صفحة الكاتب : يسرا القيسي

شرنقة
يسرا القيسي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

- الو ..  

_  الو ..

_   مَنَ معي ..؟

_   أنت مَنَ تكوني ..؟

_   حضرتك المتصل ولست أنا ..

_   أغلقتَ الهاتف  ؛ دون أن تنتظر الرد

رن محمولها مرات ومرات لكنها لم تأبه لرنينه .. وأن لا ترد على الحاح المتصل رغم رغبتها للحديث مع أي كائن ..   تكّون في داخلها صراع بين الرد وبين اللامبالاة ولكنها  كأي امرأة لديها شعور مزدوج بالرفض المعلن والقبول الداخلي ؛ وأخيراً قررت الرد ..

--   نعم

--    لماذا  أغلقت الخط .. أعتقد  من غير  اللائق أن تغلقي دون أن تعرفي مَنَ أنا 
 
--   لا يعنيني ولن يهمني مَنَ تكون .. ليس لدئ الوقت كي أضيعه في مكالمات غير مجدية

--   ومَنَ قال لك غير مجدية ؟

-  أووووه أرجوك لا أحب كثرة  الكلام  لمجرد الكلام  ..  أنت أخطأت في الأتصال وكفى الآن أسمح لي أن  أنهي المكالمة


رمت على نفسها باللائمة لماذا أنت عنيدة ؛ لماذا لم  تسمعيه الى الآخر ؛ كان عليك أن تعرفي مَنَ هو؟  ماذا يعمل ؟ هل هو متزوج ؟ لماذا أراد أن يفتح معي حواراً ؛  أسئلة كثيرة أسقطتها في رأسها ولوم كبير لنفسها لماذا تتسرعين يا سميرة في تصرفاتك وبعدها تندمين  كان المفروض أن تأخذي نفساً عميقاً قبل أتخاذ أي قرار ..؛  

أنا بحاجة الى رجل نعم الى رجل حقيقي يحتويني ؛ يأخذني بحضنه  ؛ يغرقني بمشاعره ؛ يوسدني ذراعيه في الليل  ؛ يخرجني من وحدتي ومن فراغ أيامي .. أنا بحاجة الى رجل يملأ مسمعي كلمات حب وثناء ويبعدني عن فوضى أفكاري السوداوية ؛ يحلق بي الى  عالم الأمان والأستقرار النفسي والعاطفي الذي أفتقدته في حياتي .. ينتشلني من بؤسي ومن سوداوية تفكيري من أحباطي وفشلي ؛ يا ترى يا سميرة أين ستجديه ؟ وهل المدعو مجهول الأسم والهوية  سيعوضك عن حرمانك ..؛

 

 هه ؛ تسخر من كلامها بحركة من يدها أين أجد هذا الرجل ؟

     

لماذا هذا التعنت يا سميرة  لماذا ترفضين  أي حوار مع رجل .. أأنت معقدة ؟ أم يائسة ؟ حتى لو فشلتي في تجاربك السابقة ؛ لايمكنك التعميم وغلق باب قلبك فالحياة مستمرة ولن تتوقف عند شخص ؛ نعم لدي موقف من الرجل بسببه ..  لقد خذلني كثيراً ولم أعد  أثق به ؛ هو سبب أزمتي من أين أبدأ من أخي الذي لم أشعر به ولا بحنانه  لم يتضامن معي بأي موقف ؛ كانت أنتقاداته كثيرة لي لدرجة الملل  يفرغ  كل أسقاطاته الذاتية علئ دون رحمة ...  هربت من قسوة أخي وأمي المتضامنة معه حتى على الغلط لأنه رجل البيت ..  كان  لسانه أشبه بسوط يجلدني كل يوم  لا لشئ  ؛  فقط  كي يثبت لي ذكورته ؛ أرتميت في حضن أول رجل تقدم لي أعتبرته منقذآ لحياتي المرة مرارة الحنظل تصورت أنه مرفأي ؛ هذا الرجل الثاني  أضاف لي معاناة أخرى وأهمال لمشاعري كأنسانة وزوجة وأم لأبننا الوحيد رجلٍ قاسي يصب جام غضبه لأتفه الأسباب رجل لا يفقه شيئآ في الحياة غير الخمر والخيانة مع بائعات الهوى كان مريضآ بتفكيره يعيش دور شهريار في خياله المريض ..  لم يلمس جسدي منذ سنيين لم  يشعرني بكينونتي لم يخاطب عقلي .. هشمني  حجمني أحتقر أنسانيتي وحولني من أنسانة رقيقة الى قطة متوحشة .. كان يدوس على كرامتي  كما يدوس الثورعلى بيض حمامة ؛  حرقت سنيين عمري في زمنٍ موغل في التوحش ؛ كل رجلٍ قابلته في حياتي الأ وكان سبب في تحطيمي ؛ مسؤولي في الشركة التي كنت أعمل بها كمترجمة  تآمر علئ لأنني لم أوافق على عروضه البخسه .. أختلق سببآ  لرفضي من العمل أنتقامآ مني  ...  أما  أبني الوحيد  تضامن مع أبوه وقاطعني أبني أوجعني بكلماتٍ مقتضبة  جحدني ونسي أمه وطوى صفحة تعبي وسهري على علاجه تمرد علئ لمجرد علمه برغبتي في الزواج مرة ثانية  ..؛ أين فائدة الرجل في حياتي هو سبب أنكساراتي ووحدتي وعزلتي فقد أضعت ربيع عمري وأغرقته في سنيين من الغروب .

