صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

بابيلون ح8
حيدر الحد راوي


كان الامبراطور جالسا على كرسيه الفخم , حين دخل القائد شيلخوب , الذي بادر الى الانحناء في حضرته :
-    سيدي ... الامبراطور المعظم ! .
-    شيلخوب ... خذ عشرة الاف مقاتل من الحرس الامبراطوري وتوجه نحو مدينة الاسوار بأقصى سرعة ! .
-    امركم ... سيدي ... يبدو ان خنياس عجز عن موضوع المتمردين .
-    كلا ... يا شيلخوب ... بل لمزيد من الحذر ! .
-    حسنا ! .
-    لكن ... اعلم ان خنياسا ضابطا عالي القدر لدينا ... تعمل تحت امرته ... لا تزعجه ولا تعترض على تصرفاته .
-    امركم ... سيدي ! .
-    لا تجعل من وجودك معه  عبئا ثقيلا عليه ... وكذلك ضباطك وجنودك لا تسمح لهم بمضايقة جنود خنياس ... انما يكون تدخلكم في حالة انهيار جيش الامبراطور وقوات النخبة فقط . 
-    امركم ... سيدي ! .
                         ***************************
جهز ينامي الحكيم المحاور الثلاثة , احتفظ هو بقيادة المحور الاوسط هذه المرة , وعهد بقيادة المحور الذي سيسلك الصحراء بيد حالصبيعش , اما المحور الذي سيسير على ضفة نهر ترفلا اليمنى عهد بقيادته الى شندل .
في صبيحة اليوم التالي , انطلق كل محور في وجهته , كل محور قاصدا مدينة معينة لفتحها , كل قد واجه مقاومة ضعيفة من بعض حاميات الوحوش الصغيرة , الا ان جنودها لاذوا بالفرار , او قتلوا .
                           ************************
شهدت مدينة الاسوار استعراضا كبيرا لقوات الحرس الامبراطوري , التي وصلت توا على متن الوحوش الطائرة , قرر القائد شيلخوب ان لا يهبطوا دون ان يقيم استعراضا في السماء , منظر بهر سكان المدينة من الوحوش والبشر العاملين فيها , وكذلك الخونة منهم , خنياس كان يراقب بدوره من المكان المفترض ان يهبط فيه وحش القائد شيلخوب , كان منزعجا , وكذلك ضباط جيشه , واخيرا هبط الوحش , ترجل القائد شيلخوب نحو خنياس , انحنى امامه , وكذلك انحنى جميع ضباطه وجنوده , فقال :
-    عالي القدر خنياس ... تحت امركم ! .  
نالت الدهشة من خنياس , فهذه اول مرة ينحني قادة الحرس الامبراطوري , فعلم ان الامبراطور قد امر بذلك , رد بانشراح صدر :
-    اهلا بكم ... ارفعوا رؤوسكم ! .
-    امرنا ...
قاطعه خنياس قائلا :
-    لقد اعددنا لكم مكانا خاصا ... لكم ولجنودكم ! .
-    شكرا لكم .
-    الان خذوا قسطا من الراحة ... وفي الغد تحضر في اجتماعات الاركان ! .
-    حسنا ! .
أدى التحية بأدب وانصرف .
                        **************************
كان حالصبيعش يجد في السير , كي يصل الى سدود المياه , فيقضي على جيش الوحوش هناك ويسيطر عليها , لكن بعض الثوار طلبوا منه ان يخيموا ليرتاحوا , فقد نال منهم التعب , وافق على مضض .
الوحوش الطائرة كانت مهتمة جدا بمحور حالصبيعش , فقد كان هدفه تحرير السدود , كانوا يرسلون تقاريرهم المصورة الى مقر خنياس مباشرة , بدون تأخير , كان خنياس قد اعد لهم خطة محكمة , وكان ينتظر الفرصة المواتية لذلك , في هذه الاثناء دخل القائد شيلخوب , واطلع على الموقف من خلال شرح احد الضباط , فالتفت نحو خنياس قائلا :
-    كما تعرف سيدي ... اننا منذ زمن بعيد لم نخض اي معركة ... لذا فاسمح لي ان اذهب اليهم صباح الغد .
