صفحة الكاتب : إيزابيل بنيامين ماما اشوري

الكنيسة والتزوير التاريخي، وصمة عار في جبين البابوية. الاكتشافات الجغرافية نموذجا
إيزابيل بنيامين ماما اشوري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 

لم يكن من طبعي ان ادافع عن الاخطاء حتى لو كانت تخص ديني ومعتقدي ، فلا مجال اللتستر، لأن التستر يجعلك شريكا بكل الجرائم التي يرتكبها آباء المعتقد الذي تحمله ، ومن الانصاف والامانة أن تقوم بتنزيه معتقدك من امثال هذه المخازي التي شوّهت صورته، وتقدمه للناس بثوب ناصع جميل.هذه الجرائم التي لم يكن للدين يد فيها ابدا ، بل قام بها من ارتدى لباس هذا الدين وتسمى بإسمه.
كل الاعمال التي قامت برعايتها الكنيسة هي التي تم تدوينها واعتمادها ضاربين بآراء العلماء وأهل الاختصاص عرض الجدار، وكل ما قالته الكنيسة وأقرته هو المعتمد في المدارس والجامعات حتى لو كان خطأ، لأن رأي الكنيسة هو رأي الله ومن يجرؤ على مخالفة رأي الله!!
ومن هنا فإن كل عملية اكتشاف جغرافي لم يكن لها ان تتحقق مالم تحضى ببركة ومباركة البابا وتأييده وكانت هذه الرحلات تُصاحبها حملات تبشيرية تمتلك صلاحيات بابوية مطلقة في أن تتصرف بالاموال والارواح وكل شيء.
وكل حملات المكتشفين كانت اهدافها الظاهرية هي اكتشاف طرق جديدة للتجارة، ونشر الدين المسيحي. وأما في باطن الأمر فهو جلب الذهب والعبيد للكنيسة وزيادة رقعة المستعمرات.
اكتشاف امريكا أمرٌ ادى إلى خراب مروّع في بُنية الانسان والأرض ودارت حوله شبهات لا مثيل لها ولكن الكنيسة وضعت حدا لها بجرة قلم أحدثت شرخا أبديا على الأرض وجرحا نفسيا غائرا لا يُمحى في روح الانسان، وذلك من خلال إبادة الانسان الذي كان فيها ومحاولة تنصير من تبقى منهم، وهدايتهم إلى الكاثوليكة وهي إلى هذا اليوم تقف خلف امريكا في تدمير كل من يقع خارج دائرة المسيحية.
انا هنا في هذا البحث اناقش الشبهات وابحث حولها ولا اناقش الثوابت المتعارف عليها لأنها هي الداء العضال، واما الشبهات فهي الحقائق التي تم التغطية عليها بكم هائل من الشبهات جعلت الباحث يعرض عنها، وسبب هذا الإعراض في بدايته هو الخوف من الكنيسة فلو بحث فيها لأطيح برأسه تحت حد المقصلة أو أحرق هو وكتبه امام الناس. 
أمريكا لم يكتشفها (كريستوفر كولومبس) وكذلك لم يكتشفها (أمريجو فيسبوتشي). وقد اخفت الكنيسة مذكرات كريستوفر كولومبس بعناية فائقة لأن فيها حقائق عمن اكشف امريكا. ولكن اليد التي تصرّ على معرفة الحقيقة سوف تصل ما دامت الرشوة (السيمونية) متغلغلة في الفاتيكان ومكتبته التاريخية.
فقد وجد بعض من بحث في هذا الموضوع واستطاع الوصول إلى مخطوطة مذكرات كولومبس الأصلية وقد هاله ما وجدهُ فيها. فقد وجد أن كريستوفر كولومبس كتب في مذكراته في الفصل الثالث تحت فصل (مملكة سندياتا كيتا) أن حاكمها الإمبراطور (أبو بكر الثاني) المعروف بإسم (مانسا محمد) ابن اخت كولونكان مؤسس الامبراطورية سندياتا كيتا.(1) في مالي الحالية قد سبقه باكتشاف امريكا بفترة طويلة ، حيث وجد هناك آثار تدل على ذلك وذكريات طيبة يحملها السكان عن هذا الزائر المسلم.