 

أنا بحاجة الى رجل  يكن لي  زوجاً حنونآ .. لكن أين أجده ؟ وأنا المنغلقة على حالي كصدفةٍ  ..  المنعزلة عن العالم الخارجي الأ من خلال جهاز التلفاز وبعض الوقت مع عالم الأنترنت ؛ حتى محمولي لايحمل همومي لا يرن لم يتذكرني أي أحدٍ .. سوى جارتي العجوز شكرية التي تكسر وحدتي وتواسيني  أنها تشكر ربها ليلا نهارآ لأنها لم تذل نفسها وكرامتها مع رجل لا يحترمها تركها زوجها بعد أن غادر الحياة .. صادقت الوحدة لا بل أدمنتها ؛ بعد أن تزوجت أبنتها وسافرت  أوروبا ولم تتذكرها الا بأتصالٍ هاتفي  مرة واحدة كل عام  في عيد الأم ..؛

 

 طال حوارسميرة مع نفسها وهي ترمي بنظراتها الى محمولها  عله يرن  مرة أخرى .. لقد خيب  ظنها فيه .

  

                                                                                                         

تقلبت في  فراشها كسمكة في ماء زهر ؛ نكشت شعرها المجعد المتمرد على كل شئ  ؛  لم تستطع النوم ؛ أستسلمت لسحر حبة المنوم ؛ أستيقظت في  اليوم التالي برأسٍ ثقيل  كوابيس تلازمها منذ سنيين فشلها ؛ سحبت جسمها الأبيض الممتلئ  من فراشها الذي ضاق بها ذرعاً ..  فتحت محمولها  قرأت مسجاً منه يرغب في أن تسمعه  ؛ كابرت وقررت أن لا تطيعه  ؛  أن لا ترد عليه كي لا تكون لعبة بيديه رغم لومها لنفسها طوال الليلة الماضية  ؛ في اللحظة التي تفكر بقرارها الحازم والصارم بعدم الرد عليه .؛ رن محمولها

 

_  الو ..

 

دون تردد وكأنها في لهفة لسماع صوته ..  لتخرج من دائرتها المغلقة

 

_   كيف قضيتي ليلة  أمس  ؟

 

_   لا جديد .. ليلة ككل الليالي

 

_   أشك

 

 --   هه

 

 --  أنا متأكد

 

ساد صمت لثوان  ؛  لماذ لم تردي ؛ أذن  أتركك ترتاحي من صوتي  ..

 

 أنهى المكالمة بقرار منه لم يعطها وقت ؛ كانت بحاجة الى أن تتكلم معه ؛ لتفرغ شحنتها وكبتها   بقيت تذرع شقتها بخطى سريعة ذهاباً وأياباً  قلقة ؛ تحرق سيكارة تلو الأخرى ؛ وفنجان شاي بعد آخر ؛ لم يدخل معدتها حتى كسرة خبز .. منذ أيام وهي على هذا الحال ..؛

