صفحة الكاتب : وليد المشرفاوي

عقاب أهل الفساد أفضل وسيلة لحماية المواطن الشريف
وليد المشرفاوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


الإنسان الشريف لا يحتاج لحماية أخلاقية ولا إلى مصدات تحذيرية تمنعه بإرشاداتها القانونية من الانحدار في مستنقعات الفساد العفنة ، إن فرغت كفه عفت نفسه ، وان جاع بطنه صام احتسابا ، وان سهل طريق الفساد أمامه سهل عليه اجتنابه بحياة ضميره وصدق أمانته ، الشرف ليس قيمة خاصة بالأغنياء فقط ، ولكنها دائما ماتكون أكثر وضوحا وحضورا عند الذين لم يعرفوا من المال إلا مانقص منه عن سداد حاجاتهم الضرورية ، وكلمة شرف مفردة يكثر استخدامها لدى الطبقات الفقيرة فهم يتواصلون بها ويتعاهدون ومن اجلها يضحون ، فهي رأس المال الحقيقي الذي يملكونه وإن حدث وخان الفقير شرفه إما بسرقة مال أو في أي جريمة أخرى ، فان شر فعلته لا تتجاوز أضراره حدود ذاته المدانة ، وكل قضايا أو تجاوزات أصحاب المراتب المتدنية بفقرها في المجتمع مرصودة ومعروفة ، وتم محاكمتهم عليها ، وسحبوا أو دفعوا بأمر القضاء عدالة إلى السجون ، ليأخذوا جزاء ما اغترفت أيديهم ، وإدانتهم لم تتم بسبب حاجتهم وفقرهم ولكن لجرم فعلوه واستحقوا عليه العقاب الرادع والعادل .

هل يتطلب الأمر حتى نحمي المواطن الشريف أن نفصل بين المواطن والشرف ، وننظر للمواطن كقيمة منفصلة والشرف قيمة مضافة له ليحق لنا التحذير دائما من أن شرف المواطن في خطر ، ونعمل بكل ما أوتينا من قوة للمحافظة عليه حتى لايسلب بغفلة منه أو يضعف بسبب إغراء لسداد حاجة ، وبهذا جعلنا شرف المواطن شيئا من الأشياء التي يمكن أن تفقد وما عليه إلا أن يكون في جهاد مستمر للمحافظة عليه ، لكي لا يتجزأ تلقائيا ويفقد الإنسان بعضه في رحلته في هذه الحياة ، وهنا قدمنا مبرراً ينسل ألينا من ظروف الحياة - فقر ، جهل - ليكون هو المدان الوحيد- أي العذر- الذي تسبب في فشل الشرف وتعثر صاحبه أخلاقيا ، ونقضي الوقت والجهد في البحث عن بيئات الفساد لندينها ، ونتساءل ممَّ تتكون بيئة الفساد ومتى كانت ؟ وكأن لها حدودا تفصلها عن المجتمع وما علينا إلا تطويقها بسياج نظري لنحمي شرف المجتمع منها ، مع إن الدين والعلم والواقع يذكرون لنا إن القوانين والشرائع السماوية جاءت لتنظيم حياة المجتمع وحماية استقراره من عبث أصحاب الضمائر الضعيفة ، هذه القوانين أقرت عقاب الفرد إذا انحرف في سلوكه ، ولم تعاقب البيئة ، لأنه مثل ما أن في البيئة فسادا فإن في البيئة أيضا قانونا سلطته أقوى من سلطة العابثين بأموال الناس وحياتهم .

نسمع عن أموال ضخمة جدا تتحرك بفعل متنفذين من مواقعها التنموية إلى مواقع المنفعة الخاصة المعطلة لأسباب وجود تلك الأموال ، فان مراجعة سريعة لتقارير ديوان المراقبة نكشف معها كم من الأموال انحرفت عن مسارها الوطني لتسلك مسار الفساد المدان شرعا وأخلاقا ، واقعة اختلاس أو تزوير أو إهمال وقعت ونشرت كقضية فساد لها حجم وقدر ومكان ولكن يبقى المستفيد هو الرقم الغائب في تفاصيل الواقعة عند نشرها في الوسائل المعلنة ، وكأن الأموال هي وحدها المدان والتي تستحق أن يفضح أمرها، ولا يكون في هذا الأمر منطق إلا إذا اعتقدنا إن الأموال هي التي سرقت نفسها بنفسها ، وهنا نقول قد اكتملت القضية والسلام .

عندما يقوم شخص بقتل شخص آخر أو يعتدي على حرمة مسكن ، فإننا نعرف من وسائل النشر اسم المعتدي وعقوبته ، ولكن الأمر في حال قضايا الفساد المالي التي كشفتها مؤسسات الرقابة لا نعلم عن أمر المتسببين بها شيئا لا أسماءهم ولا عقوبتهم ، مع إن جرمهم اشد قبحا من قتل إنسان لإنسان ، العابث بالمال العام شخص أسقط مرحلة من مراحل تنمية البلاد وأهله وبفعله هذا قد يكون منع زيادة في سرير في مستشفى أو حتى بناء مستشفى يضمن حق المواطن في العلاج أو أي بند مالي يحمي شرف المواطن من التسول والانحراف ..

مثل هؤلاء المعتدين ومن خلال نظرة فاحصة لعملهم المشين نستطيع أن نقول وبإدراك واع إنهم جعلوا من قضايا الفساد وذواتهم وطنا لهم مستقلا عن الوطن العزيز ، ألا يستحق هؤلاء التشهير والفضح المعلن ، ليكون عقاب أهل الفساد هو أفضل وسيلة لحماية المواطن الشريف؟!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


وليد المشرفاوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/09/14



كتابة تعليق لموضوع : عقاب أهل الفساد أفضل وسيلة لحماية المواطن الشريف
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net