو بين النزعة العدوانية التي يعلن عنها بشكل علني.
 والعالم كله يدرك تلك التجاوزات انسانيا وثقافيا وحضاريا والحكومات العربية والاسلامية ما زالت تخضع لسياسة حز الرأس، فالمرجعية ادركت ان الشعوب اليوم بحاجة الى الوعي بما يمتلك من دور حيوي لابد ان ينهض بواسطة التضحية والتفاني، وتحمل المسؤولية، فالانعزالية التي تفشت قبل نداء المرجعية المباركة يوصلها الى نهاية وجودها كأمة، وحتى الذين ساندوا ودعموا الدواعش هم الان امام خذلان كبير، سيتضاءل يوما بعد يوم اذا ما التحقوا بركب الوجوب الكفائي؛ لينهلوا من وطنيته وانسانيته، ويستثمروا هذا النداء كمحفز وحدوي يجمع فصائل الأمة.
 فتحصين الشخصية الاسلامية يكون بالحرص على الانفتاح المذهبي، وتنوع الاطياف المكونة للحمة هذا الشعب، فكان نداء المرجعية بالوجوب الكفائي لتحصين الجيش والشعب وتحويل الموضوع برمته الى تكليف وطني، ليكون مقاتل الحشد الشعبي هو جندي احتياط في معركة مصيرية، ويجمع الحشد جميع المستويات الثقافية ممن يجعل الاهتمام بفعالية التفكر مبدعة تابعة من ادراك هذا التمايز التضحوي الذي وهبته المرجعية المباركة، واهتم بتنمية الجوانب الانفعالية وألوان السلوك الدفاعي.
ولا يخفى على بصير ما يتعرض له الحشد الشعبي من حملات تشويه ومحاولات اضعاف الهمم عن طريق بث الاشعاعات المهولة، وبدأ الاعداء اليوم يناقشون مسألة الحشد بعد التحرير، وهذا يعني ان الوعي وثقافة الدفاع عن الهوية سيتسامى وجوده حتى بعد التحرير، ليشكل قوة رادعة لأي تجاوز مستقبلي على العراق أرضاً وإنساناً.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي حسين الخباز
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/02



كتابة تعليق لموضوع : الوجوب الكفائي ومعطياته الثقافية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net