صفحة الكاتب : محمد صالح السعدي

لعبة إسرائيل وأمريكا بالنفط العراقي
محمد صالح السعدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 للنفط تأثير متزايد في عالم السياسة لما له من سطوة على دنيا الطاقة وتفرعاتها , فكلما ازداد ازدهار بلد ما كلما زادت حاجته إلى الطاقة  وبما ان العالم باجمعه في تطور مضطرد وتسابق محموم في السيطرة والتسلط وفرض الهيمنة , فانه صار بأمس الحاجة الى الطاقة لإدامة  هذه السيطرة , فالمصانع على اختلاف أنواعها تحتاج الى الطاقة والمشاريع الكبيرة تحتاج الى طاقة لتصاعد وتيرة أكمالها و القوات العسكرية تحتاج الوقود لتتحرك وتناور و تغزو وتحتل والتجارة أيضا تحتاج الى طاقة لتسويق البضائع والسلع .
كل هذا واكثر منه يدفع الدول العظمى تتسابق للهيمنه على منابع النفط في العالم عامة والشرق الاوسط خاصة ان كان بالتاثير السلمي على الحكومات للعمل تحت مظلتها او من خلال التاثير العسكري بفرض الاحتلالات والاضطرابات والقلاقل , وبما اننا نعيش اليوم في عالم القطب الواحد بتحكم امريكا لوحدها بالعالم بعد انهيار الاتحاد السوفيتي وانطواء حكومات اوربا القديمة تحت ابط السياسة الامريكية , فان هم امريكا وصنيعتها اسرائيل السيطرة على منابع النفط والتاثير المباشر وغير المباشر في سوق النفط العالمية للحصول على مكاسب لا يمكن ان تتوفر بغير ذلك .
فالمتتبع لاسعار النفط العالمية منذ عقود يجد انها تتاثر سلبيا باي اضطرابات سياسية في الشرق الاوسط ان كانت هذه الاضطرابات لمصلحة الشعوب او ضدها , الى ان احتلت امريكا العراق فما كان لها الا ان تزيد اسعار النفط تحت حجج واهيه منها قلة المعروض وزيادة الطلب وكأن العراق كان المصدر الوحيد للنفط وان انتاجه النفطي كان عاليا لدرجة انه يؤثر سلبا اذا حجب عن السوق الدولية متناسين ان العراق اصلا عاش تحت وطئة الحصار الاقتصادي لمدة تتجاوز العقد من الزمان وان منشئاته النفطية متهالكه بعد الغزو الامريكي في 1991 , فصار النفط العراقي ملكا للمحتل الامريكي فتجاوز سعر النفط المائة دولار بعد ان كان قبل عام من الاحتلال لا يتجاور الخمسة عشر دولارا , بقي الحال على ما هو عليه الى ان بدأت امريكا واسرائيل تدبران امر الجماعات الارهابية التي اجتاحت المنطقة متزامنة مع ترويج الادارة الامريكية الجديدة لانسحابها من العراق منتهجة بذلك طريقا جديدا للتاثير على الثروة النفطية في العراق من جهة وادارة قطع الامدادات النفطية من العراق للسوق العالمية من جهة اخرى فالخط الستراتيجي الشمالي الرابط بين كركوك وميناء جيهان التركي اصبح الان خارج الخدمة ومنذ عدة سنوات حيث لا يمر اسبوع واحد دون ان يتعرض الى عملية تخريب او حرق او تفجير يعطل العمل به لاسابيع او اكثر , والخط الستراتيجي الجنوبي الرابط بين الرميلة وحديثة الذي كان يتعرض لمرات عدة من قبل داعش , وحرمان العراق المستمر من الخروج الى البحر من خلال تضييق الخناق بمساعدة الاشقاء الكويتيين بانشائهم ميناء مبارك ليسد الطريق امام أي فكرة لاستغلال الشواطيء العراقية في انشاء ميناء يمكن ان يصدر العراق منه نفطه , ماذا بقي للعراق ؟
لم يبق للعراق سوى خطين نفطيين يمكن ان يصدر عبرهما نفطه و الخط الاول هو خط كركوك بانياس وهذا الخط ايضا يقع جله في الاراضي السورية الخاضعة لسيطرة داعش وغالبا ما يكون الان غير صالح للخدمة لتقادم الزمن عليه من جهة وتاثرة بالعمليات العسكرية من جهة اخرى , بقي خط واحد وهو خط كركوك حيفا وهذا هو بيت القصيد ان يمر النفط العراقي عبر الاراضي الاردنية مرورا باراضي الدولة الاسرائيلية ليتم تصديره عبر ميناء حيفا .
ففي دراسة اجرتها الحكومة الاسرائيلية قبل سنوات وتحديدا نهاية عام 2007 وبداية عام 2008 على اثر طلب مسؤول في البنتاغون من الحكومة الاسرائيلية لتقييم تكاليف اعادة استخدام الخط الواصل بين كركوك وحيفا فكانت القيمة التقديرية تتجاوز الثلاث مليارات دولار , الا ان العقبة الاصعب الان هي موافقة الاردن على مرور النفط العراقي في اراضيها بالتعرفة التي تنفع الاسرائيليين فالنفط العراقي في كركوك الان تحت سيطرة الاكراد وهم لا يمنعهم شيء من بيع نفط كركوك لاسرائيل او من خلال ميناء حيفا , ماذا بعد ؟
اسرائيل ما زالت تحلم بدولتها الكبرى وحدودها الفرات الى النيل و علاقاتها العلنية مع الاكراد ورغبتها بفتح علاقات مع الحكومة العراقية الحالية او القادمة و عمليات شراء الاراضي المتاخمة لحدود كردستان في سهل نينوى , كل هذا يدفع اسرائيل بمعونة امريكا للاستمرار في لعبة النفط العراقي حصرا لانهم يعلمون جيدا انه لن ينضب ابدا ومهما استجدت مصادر للطاقة البديلة للنفط لا يمكن الاستغناء عنه .
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد صالح السعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/04/04



كتابة تعليق لموضوع : لعبة إسرائيل وأمريكا بالنفط العراقي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net