 صوته أربك  كيانها  ؛  ثقته بنفسه أشعلت بداخلها نار ؛ نار التعرف على شخصيته  ؛  نار الفضول ؛ نار الأنتقام من رجل ؛ هو لا يختلف عن أي رجلٍ آخر فالكل يتقن  اللعب في المشاعر  حاولت أن   تشغل نفسها بأخبار الساعة  ؛ الوطن يُباع بكل ثرواته وممتلكاته ؛ وهي تفكر بالرجل المجهول ؛  كاد رأسها ينفجر كأنفجارات  وطنها  ؛  أعصابها باتت لا تطيق أن تسمع أو ترى الدم المباح ؛ خيانات ؛ كذب ؛ أنكسارات ؛ مؤامرات ؛ التفافات ؛ وهي المكسورة ؛ المخذولة ؛ الموجوعة ببيع الوطن .. الرجل والوطن  كلاهما بالنسبة لها يشكلان شيئآ مهمآ رغم كل مأساتها من الرجل فهما الحضن الدافئ لأحتضانها ؛ أحترقت أعصابها ذابت كشمعة في ليلٍ لايضيئه قمر ؛ نسيت السيكارة بين أصابعها  وسرحت في حال ظروفها ماذا لو مرضت مَنَ الذي سيشعر بي ؟ لا زوج لا أولاد ولا حتى صديقة ؛ أغلقت جهاز التلفاز لا جديد يدعوها لمتابعته   وقفت تتأمل حركة المارة وغروب الشمس من خلف زجاج الصالة الكبير الى أن  توارى القرص الأحمر خلف حزمة أشجار النخيل الباسقة ورقص سعفها مع النسائم ..  أسدلت ستائر الشقة ذات الألوان القاتمة لم تترك لبصيص ضوء أن يتسلل اليها  تقرفصت على الأرض خبأت رأسها بين سيقانها الممتلئتين غرقت  في  بحر حياته البائسة ماضيها وحاضرها باتت كلعبة الماترويشكا (اللعبةالروسية الخشبية ) مشكلة مغلفة بأخرى ؛ مضغت ضجرها حاولت البكاء لتريح نفسها المضغوطة كهواء في بالونة  فشلت في البكاء  تمتمت أنا فاشلة في كل شئ حتى في  التعبير عن  ألآمي ..؛

بلعت قرص المنوم بلا ماء أدمنت عليه منذ وفاة والدتها وجحود أبنها ؛ أستيقظت بعد منتصف الليل شيئُ ما دفعها للاتصال به دون تفكير ..

 رد ببرود صقيعي ..؛

_   أهلآ

 

_   ألم تطلب مني أن أسمعك ؟

 

هآنذا أتصل

 

_   أسمعيني جيداً أنا رجل عملي ؛ أحب أن التقيك

 

_   تلتقينني ؟ بكل هذه السهولة

      قالتها بتعجب !

 

_   نعم وما العجب في ذلك لست بمراهق .. أحببت صوتك ..  للمرة الأخيرة ولن أكرر طلبي

     أحب ان التقيك .

 

 وبلحظة أسرع من البرق حسمت  صراعها الداخلي  بين الرفض والقبول ؛

 

_   حدد لها المكان والزمان

 

أخذت نفساً عميقاً وزفرته  بقوة  كأنها  أخرجت سمآ  من  بين  رئتيها  كان  يضغط  عليها

مدت  جسدها  على  سريرها  وأسترخت  قليلا وتركت عينيها تتسمر في نقطة بسقف الغرفة لم تجد من تحاوره فتحاور نفسها علها تجد مخرجآ لوحدتها وصمتها المريب ..؛

دعي  الماضي  بكل  ما  فيه  وأخرجي  من  قوقعتك ؛ أهتمي  بوجهك  الشاحب  الذي  لن  يرى الماء  الا صباح  كل  يوم  ؛ وعينييك  المنتفختين  من أرق الليالي القاسية  ؛ وشعرك  المنكوش  كعش  غراب ..؛

 