هذا اضافة إلى العثور على نقش على قبر البابا (إنوسنتيوس الثامن) جوفاني باتيستا شيبو يذكر بأن اكتشاف العالم الجديد (أمريكا) حدث في ظل بابوية إنوسنتيوس الثامن. اي قبل بابوية (الكسندر السادس). ولكن كما هو معروف على مستوى اروقة الفاتيكان فإن البابوات يسرقون الانجازات وينسبونها لأنفسهم ومن هنا فإن البابا الكسندر السادس يُعتبر اكبر سارق لانجازات سلفه البابا (إنوسنتيوس الثامن) . ولكن بما أن البابا الفاسق الكسندر السادس افلس خزينة الفاتيكان جراء شهواته المحمومة فإنه وكان بحاجة ملحة إلى المال فقد بحث العلماء في ارشيف الفاتيكان فوجدوا أن البابا (إنوسنتيوس الثامن) هو الذي موّل رحلات كولومبس وأرسله في مهمة سرية لتمويل الحملات الصليبية وربح المهتدين إلى المسيحية وجلب الذهب.فلم يكن (كولومبس ) سوى لص من لصوص الكنيسة امعن قتلا وسلبا للجزر التي اكتشفها وأن رحلاته كانت تبشيرية خالصة وبأمر الكنيسة، وهذا ما دونّه البابا (بيوس التاسع) حيث قال في مذكراته : سيتبرهن لا محالة أن كولومبس شرع في مهمته السامية بحض ومساعدة هذا الكرسي الرسولي.
وكذلك وصفه البابا (ليو الثالث عشر) بأن (كولومبس رجل الكنيسة). وهذا ما حصل فعلا حيث عاد كولومبس من رحلته الأولى بالكثير من الذهب الذي سال له لعاب الكنيسة واضاف العديد من الجزر لأملاك الكنيسة. ولذلك نرى البابا يأمر الملوك الاسبان بأن يعطوا كولومبس 10% من الذهب والبضائع التي احضرها معفية من الضرائب وصدر هذا الاتفاق في (30/ابريل/1492). وتم اطلاق لقب أمير البحار على كولومبس. وقد ذكرت صحيفة (ذا تايمز اللندنية) أن هناك محاولات لجعل كريستوفر كولومبس قديسا ووضع تمثال له مع القديسين.
يضاف إلى ذلك فإن البابا (الكسندر السادس) تدخّل شخصيا بطلب من اسبانيا لفض النزاع بين اسبانيا والبرتغال حول الحق في استعمار الأراضي المكتشفة حديثا وذلك سنة (1493) م فما كان من البابا إلا أن يقوم بأمرين فضا للنزاع .
الأمر الأول : انه نسب اكتشاف أمريكا إلى كريستوفر كولومبس. بدلا من (امريجو فيسبوتشي) لأسباب بقيت مجهولة. (2)
الثاني : أن البابا عندما عرضوا عليه خريطة الاكتشاف الجديد التي قدمتها اسبانيا والبرتغال قام البابا برسم خط عشوائي بالفحم في منتصف المحيط الأطلسي نالت بموجبه اسبانيا الأراضي الواقعة إلى الغرب. وذلك لأن اسبانيا تعهدت للبابا بهداية كل سكان المناطق المكتشفة إلى الكاثوليكية.
بناءا على ذلك فقد اصدر البابا الكسندر السادس ثلاث مراسيم (ملكوتية) غير قابلة للنقاش من اي طرف . وهي:
1- منح اسبانيا (تفويض من الله الكلّي القدرة) عن طريق وكيله في الأرض (البابا)بالسيادة التامة والدائمة على المناطق الجديدة.
