صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

ما معقولة هيجي اتصير
حيدر الحد راوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

استيقظ السيد حاكم الحكومة باكرا هذا الصباح , تناول افطاره على عجل من امره , وخرج من منزله ماشيا بسرعة كبيرة , حيث كان ينتظره حشد كبير من سيارات الحماية , بعضهم يرتدي بدلات رسمية والبعض الاخر يرتدي ملابس عسكرية ايضا مدججين بالسلاح , هرول احدهم كي يفتح باب السيارة الخاصة بسيادته , توقف السيد حاكم مقابل الباب , لكنه رفض ان يستقل سيارته الخاصة , وقرر بدلا من ذلك ان يستقل سيارة اجرة عادية , تسير به في طرقات  بغداد ومحلاتها , ومن غير حماية .
اشار الى سيارة اجرة كانت مارة بالجوار , فركنت قريبا , واشار السيد حاكم الى احد مرافقيه بأن يعطيه الحقيبة , حقيبة كبيرة , وثقيلة , تناولها السيد حاكم واسرع نحو سيارة الاجرة , طلب من السائق ان يأخذه الى افقر احياء بغداد , يريد ان يتفقدها , فكر السائق قليلا واقترح على سيادته ان يذهب الى حي التنك , انطلقت السيارة تجوب الشوارع , تطوي المسافات , فيما كان السيد حاكم يختلس النظر من نوافذ السيارة , ينظر على البنايات والمارة , انتبه سيادته الى امر لم يكن معهودا , حيث خلت شوارع بغداد من الناس , وخفت الازدحامات , فبادر ان يسأل السائق عله يعرف شيئا :
السيد حاكم : جا وين الناس ؟
السائق: طلعو !!
السيد حاكم : وين ؟
السائق : للخارج ... استاذ
السيد حاكم : ليش ؟
السائق : مو احنه بفصل الصيف ... والناس طلعت تتصيف ... شي بأوربا ... شي مدري وين
السيد حاكم : واللهي روعة .
حاول السيد حاكم ان يستفهم عن حالة سائق سيارة الاجرة , ويسأله عن احتياجاته العائلية .
السيد حاكم : كلي ... شلونها احوالك ؟
السائق : عال العال .
السيد حاكم : يعني اشلون ؟
السائق : عدنه اليكفينه وزايد خير
السيد حاكم : يعني عندك راتب او وظيفة مثلا ؟
السائق : اني عندي راتب وزوجتي عدها راتب ... حتى ابني الرضيع عنده راتبين
السيد حاكم : جا ليش تشتغل سائق تكسي ؟
السائق : احب اتونس ... او هم اكضي شغل الناس واساعدهم بالاكدر عليه
السيد حاكم : جا اشعجب ما رحت للخارج تتصيف
السائق : واللهي قبل يومين اجيت من استراليا
توقفت السيارة مقابل تقاطع طرق , واشار السائق لسيادته بأن حي التنك يرحب به , ترجل السيد حاكم ماسكا حقيبته , تطلع في الشوارع , فقد كانت معبده والارصفة نظيفة , كما وان البيوت جميلة ومزينة بحدائق تسحر الانظار , فاختار طريقا يسير فيه , استغرب كثيرا عندما لم يرى احدا , فقد كانت الشوارع خاليه , وكأن الحي مهجور , قرر ان يطرق باب احد المنازل , بصفته حاكم البلاد , ومن حقه ان يطمئن على ابناء وطنه , طرق احد الابواب , فتحت الباب طفلة صغيرة .
السيد حاكم : شونج بنيتي .
الطفلة : هلو عمو .
السيد حاكم : وين بابا وماما
الطفلة : راحو للسويد .
السيد حاكم : شيسوون بالسويد
الطفلة : دا يتونسون 
السيد حاكم : زين بنتي ... الماء والكهرباء اشلونه ؟
الطفلة : الكهرباء ابد ما تنكطع ... والماي يزرج اتزرج
السيد حاكم : منو عدكم ما متعين لو ما عنده راتب ؟
الطفلة : كل احنه عدنه راتب ... حتى اني عندي راتبين
حمد الله واثنى عليه , و توجه ليطرق باب المنزل التالي , فأخبروه بأن اصحاب المنزل قد سافروا للدنمارك , وسألهم ان كان احد يريد وظيفة او راتب او أي شئ من الدولة , فأخبروه ان الجميع لديه وظيفته ولديه راتب يتقاضاه من وظيفته , بالاضافة الى راتب يتقاضاه من ثروات البلاد , وهكذا مرّ السيد حاكم على جميع المنازل , فلم يجد احد يريد او يحتاج أي شئ , فكل فرد لديه ما يغنيه والحمدلله .
وبعد جولته الطويل بين الازقة , لمح مقهى قريب , ففضل الجلوس قليلا وتناول الشاي , كان المقهى فارغ , ليس فيه احد سوى شيخ عجوز , الذي رحب به كثيرا , وقدم له الشاي مع قدح ماء , انتهز السيد حاكم الفرصة ليسأل الشيخ عن حاله واحوال عائلته , واحوال سكان حي التنك , افقر حي في بغداد , فشرح الشيخ العجوز كيف تحسنت احوال الناس , فما ان يحل فصل الصيف حتى يسافر الجميع الى خارج البلاد للسياحة والتنزه , اما عن الخدمات فكانت الافضل والاحسن في تاريخ العراق وبغداد , ولم يفت الشيخ ان يشير الى ان كل ذلك حدث عند جلوس السيد حاكم في اعلى كرسي في البلاد , فأصابها الترف الشديد , وولت ايام العوز والفقر وسوء الخدمات بلا رجعه , وذلك من حسن تدبير السيد حاكم , فحدق السيد حاكم في حقيبته طويلا , و اخبر الشيخ بأنه يحمل في حقيبته الكثير من الوظائف لكافة الاعمار , كما وتحتوي الكثير من المال كان في نيته توزيعه على المحتاجين , فلم يجد من يحتاج اليه في افقر الاحياء , فكيف هي اذا حالة الاحياء الغنية ؟!!! .
استيقظ السيد حاكم الحكومة على اصوات الناس الغاضبة , الذين هجموا على منزله الفخم , يريدون الانتقام منه وربما شرب دمه لما ذاقوا المرّ وجرعوا الحنظل , من سنوات جلوسه على الكرسي , واطلاقات النار الشرطة والجيش محاولين منع الناس من الدخول للمنزل , فاختلس السيد حاكم النظر من الشباك وقال :
   (( اني هم كلت ما معقولة هيجي اتصير ))

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/05/04



كتابة تعليق لموضوع : ما معقولة هيجي اتصير
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net