  تلمست  بيديها  وروداً  صناعية  منزوية في ركن الصالة .. رأتها  بعينين  مختلفتين  وكأنها  وروداً  حقيقية  دبت  فيها  الحياة  بشكل آخر ؛ وقفت أمام المرآة تتلمس وجهها محاولة منها أن تسترجع شبابها ورونق بشرتها.. وضعت  ماسكاً  لنضارة  الوجه  لتخفف عنه  آثار سنينها  الاربعينية  ؛  تهيأت للقاء كأي  امرأة  تحلم  برجل  ترى  نفسها  فيه  ؛  أرتدت  ملابس  فضفاضة  كي  تخفي  سمنة  جسدها  الممتلئ بالسنيين  الضائعة  ؛ لونت وجهها بمساحيق غير متجانسة لأنها لا تجيد فن أخفاء عيوب الأربعين  ؛ صففت  شعرها الأصفر المتمرد  بطريقة  لم تعتد عليه  ؛ عملت كل ما  في وسعها  لتظهر بمظهر حسن  لتكسب  قبوله ؛  في  داخلها  أحساس وكأنها  فرع شجرة عجوز يابس ...ركبت حافلة لنقل الركاب تحملت روائح عرق الركاب التي تثير في النفس الأشمئزاز وكانهم لم يعرفوا شيئآ أسمه ماء أوعطور ؛ نزلت قبل المكان الذي حدده لها  بمحطة ..

سارت  لاهثة  بطرق مزدحمة ؛ وصلت  المكان بشق  الأنفس  ؛ أختنقت  بعبراتها  كأختناق  شوارع مدينتها  الشائخة رغم جمالها ..  حرصت سميرة على  الوصول  قبله كي  تختبر قلبها  دليلها عله يخفق له ..  أنتظرته ..  طال  أنتظارها وهي تترقب  وصوله  ؛  تراقب عقارب ساعتها لا أعرف مَنَ الذي أسماها عقارب  لأنها  تلدغ الوقت أم  تلدغنا  نحن  ..  كان أنتظارها  كدهرِ  ثقيل من  الثلج  ؛  تتابع  بنظرات  سريعة  توجسية  كل  وجوه  المارة  من  الرجال  علَّ مشاعرها  تسوقها  اليه  ..  تحاول أن تبتسم  أبتسامة  غير واضحة  كدليل  أشارة ؛ تدس  نظرها الى كل سيارة أجرة  تقف أمامها  تتوقع  نزوله  ومعه  وردة  تعبير رمزي  لمِا سيحدث  بينهما من  ود  وقبول  ..  تعبت من الأنتظار  ومن  نظرات  المارة  الفضوليين  لها  ؛ سمعت  كلاماً لم  يخطر على  بالها يومآ  ما  يخترق  سمعها  ..  أصرت على  الأنتظار وهي  في  تحدٍ  مع  نفسها  تصارع  فشلها ؛ أنهزامها  وبرمشة  عين  غير  محسوبة  من  عمر الزمن الذي  أنتظرته  فيه  ؛  وقف  أمامها  رجل  يرتدي  جينز  بشعرِ فضي  أكرت متشابك  يأخذ مساحة  نصف دائرة  من قفاه ..  تفاجئت  لكنها تظاهرات بالأبتسامة ..  غمرت  قلبها فرحة  مثقلة بأحزان  الزمن ؛ بأنكساراته  وهزائمه ..؛

وقف أمامها  بتجاعيد  واضحة  المعالم على  وجهه ..  بادرها  بسؤالِ  مباشر .

 

- أأنت ؟

 

•-         نعم

 

•-         أومأت برأسها وبعيون تساؤليه .. دون أن تنبس بحرفٍ واحد

 

بنظرات جسورة تفرسها  بعينيه الجاحظتين

.

مرت من أمامه فتاة يانعة فارعة الطول تتمايل بخطواتها الرشيقة وتدلع جسمها الفتي وسيقانها السمراء التي تثير الشهية في الأنفس الضعيفة  وشعرها الفاحم في سواده المنسدل بطوله الى خصرها ؛ أخترقت نظراته الشهوانية جسد الفتاة وبقي يراقب أرتجاج نهديها كمقدمة باخرة مبحرة  كانت كعود ريحان ؛ أفترس تفاصيل أنوثتها ظل يراقبها إلى أن غابت عن أنظاره وسط زحام المدينة  ..؛ 

                                                                                                                  .