-    ماذا ... لكن هذه ليست مهمتكم ! .
-    اجل ... يا سيدي ... لكني مشتاق للحرب ... واريد ان اعرف المتمردين بالحرس الامبراطوري ! . 
بعد الحاح شديد , وافق خنياس على طلبه , اسرع بدوره الى تجهيز الفي جندي فقط , شحنهم على متن الوحوش الطيارة وانطلقوا .
اشرقت الشمس على ذلك المخيم , نهض الجميع , تناولوا ما تيسر من افطار , وشرعوا بلف الخيام وتجميعها , لكنهم تفاجئوا بالوحوش الطيارة تهبط قريبا منهم , استعد الجميع للحرب , وقفوا ضمن صفوف .
ترجل الجنود من الوحوش الطيارة , واصطفوا بأشكال هندسية منسقة قبالة معسكر حالصبيعش , الذي اندهش مما رأى , فصرخ في الثوار قائلا :
-    ان صوتكم ها قد وصل الى الامبراطور نفسه ... فبعث اليكم حرسه الامبراطوري ! .
-    الامر الذي يدل على تزلزل الامبراطورية من الداخل .
فرح الثوار بذلك , وقالوا مرددين :
-    مرحى ... مرحى ! .
-    سنسحقهم ! .
-    النصر لنا ! . 
اثناء ذلك , تقدم القائد شيلخوب , حاملا سيفا في كل يد , فقال بصوته الجهوري :
-    هل يود احدكم مبارزتي ؟ .    
وجمّ الثوار لما رأوا هيئته المكفهرة , فاردف قائلا :
-    اعرفكم بنفسي ... انا القائد شيلخوب ... قائد الفرقة الامبراطورية 66 ... تعالوا كي ارسلكم الى الحرية ! .
طلب اثنين من الثوار التقدم له , فأذن لهما حالصبيعش , اقتربا منه , وتقدم نحوهم , بمجرد ان رفعا سيفيهما , طارت رؤوسهم في السماء , لقد كان اسرع منهما بكثير , ظهرت علامات الفرح والحبور في معسكره , بينما ازداد الثوار وجوما , يقول بعضهم لبعض :
-    ما هذا ؟ ! .
-    ارأيت كيف فعل ذلك ؟ ! .
-    يا له من سريع ! .
-    يا لسيفه البتار ! . 
قرر حالصبيعش ان يتقدم , لكن منعه بعض رفاقه :
-    كلا ... لا تتقدم ... لو حدث لك مكروها ... فسوف نهزم لا محال .
اضطربت معنويات الثوار , فتهامسوا فيما بينهم :
-    يبدو اننا سنهزم هذه المرة ! .
-    بل يبدو ان موتنا اصبح مؤكدا ! .
-    ماذا تقول ؟ .
-    ماذا سنفعل ؟ .
نظر احدهم في وجه الاخر , ثم قررا الهروب , بينما ثوارا اخرين كانوا يفكرون بطريقة مختلفة :
-    ماذا سنفعل ؟ .
-    نهرب ... كما يهرب رفاقنا الان ! .
-    لكن ... ماذا لو كتب النصر للثوار ... فكيف سيكون موقفنا ؟ ! .
-    اذا نبقى في الخلف ... فأن انتصر الثوار في المقدمة شاركناهم ... وان انهزموا ... لذنا بدورنا بالفرار ! .
-    الامر كذلك ! .   
تقدم احد الثوار نحو حالصبيعش مبلغا :
-    بدأ الثوار بالهروب ! .
-    حسنا ... سوف اضع حدا لهذا الوحش ! .
