صفحة الكاتب : علي علي

الحل الوقتي.. والحل الجذري
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
خطوة أيجابية جدا وضرورية جدا.. إلا أنها متأخرة جدا.. جدا.. جدا. ولكن كما يقول المثل الإنكليزي؛
 it’s better to do something late, than to never do it at all
 وترجمته؛ (أن تتأخر في عمل شيء خير من عدم عمله نهائيا). ذلك هو تدخل أمريكا والقوات المتحالفة معها عسكريا في إنقاذ العراق، من احتلال بعض مدنه من قبل عصابات داعش. ويذكرنا هذا بتحالف الثلاثين دولة عام 1991 في التدخل العسكري المباشر لإرغام صدام وآلته العسكرية على الخروج من دولة الكويت مع فوارق لاتخفى على أكثرنا. 
  أما التأخير في اتخاذ أمريكا هذا القرار فله أبعاد ومسببات، لاتهم العراقيين ولاتغنيهم ولا تسمنهم ولا تؤمن لهم مستقبل الأيام، بعد أن أثبت لهم ماضيها ان العدوان شاخص في كل الاعتبارات، حتى فيمن يسعى الى تحريره من شرور احتلال المنظمات الإرهابية. وفي المقابل أيضا لايهم أمريكا تخليص العراقيين مما وصلوا اليه من فقدان سيادتهم على ثلث أراضيهم، فقطعا لم يتخذ الرئيس الأمريكي قرارا كهذا لأجل سواد عيون الشعب العراقي، حيث المصالح لها أولويات في كل مقاتِلة أمريكية تقلع من بارجة، وفي كل صاروخ يطلق وكل رصاصة تنطلق من فوهات أسلحة الجيش الأمريكي. وإذا كانت عنجهية صدام وغروره وطيشه قد دفعا نيل أمريكا أطماعها في العراق والمنطقة بعض الوقت، فإن الساسة العراقيين في عراق مابعد عام 2003 سهلوا لهذا الأمر وعجلوا له بشكل مباشر وعلني. 
  ولو فرضنا -جدلا- ورجعنا بالزمن الى الوراء ثلاثة أشهر فقط، وتخيلنا ان العراق لم يتعرض لهجمة عصابات ماتسمى بالدولة الاسلامية، ولم يجرِ ماكان من أمر ضياع الأراضي والمدن ووقوعها تحت سيطرتها، ولم يتعرض سكانها الى القتل والتشريد والنهب والسلب والتنكيل، ونفترض ان العراقيات من سكنة تلك المدن لم يتعرضن الى اعتداءات يندى لها الجبين، ولم يُقتدْنَ سبايا ويُبَعنَ في سوق الرق كحالة منفردة في عالم القرن الواحد وعشرين، وتخيلنا ان هذا كله لم يكن قد حدث، فهل ستكون الصورة أجمل مما هي عليه الآن؟ وماالذي كان يتغير لو لم يكن العراق قد مر بالأحداث التي سببها هذا التنظيم الإرهابي؟
   لاخلاف ان الويلات والمصائب التي انهالت على العراقيين عامة وعلى أهالي المحافظات المبتلية بتواجد العصابات على وجه الخصوص خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة، لايحتويها كتاب او مجلد او عشرات الأسفار فيما لو أردنا تدوينها وإن اختصرنا واختزلنا أسطرها، ولو رُمنا سرد الحكايات والقصص المهولة التي دارت خلال هذه الحقبة القصيرة من الزمن لما كفتنا ألف ليلة وليلة. ولكن هل يعني هذا ان طيلة سنوات العراقيين الإحدى عشرة المنصرمة، لم تكن تحمل في ايامها ولياليها من الويلات والمصائب ما يحاكي هذه الأشهر الثلاث؟ لقد عاش العراقيون مآسيَ وشدائد منذ عقود طويلة، وهم بانتظار القبطان الذي يأخذ بمركبهم الى بر الأمان، وبديهي ان القبطان المنتظر يجب ان يكون عراقيا قلبا وصلبا وجوهرا وانتماءً وولاءً، اما انتظار قبطان أمريكي او بريطاني او فرنسي او تحالفي، فهو أمر قد يخلصنا -وقتيا- من الكماشة التي حاقت بنا، إلا أنه ليس الحل المطلوب ولايوصلنا الى الغاية المنشودة التي تبني البلد، وتمنح العراقيين الاستقرار والعيش الآمن والرغيد، بعد أن ذاق مرارة العيش بكل حواسه وجوارحه. فالحل الجذري لمشاكلنا، والعلاج الناجع لجراحاتنا، يجب أن يكون عراقيا.. بنيات عراقية سليمة.. وقلوب عراقية تنبض بدم واحد وهدف مشترك.. وقالوا قديما: (عينك على مالك دوه).
aliali6212g@gmail.com

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/07



كتابة تعليق لموضوع : الحل الوقتي.. والحل الجذري
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net