صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

هل نراجع لكي نكون؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المراجعة: المعاودة
والرجيع من الكلام: المردود إلى صاحبه
وراجعه الكلام مراجعة ورجاعا: حاوره إياه
"ويرجع بعضهم إلى بعض القول": يتلاومون
الرُجعى: الرجوع
"ثم إلى ربكم مرجعكم"

والمراجعة تذكرنا بأيام الدراسة قبل الإمتحان , حيث نراجع المادة لكي نستعد ونحقق الإجابة الأفضل.

والمراجعة سلوك ينطبق على الأفراد والمجتمعات, فالأفراد يراجعون أنفسهم عقب الإنتكاسات والخيبات وما يحصل لهم من مشاكل ومعوقات , والمجتمعات أيضا تراجع نفسها عند مرورها بمشاكل ومعضلات وحروب وصراعات ومنعطفات مصيرية.

معظم شعوب الأرض تراجع نفسها , ويبدو أن المجتمع العربي هو الوحيد الذي يشذ عن هذا السلوك الحضاري المعاصر, فلا تجد مراجعة سلوكية سياسية وثقافية وفكرية وحزبية في مجتمعاتنا , بل أن اللاحق يكرر خطايا وآثام السابق وهكذا دواليك.

تتغير الأنظمة وتخلو ساحة الفكر والوعي السياسي من المراجعات , ويثور المجتمع ولا مَن يراجع ويستنبط الدروس ويجدد المسارات , وإنما هي دوران في دائرة التداعيات المفرغة.

فلو نظرنا لأي بلد عربي لإتضح إنعدام سلوك ومهارات المراجعات.

ومَن لا يراجع يرسب في الإمتحانات!!

فما نكتبه لا ينم عن مراجعة حصيفة ودراسة موضوعية علمية للأسباب والمعطيا ت , وغيرها من العناصر الداخلة في صناعة المأساة.

والذي يطغى هو النكران والإسقاط والتبرير والتجاهل , ومحاولة إستحضار المفردات السلبية ووصم المرحلة السابقة بها وحسب, وإثارة مشاعر العدوانية والكراهية والبغضاء , وبناء سواتر إنفعالية ذات ردود أفعال تدميرية مروعة ودامية.

فالمجتمعات التي تحققت فيها الثورات والتغييرات لم تقم بمراجعة واحدة للمراحل السابقة في حياتها , ولم تقييم سلوك الأنظمة التي ثارت عليها , وحسبتها سيئة وحسب.

وهذا غير صائب , فلا بد من إيجابيات يمكن البناء عليها وسلبيات يجب تجاوزها , فأي نظام مهما كان هو تعبير عن سلوك المجتمع في مرحلة ما وظروف ما.

وكم من المجتمعات تراجع فترتقي وكم من الشعوب تتجاهل فتنتهي.

وعلى سبيل المثال- المجتمع الراوندي راجع ما حصل من مجازر , وقيّم الأسباب والعوامل التي دفعت لذلك السلوك المشين , وانطلق نحو مستقبل لا يمكن لما جرى أن يتكرر فيه , لأنه قد راجع ودرس وإستنبط , ووضع الثوابت السلوكية الكفيلة بالوقاية منه.

ويبدو أن المجتمع الرواندي سيتقدم أكثر من المجتمع العربي في العقود القادمة , لأنه جاد ومثابر وحريص على مناهج المراجعات , ووضع الأسس والصياغات لمجتمع زاهر معاصر سعيد.

فهل سنراجع لكي نكون؟

أم سنبقى في تجاهلنا ونكراننا وإسقاطنا وتبريرنا وإنهماكنا في تداعيات الإنقراض الأكيد!!
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/28



كتابة تعليق لموضوع : هل نراجع لكي نكون؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net