صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

الإستنقاع الديمقراطي!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الديمقراطية من المفروض أن تطلق الطاقات وتترجم القدرات في واقع الحياة , لأنها توفر الحرية اللازمة لتصنيع الأفكار وتطويرها وتحويلها إلى مشاريع حضارية صالحة للبلاد والعباد , لكنها في مجتمعاتنا فعلت العكس تماما , لأنها تسببت في دحر الطاقات والقدرات وتعفنها وتأسنها وتكاثر الآفات فيها.

فالديمقراطية أسهمت في التكشير عن أنياب التطرف الشرس الفتاك , وحولت البلدان إلى ثكنات عسكرية متقاتلة , وصيرورات سلبية متعادية , حتى ضجت الموجودات منها وما جلبته من السيئات والتصورات الجائرة المدمرة للحياة.

الديمقراطية قتلت من الشعوب في بضعة سنوات أضعاف ما قتلته الأنظمة المستبدة في عقود عديدة , وكأنها لم تكن هدفا إنسانيا معاصرا وإنما عدوانيا على الذات والموضوع.

ففي عصر الديمقراطيات الخلاقة وجدتنا أمام تفاعلات التشظي والإندحار والتناحر والخروج من أوعية الأخوّة والألفة والرحمة , إلى مستنقعات السلوكيات الغابية الملونة بالدين , والتي حولت البلاد إلى خراب وشردت العباد.

ديمقراطية سوداء حزينة ظلماء , لم تنجز شيئا صالحا للإنسان , وإنما فتحت بوابات الجحيم في كل مكان , وصارت تتعمم بالطائفية والعنصرية والتحزبية والمناطقية والعشائرية , وكأنها نقلت الناس إلى عصور ما قبل التأريخ , وحوّلتهم إلى سبايا وعبيد في دواوين الإستئثار بالسلطات.

ووفقا لإرادة هذه الديمقراطيات العجيبة المستوردة تحول الفساد إلى عقيدة ومذهب ودين , وتم نهب ثروات البلدان وتشريد أهلها , ومصادرة حقوقهم , وحرمانهم من أبسط الخدمات الضرورية للحياة اللائقة بالبشر في أي مكان آخر.

ديمرقراطية الجهل والإنحرافات وتصفية الحسابات والتفاعلات اللاسيادية , التي أستبيحت بها هوية الوطن والتأريخ , وتفجرت في دروبها براكين الويلات والتداعيات الأليمة الأثيمة , التي أوجدت متواليات خسرانية ذات نتائج خطيرة في الحاضر والمستقبل.

ومن الواضح أن العيب ليس بفكرة الديمقراطية ومناهجها , وإنما العيب فينا أجمعين , فنفوسنا تعادي الديمقراطية , وكذلك أفكارنا وأضاليلنا , وجنوننا الذي يملي علينا أوهاما تخدعنا وتستعبدنا , فنحسب أننا ندري ونمتلك لب الحقيقة والمطلق , وغيرنا من الأعداء الذين لا يستحقون الحياة , بينما خلاصة الديمقراطية تتركز في آليات العيش المشترك , وكيف يكون الناس معا وسوية في طريق تحقيق المصالح المشتركة والسعادة الوطنية الشاملة.

فهل سنعي المستنقع الذي تداعينا فيه , وهل سنتمكن من رفده بالمياه الجارية لكي تتطهر القلوب والنفوس والعقول , وترى البصائر جوهر الإرادة الوطنية الجامعة؟!!

د-صادق السامرائي
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/12/31



كتابة تعليق لموضوع : الإستنقاع الديمقراطي!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net