2- قام البابا برسم خط فاصل من الشمال إلى الجنوب يقع (560) كيلو مترا تقريبا غرب جزر الرأس الأخضر ، وقال : أن كل ما أكتّشف من أراضٍ أو لم يُكتشف بعد غرب هذا الخط سيؤول إلى اسبانيا. وهكذا قسّم البابا العالم إلى قسمين بجرة قلم واحدة. (3)
3- قام البابا باصدار مرسوم يوسع فيه النفوذ الاسباني شرقا وصولا إلى الهند،وهذا ما ادى إلى حرمان الملك البرتغالي جون من امتيازاته الجديدة، لأن بعض سفنه نجحت في الدوران حول رأس الرجاء الصالح موسعين نفوذ البرتغال باتجاه المحيط الهندي. (4)
مما تقدم وغيره مما موجود في الكتب المطروحة والمخفية والمتستر عليها يتبين لنا أن تدخّل الكنيسة وبسبب اطماعها تسببت بتغييرات كبيرة وغير منطقية على مستوى خارطة العالم وسياسته ومكتشفيه . وهي التي اقرت اسس التعليم في المدارس وبث الافكار المغلوطة التي تُناسب وضعها المتخلف، وكذلك التسبب بمظالم هائلة عانت البشرية منها إلى هذا اليوم، ولو اكتفينا بما ذكره الأسقف الاسباني برتولومي دي لاس كازاس في كتابه (المسيحية والسيف وثائق إبادة الهنود الحمر) لكان كافيا لأن يُسقط هذه الكنيسة من حسابات الاديان وأن يرميها في مزابل العبادات الوثنية الباطلة التي كان همها الجنس والمال والعبيد.(5)
المصادر والتوضيحات ــــــــــــــــــ
1- بالامكان مراجعة ما كتبه العلماء العرب امثال المؤرخ العمري ، وأبو سعيد عثمان الداخلي ، وابن بطوطة ، حول زعماء مالي . وكذلك ابن خلدون ، الذي لم يذكر إسم ابو بكر الثاني ضمن ملوك هذه الأسرة وذلك لأنهُ استقال من منصبه ( كمناسا لمالي ) متفرغا للاكتشافات فلم يبق في الحكم إلا فترة قليلة. وكذلك بالامكان مراجعة كتاب البروفيسور فيرتز رونالد . هـ . الطبعة الرابعة سنة (2009) التاريخ الزائف والعلوم الوهمية للأديان ص 169.
2- الشائع أن كريستوفر كولومبوس هو أول من اكتشف أمريكا طبعا وهذا تم اقراره بأمر الكنيسة آنذاك. ولكننا نرى كل الخرائط والمدونات القديمة والحديثة تحمل إسم (أمريجو فيسبوتشي) حيث أبى المؤرخون ما فرضه البابا ودونوا اسم امريجو على خارطة امريكا، لأن كولومبس لم يصل لأمريكا أولا ، بل إلى الهند وإنما وصل إلى امريكا في سنة (1507) اي بعد وصول أمريجو بسنوات وقد اصر العالم الجغرافي الألماني (مارتن فالدسميلر) على اعتماد الشكل الذي قام برسمه ووصفه البحّار (أمريجو) ثم اقترح العالم الالماني ان يُطلق إسم هذا العالم على القارة المكتشفة (امريجو ــ امريكا) وقدم ادلته التي لم تقبل النقاش من ان امريجو هو مكتشف امريكا وليس كولومبس.وقد وجد هذا الاقتراح قبولا دوليا. ومن المعروف أن أمريجو هو أول من اكتشف بأن سواحل أمريكا الجنوبية ما هي الا قارة جديدة بينما كان الكل في ذلك الوقت بما فيهم كريستوفر كولومبوس يضنون أنها امتداد لقارة آسيا. ويعتبر أمريكو أحد أكثر شخصيات عصر الاستكشاف المثيرة للجدل.