فهمت سميرة قصده ... فسرت أيحاءاته هذه المواصفات التي يبحث عنها ؛  نزلت نظراته  كخنجر سدد بنصله الحاد وطرفه المدبب إلى روحها الشفافة و قلبها الرقيق  تركته بخطوات سريعة متلعثمة أسرعت بخطواتها  تنبش الأرض بقدميها وكأنها تمشي على شوك أحست لحظتها  بأن كل من حولهما رأوا أهانته لها  .. حضرت صورآ بشعة لطليقها أما عينيها كم تمنت سميرة أن تلتقي برجلٍ مختلف لتغير قناعتها بالرجل  .. هربت وسط الزحام  حبست دموعها بين مقلتيها شعرت بنفسها عارية .. كريشة طائرة حائرة في زوبعة عاتية ..

 أمسكت مفتاح الشقة  ولم تستطع على الإمساك بدموعها التي أنهارت كشلالٍ هادر بأرتباك شديد  وهي تديرمفتاح باب شقتها التي أحتوتها بكل ظروفها ..  وقفت أمام المرآة الطويلة في مدخل الشقة هشمتها بكعب حذائها الرفيع  تناثرت شظاياها ؛ هشمت كل مرآة في شقتها  حتى مرآة حقيبتها الصغيرة ؛ مشت بقدميها البيضاوين حافية على كل الشظايا .. لم ترحم حالها لم تأبه لو سال دمها .. تجرح نفسها أهون عليها من أن  تتلقى جرحا من شخص لا تعرفه لمجرد أنها تبحث عن رجل نعم رجلا حقيقيا وليس ذئبآ ..؛

 

وقفت أمام مرآة الحمام رأت وجهها ممزقاً مشوهاً ؛ فتحت صنبور الماء على آخره تدفق الماء بقوة كأنه ريح خماسينية عاصفة ..؛ وضعت رأسها تحت الماء  أزاحت عن وجهها أصباغ لا تطيقها مسحت وجهها بأكمام بجاماتها القطنية ؛ لكن مجرى الدمع بقي يبلل خديها  خلعت ملابسها وتحررت من قيودها الداخلية ؛  نظرت إلى جسدها بكتله الغير متناسقة رأته مشوهآ في  تكسرات مرآة دولابها .. سخرت من نفسها ومن الزمن الأحمق الذي لم يترك الأ أثاره القديمة عليها ... أحتضن  جسدها بجامتها القطنية الملونة ..  لملمت شعرها المبلل وضعت دبوساً فيه وردة  .. لا تعرف ما هو السر في أقتنائها دبابيس لشعرها يحمل الكثير من البراءة .. كم تمنت في طفولتها أن تزين شعرها الأ أن أمها الحازمة الصارمة كانت تخرط لحم رأسها بمشطها الخشبي ولو عبرّت عن ألمها و بكت من قسوة أسنانه المدببة .. تعنفها وتعتبره  دلال بنات كانت  تجدل ضفائرها بشرائط وتكتفي بذلك  ... حاولت النوم دون أن تلجأ الى حبة المنوم في تحدٍ مع ذاتها لكنها لم تفلح في ذلك  .. كبرت في صدرها غصة تتكسر بين ضلوعها ودموعِ غسلت ما تبقى من كحلٍ في مقلتيها ..؛

 ماذا كان يمكن أن يرى امرأة في منتصف العمر ؛ ليذهب وذكورته إلى الجحيم ؛

 رفعت سميرة  سلك هاتفها الأرضي  رمت محمولها في سلة المطبخ مع بقايا الأكل ..  فتحت شبابيك شقتها .. أجتاح الشقة هواء منعش فيه لسعة برد .. راقص الستائر بحركات عنيفة كأنها رقصة الفلامنكو ..؛

 تمددت سميرة  على الأرض محاولة منها أن تمتص نيرانها ؛ أخذت نفساً عميقاً  .. رن جرس شقتها مصت شفتيها الطريتين بغيضٍ وفكرت لثانية مَنَ الذي سيتذكرها في عزلتها بصومعتها الا جارتها العجوز شكرية التي لم تذق يوم طعمآ للراحة لكنها سعيدة بوحدتها ..  رفعت سميرة جسدها الثقيل ببطء كصخرة  من الأرض  تلعن حظها العاثر وتشتم من لا يتركها بوحدتها ..

 

فتحت باب الشقة وعينيها مثبتتان في الأرض .. تفاجأت ببوكيه ورد أحمر اللون تسبق ذراعيه  يطوقها ويسحبها من خاصرتها .. كوني  أنت ..؛

 

                                                 

 

 
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يسرا القيسي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/25



كتابة تعليق لموضوع : شرنقة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net