صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الجمال في الإختلاف؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كنت في (وارسو) برفقة مرشدة سياحية , وقد إفتتحت مشوارها معي بالقول معتذرة: " أن واجهات عماراتنا إشتراكية وهي ليست جميلة ومتنوعة كما في برلين التي كنتَ فيها"!!
 
لم أستوعب قولها , فالبنايات شامخة باهية متراصفة تنبعث منها الحياة , وينطلق منها الرجاء والإصرار والتحدي والثقة بمستقبل أرقى.
 
قلت: وما العيب في واجهاتها؟!
قالت: أنها ذات لون واحد أو ألوان قليلة , وكما تشاهد يطغى عليها اللون الرمادي والحليبي.
قلت: لكنها عمارات مأهولة ومعاصرة ومتكاملة!
قالت: لكن واجهاتها ليست ذات مسحة فنية وعمرانية أخاذة!!
 
إحترت فيما أرى , وأنا أقارن أحوال مجتمعاتنا العربية , ومجمعات العشوائيات في أغنى دولنا
لكنها أضافت: نحن نعمل على تجميل واجهاتها وإضفاء لمسات عمرانية فنية عليها , لجعلها تختلف جماليا عن بعضها البعض!
 
أشارت محدثتي إلى فكرة الجمال بمفرداتها العملية , فالموجودات لكي تكون جميلة عليها أن تعبّر عن مناهج الإختلاف في سلوكها ومظاهرها , أشكالا ومحتوى , فالعمارات المتشابهة رغم كفاءتها  لا تشيع الجمال في نفوس الناظرين إليها , وعليها أن تختلف لكي تشارك في رسم لوحة الجمال العمرانية.
 
وفي عالمنا نعيش وهمَ التشابه ونسعى للتحرر من الإختلاف ,  ظنا منا بأنه القوة والقدرة على الحياة الأفضل , وفي هذا إنحراف فكري وإدراكي مروّع سيؤدي إلى الضياع والخسران الأكيد.
 
فالإختلاف نعمة وبركة , والتشابه نقمة وإنحسار!!
 
فالمُتشابهات في عرف القوانين الكونية كافة تمتلك طاقات تنافرية عالية , والمختلِفات تتجاذب لولادة الجديد , فتفاعل الذكر مع الذكر لا ينجب , وكذلك الأنثى مع الأنثى من كافة الموجودات الحية.
 
ومن المعروف أن التفاعلات القائمة في وجودنا المطلق , أساسها التلاحم ما بين الشحنات السالبة والموجبة , فكل موجود بنيته الأساسية تنطلق من هذا التواشج الإختلافي الخلاق.
 
والذين يسعون إلى مزاوجة المتنافرات سيبوؤن بخسران عظيم.
 
فهل سندرك قيمة الإختلاف , وثروته المعرفية والحضارية والإبداعية لكي نكون , وهل سنستثمر في ما عندنا من عناصره لصناعة الزمن الأصيل؟!!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/01/05



كتابة تعليق لموضوع : الجمال في الإختلاف؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net