صفحة الكاتب : محمد صالح السعدي

الحشد الشعبي بين الفتوى والاستحقاقات
محمد صالح السعدي

لا احد منا يمكنه ان يتجاهل او يتغاضى عن الدور الرئيسي الكبير الذي قامت به تشكيلات الحشد الشعبي في تحرير اراضي عراقية كانت تحت سيطرة داعش فتحرير كامل أراضي محافظة ديالى في 25 كانون الثاني 2015 واعلانها خالية تماما من عناصر دا عش واعوانهم وانتقال حالة المحافظة الأمنية من الاضطرابات والتفجيرات المستمرة الى حالة الاستقرار والأمان وتمتع أهالي المحافظة بهذا الأمان للالتفات الى بناء المحافظة وتطويرها , كما ان تحرير مدينة تكريت مركز محافظة صلاح الدين خلال الأيام القليلة الماضية يعد ضمن الحسابات العسكرية إنجازا غير مسبوقا لما يحمله من تحديات كانت تقف حجر عثرة امام إتمام العمليه بالشكل الذي وفقنا الله فيها واذكر منها :
التحديات الميدانية :
أولا – طول المدة التي كانت فيها المدينة تحت سيطرة داعش مما مكنهم من بناء التحصينات الدفاعية والانفاق وتفخيخ الطرقات والمنازل , مما جعل عملية اقتحام المدينة تتطلب سيطرة عالية للنار وإدارة دقيقة لتقدم القوات حفاظا على أرواح الجنود والحشد الشعبي .
ثانيا – تمركز قوات داعش في الأبنية الحكومية في المدينة وهذا ما يجعل مهمة الحفاظ على البنى التحتية على قدر المستطاع مهمة إضافية تضاف الى مهمة اخراج داعش منها .
ثالثا – استخدام داعش لمن تبقى من سكان المدينة كدروع بشرية , فلم يسمح للكثيرين بالخروج من المدينة منذ اشهر رغبة منهم بتعطيل عملية التحرير الى ابعد وقت ممكن .
رابعا – المساعدات الامريكية المستمرة لداعش بشتى الطرق فتارة ضرب قوات الحشد الشعبي بالطائرات وتارة من خلال اسقاط المؤن والاعتدة والأسلحة بالمظلات على تجمعات داعش في المدينة مما يتيح لهم استمرارية البقاء مدة أطول فيها ؟
التحديات  السياسية :
لربما لا تقل التحديات السياسية التي واجهتها عملية تحرير تكريت أهمية عن التحديات الميدانية ومنها :
أولا – كانت الضغوط التي مارستها أمريكا خلال عملية التحرير على القيادة العسكرية وطلبها المستمر بسحب قوات الحشد الشعبي ورفض مشاركة الخبراء الإيرانيين في توجية وقيادة العملية الأثر الكبير في تأخير عملية التحرير من جهة وخلق أجواء مشحونة بين ابطال القوات المسلحة والحشد الشعبي من جهة وبين الدعم المنتظر من أمريكا تفديمه خلال العملية .
ثانيا – تدخلات بعض السياسيين في التصريحات المعوقة لعمل الجيش والحشد واطلاق العبارات المحرضة على الطائفية وتصوير العملية على انها انتقام طائفي او ثأر لضحايا سبايكر مما تسبب في زعزعة الروح المعنوية التي تمتع بها ابطال الجيش والحشد .
ثالثا – تشكيك سياسيين محددين بدوافع شخصية و كتلوية في قدرة القائد العام على قيادة العملية على الوجه الصحيح مما أثر على تقديرات القيادة العامة للمدد الزمنية المطلوبة والكافية لتحرير المدينة باقل الخسائر البشرية والمادية .
التحديات المالية :
في كل المعارك التي تخوضها الدول يكون التحدي المالي هو التحدي الأكبر , لان ديمومة القتال تحتاج الى سيولة دائمة للمال لتوفير متطلبات الجيش من أسلحة واعتده ومؤن ووقود , الا اننا هنا وفي هذا الوقت تحديدا كان التحدي المالي اكبر من كل التحديات التي مرت وتمر بها جيوش العالم المتحاربة أولا بسبب شحة السيولة النقدية في الخزينة العراقية عند بدء العمليات ولحد الان إضافة الى الانخفاض الحاد المستمر بأسعار النفط في السوق العالمية وتراجع قابلية العراق لتصدير نفطه بعد قطع احد الشرايين المهمه التصديرية الا وهو الخط الستراتيجي الرابط بين كركوك وجيهان التركي , كل هذا وغيره كان تحديا كبيرا للشروع بعملية تحرير الأراضي العراقية بالامكانيات المتوفرة حينها , الى ان جاءت فتوى المرجعية الحكيمة ( بالجهاد الكفائي ) واستجابة عموم الشعب العراقي بالانخراط في تشكيلات الحشد الشعبي مستصحبين معهم أسلحتهم الشخصية التي تمكنوا من اقتنائها والاحتفاظ بها منذ عام 2003 وبعدها وتضحية الكثيرين منهم ببيع مصوغات زوجاتهم الذهبية واثاث بيوتهم للحصول على قطعة سلاح يمكنهم استخدامها دون تحميل الحكومة والخزينة أعباء جديدة تضاف الى تكاليف تجهيز القوات المسلحة الرسمية .
وها نحن ندخل الشهر العاشر من انخراط مقاتلي الحشد الشعبي في تشكيلاتهم استجابة الى الفتوى بالجهاد وما زال اغلبية ابطال الحشد لم يستلمون راتبا واحدا من الحكومة العراقية علما ان اغلبيتهم من العوائل الفقيرة او المعدمة والكثيرين منهم لا يعملون في وظائف  حكومية ولا يستلمون رواتب من الدولة تعينهم على تمشية أمور حياتهم المعيشية لهم ولعوائلهم , وهنا على الحكومة التوقف عند هذه المسألة و توفير الحلول الملائمة لها بما يضمن كرامة هؤلاء من جهة ولا يثقل على ميزانية الدولة من جهة أخرى لتامين استمرارية دفاعهم عن ارض العراق وتحريرها من دنس الأعداء .
لذا اقترح ان يتم تضمين مستحقات الحشد الشعبي في الموازنة التكميلية المزمع إقرارها نهاية النصف الأول من السنة الحاليه , و بناء تشكيل عسكري يضم كل افراد الحشد الشعبي الغير مرتبطين بوظائف حكومية وربط هذا التشكيل بوزارة الدفاع او الداخلية او حتى بمكتب القائد العام للقوات المسلحة لما ابدوه من شجاعة وتفان في الحفاظ على شرف العراق وتحرير أراضيه .
قوات الحشد الشعبي تستحق اكثر من هذا فلولاها لما امكننا استرجاع أراض مغتصبة بالطريقة هذه , تركوا أهلهم وذويهم وعوائل تفتقر لابسط مقومات الحياة وتوجهوا الى جبهات القتال راغبين بالشهادة في سبيل رفعة الوطن , اقل ما يمكن ان يكافؤا به ضمان لقمة العيش لهم ولعوائلهم , هذا واجب الحكومة أولا و أخيرا .

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد صالح السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/05



كتابة تعليق لموضوع : الحشد الشعبي بين الفتوى والاستحقاقات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net