3- يقول الكاتب برنابي روجرسون : أن تدخّل (الحبر الأعظم) وقيامه بتقسيم قارات برمتها لصالح مملكتين أوربيتين صغيرتين تنافي المنطق وهي دلالة واضحة على عجرفة الكنيسة والغرب ، وقد اعطى هذا المرسوم البابوي الضوء الأخضر لأرتكاب مجازر فضيعة.وبرنابي روجرسون هو مؤلف كتاب (ورثة محمد جذور الخلاف السني الشيعي). 
4- البابا الكسندر السادس رودريك دي بورخا زعيم الكنيسة الكاثوليكية العظمى. البابا الرابع عشر بعد المئتين للكنيسة الكاثوليكية من سنة 1492 حتى مماته. كان من افسد البابوات الذين رأتهم روما كسر كل الحواجز والقيم الكنسية اخذ الرشوة التي تُعرف بـ (السيمونية) وهي ابشع الأنواع. كان فاجرا فاسقا غير نادم ودون اي اهتمام بإخفاء سلوكه المشين أمام الآخرين وكان أول بابا عُرف بإصابته بمرض الزهري. حيث ظهرت عليه يوم الجمعة سنة 1508، قروح مرض الزهري لدرجة لم يستطع تقديم القداس فوصفهُ معاصروه باللوطي المغطى بقرحات مثيرة للاشمئزاز. كان جميع ابناءه غير شرعيين. قيل انه كان يتمتع بحالة مرضية نفسية فريدة ولكن لعل اصدق ما كُتب عنه هو ما كتبه الأديب (باسكوينو) في كتابه : الحكمة الشعبية الرومانية : (العذاب، المكر، العنف، الشراسة، الغضب، الشهوانية، هي إسفنجة رهيبة للدماء والقسوة! هنا يكمن إسكندر السادس؛ روما، تمتعي الآن بالحرية، لأن موته كان لكِ حياة).
5- (المسيحية والسيف وثائق إبادة الهنود الحمر) كتاب لمؤلفه الأسقف الاسباني برتولومي دي لاس كازاس، وهذا الاسقف شاهد عيان على مذابح الهنود الحمر على يد الكاثوليك الأسبان حيث كان معاصرا للرحالات الاستكشافية. أبوه كان أحد رفاق كريستوفر كولومبس في الرحلات البحرية، وقد رافق أباه في بعثة تحت إمرة كولومبس إلى جزر الهند الغربية وحصل هناك وفق نظام (الحصة) على قرية كبيرة مع عدد من الهنود المربوطين بها. وقد استفاد إلى أبعد الحدود من هذه الفرصة للاغتناء ولكنه انقلب لمّا رأى الظلم وبدأ يخطب ضده ثم كتب مؤلفات كثيرة كان منها هذا الكتاب. وكتاب آخر تحت عنوان جزر الهند الغربية ونشوءها.يقول احد الأساقفة عندما قرأ كتابه ( المسيحية والسيف وثائق إبادة الهنود الحمر) : لقد قرات نصف الكتاب وقد انتابني شئ من الهلع لما قرات حتي الآن .

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


إيزابيل بنيامين ماما اشوري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/03/22



كتابة تعليق لموضوع : الكنيسة والتزوير التاريخي، وصمة عار في جبين البابوية. الاكتشافات الجغرافية نموذجا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : سليمان علي صميدة ، في 2015/03/23 .

الفاضلة ايزابيل
شكرا على هذا التوضيح المبين للتاريخ .
هل هناك علاقة قديما بين قبائل المغرب و اكتشاف امريكا خصوصا و ان هناك تشابه بين كلمة امريكا و كلمة ماروك اي المغرب ؟
هل هناك سفر توراتي مخفي اسمه سفر سيبيل ؟
و شكرا




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net