جمع قادة الثوار , اخبرهم انه عازم على مبارزة هذا الوحش , وشرح لهم تفاصيل خطته :
-    ان اصابني مكروه ... يكون القائد بعدي خنياب ...ويكون معه اولو البأس الشديد من الثوار ... قبل ذلك ... مرهج تأخذ عشرة الاف من الثوار من ذوي القلوب الخائرة وتنسحب بهم الى مدينة حلداد ... او الى حين نهاية المعركة ... وبذلك نحفظ ماء وجوههم ... اما انت يا خشلوك ... فخذ عشرة الاف من الثوار ... واسلك طريقا الى اليمين ... ثم التف حول الحرس الامبراطوري من الخلف .
-    نعم الخطة ... فلنتوكل على الله ! .
شهر حالصبيعش سيفه وتقدم نحو شيلخوب , الذي اطبق عليه بضربة مزدوجة , تمكن حالصبيعش من تفاديها بسيفه , الا ان سيفه قد انكسر , فقال شيلخوب :
-    لا ابارز رجلا بلا سيف او بسيف مكسور ... عد الى معسكرك واجلب سيفا اخر ! .
رجع حالصبيعش الى معسكره طالبا سيفا اقوى , نصحه الثوار :
-    هذا نذير سوء ... يجب ان لا تعود ! .
-    بل سأعود .
تكرر الموقف , وانكسر سيفه مرة اخرى , فطلب منه شيلخوب ان يعود لجلب سيفا اقوى , عاد وطلب هذه المرة رمحا وسيف , رغم نصح الثوار له بعدم العودة , لكنه اصر , تقدم بشجاعة واقدام , ثابت القدم , تفادى ضربة شيلخوب , فانكسر سيفه , حاول ان يضربه بالرمح , لكن سيف شيلخوب الاخر كان قد حسم الموقف , شطره الى نصفين , فعمّت صيحات النصر في معسكر شيلخوب , بينما تراجعت معنويات الثوار , انسحب مرهج بعشرة الاف ثائر من ذوي القلوب الخائرة , وانطلق خشلوك لأداء مهمته , بينما خنياب امر بصد الهجوم .
معظم الثوار لم يتدربوا جيدا على القتال , وكان اكثرهم من المزارعين والعمال , لم يخبروا الحرب , الا قليلا منهم , ممن اشترك في المعارك القليلة السابقة , كما وان اسلحتهم لم تكن بمستوى يوازي اسلحة الحرس الامبراطوري , فكانت النتيجة سيئة ! .
تطايرت رؤوس واطراف الثوار في الهواء , مزقت اجسادهم , هشمت عظامهم , غير ان الباقين لا يزالون محتفظين بروح قتالية عالية , على امل كثرتهم , التي تبدو عديمة الجدوى ايضا , انعطف خشلوك , شن هجومه من خلف الحرس الامبراطوري , لكن الوحوش الامبراطورية الطائرة كانت له بالمرصاد , ترسل حممها النارية كوابل المطر , ما لم يروه من قبل , تساقط فرسانهم , وتشتت شملهم , مزقوا شر ممزق , بل وقعوا في شر مأزق , قتل خشلوك , وقتل خنياب , تركوا خلفهم الثوار بلا قائد او موجه , ازاء مفرمة اللحم , صانعي الموت ! . 
فضل الكثير من الثوار الهروب , حقنا لدمائهم , النجاة افضل من خوض معركة خاسرة , فانتشروا على وجوههم هائمين في الصحراء , تحت مطاردة الحرس الامبراطوري على الارض , والوحوش الامبراطورية الطائرة من السماء .
امر القائد شيلخوب جنوده بالتوقف عن ملاحقة من تبقى منهم , ثم امر الوحوش الطائرة بالهبوط , لنقل الجنود الى مدينة الاسوار , مكللين بالنصر .  
كان خنياس وضباط اركانه يراقبون ما يحدث على الشاشات الكبيرة , فاستبشروا خيرا , وقرروا الاحتفال .
********* يتبع

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/14



كتابة تعليق لموضوع : بابيلون ح8
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net