صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القران الكريم ح224 سورة طه الشريفة
حيدر الحد راوي


بسم الله الرحمن الرحيم

قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ{95}
تروي الآية الكريمة ان موسى "ع" اقبل على السامري قائلا ( ما حملك على ما صنعت ؟ ) . 
السامري شخصية غامضة , حيكت حولها الاساطير , ورد ذكرها في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع من سورة طه الشريفة , لا توجد عنها معلومات دقيقة , لذا ننقل ما تيسر عنها مما كاد ان يتفق عليه :
1-    اسمه ظفر بن موسى , او موسى بن ظفر .
2-    السامري نسبة الى مدينة السامرة .
3-    السامري مشتقة من لفظة ( SHEMER ) المصرية والتي تعني الغريب , فمما يروى عنه انه كان غريبا عن القوم , اما ان يكون من الاقوام الاخرى التي كانت في مصر , والتحق ببني اسرائيل , او ان يكون يهوديا لكنه لم يك يسكن مع اليهود , التحق بهم بعد ظهور موسى "ع" .
4-     اللفظ مشتق من الكلمة العبرية ( SHOMER ) , والتي تعني الحارس الليلي او الخفير .
5-    او يكون من اللفظ العربي ( سامر ) , والذي يعني الحارس , وبذا يتفق في ما ورد في الفقرة ( 4 ) . 

قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي{96}
تروي الآية الكريمة جواب السامري لموسى "ع" (  قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ ) , علمت بما لم يعلم به القوم , او رأيت ما لم يره غيري , (  فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ ) , اخذت قبضة من تراب اثر حافر جبرائيل "ع" , يذهب الى هذا الرأي جملة من المفسرين منهم القمي في تفسيره والفيض الكاشاني في تفسير الصافي ج3 والسيوطي في تفسير الجلالين وغيرهم , بينما يعترض عليه مفسرين اخرين منهم الشيخ الدكتور احمد حسون الوائلي , (  فَنَبَذْتُهَا ) , اي القيتها مع الحلي التي صنع منها العجل , او بعد تمام صياغته , (  وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي ) , هذا ما زينته نفسي الى فعله , وقد فعلته .          
يروي القمي في تفسيره , ان موسى "ع" احرق العجل ورماه في البحر .

قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً لَّنُحَرِّقَنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً{97}
تروي الآية الكريمة رد موسى "ع" عليه (  قَالَ فَاذْهَبْ ) , ابتعد عنا , (  فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَيَاةِ ) , عقوبتك في الحياة , (  أَن تَقُولَ لَا مِسَاسَ ) , ان تقول لكل من رآك لا تقربني , فتأخذك الحمى بمجرد ان يمسسك احد , وهكذا هام السامري على وجهه في الارض كالوحش النافر , (  وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّنْ تُخْلَفَهُ ) , وان لك وعدا بالعذاب في اليوم الاخر , لا يخلف ولن تخلفه , (  وَانظُرْ إِلَى إِلَهِكَ الَّذِي ظَلْتَ عَلَيْهِ عَاكِفاً ) , انظر الى العجل الذي صنعته , وعكفت عليه عابدا , داعيا بني اسرائيل الى عبادته , (  لَّنُحَرِّقَنَّهُ ) , بالنار , (  ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً ) , ننقل فيها رأيين :
1-    مما يروى ان موسى "ع" امر ببرده , والقيت برادته في البحر , يذهب الى مثل هذا الرأي جملة من المفسرين ومنهم الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج 3 , ويعد الرأي الاكثر صوابا .
2-    على بعض الآراء , ان العجل كان من لحم ودم , احرقه موسى "ع" وذرى رماده في البحر , وبعض رماده تتطاير في الهواء , يذهب لمثل هذا الرأي السيوطي في تفسير الجلالين , الا ان كثير من المفسرين اعترضوا عليه وفندوه .     

إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً{98}
تبين الآية الكريمة (  إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ ) المستحق للعبادة , (  الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ) , الذي لا يدانيه ولا يماثله احد في الكمال والقدرة ... الخ , (  وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً ) , علمه عز وجل وسع وشمل كل شيء , فما من شيء مهما كان صغيرا او خافيا الا و احاط به جل وعلا . 

كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً{99}
الآية الكريمة تخاطب النبي الكريم محمد "ص واله" (  كَذَلِك ) , كما قصصنا عليك خبر موسى وهارون "ع" وفرعون , (  نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ ) , نقص عليك اخبار الامم السابقة , ( تبصرة لك وزيادة في علمك وتكثيرا لمعجزاتك وتنبيها وتذكيرا للمستبصرين من أمتك ) "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني" , (  وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْراً ) , القرآن الكريم مشتملا على هذه القصص , للعبرة والاتعاظ .     

مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً{100}
تبين الآية الكريمة (  مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ ) , من لم يؤمن به , وانصرف عنه , (  فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْراً ) , حملا ثقيلا على كفره وجحوده .   

خَالِدِينَ فِيهِ وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً{101}
تستمر الآية الكريمة في موضوع سابقتها الكريمة مبينة :
1-    (  خَالِدِينَ فِيهِ ) : خالدين في عذاب الوزر .
2-    (  وَسَاء لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلاً ) :  ساء هذا الحمل الثقيل , حيث اوردهم الخلد في العذاب .  

يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً{102}
تبين الآية الكريمة (  يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ ) , النفخة الثانية كما يرى السيوطي في تفسير الجلالين , (  وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً ) , فيها عدة اراء , نذكر منها :   
1-    عيونهم مع سواد وجوههم . "تفسير الجلالين للسيوطي" .
2-    تكون أعينهم مزرقة لا يقدرون أن يطرفوها . "تفسير القمي" .
3-    قيل يعني زرق العيون لأن الزرقة أسوء ألوان العين وأبغضها عند العرب . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني".
4-    وقيل أي عمياء فإن حدقة الأعمى تزراق وقيل عطاشا يظهر في أعينهم كالزرقة . "تفسير الصافي ج3 للفيض الكاشاني".

يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً{103}
تبين الآية الكريمة حال المجرمين "الكفار" (  يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ ) , يسرون كلامهم بين بعضهم البعض , او يتهامسون فيما بينهم , (  إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً ) , يبين النص المبارك ما يتهامسون به , ان لبثتم في الدنيا الا عشرة ليال بأيامها .   

نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً{104}
تبين الآية الكريمة (  نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ) , الله جل وعلا اعلم بمدة لبثهم في الدنيا , وتضيف الآية الكريمة (  إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً ) , اعدلهم او اصلحهم او اعلمهم , (  إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً ) , لبثتم يوما واحدا فقط .      
يلاحظ في الآية الكريمة , ان الكفار ( المجرمين ) يستقصرون المدة التي امضوها في الحياة الدنيا , وذلك لعدة اسباب منها :
1-    لشدة الاهوال التي يرونها في الاخرة .
2-    ان لحظات الفرح تمرّ بسرعة , اما لحظات الالم والعذاب تمرّ ببطء .
3-    مهما كانت الايام التي مضت طويلة , فأنها تبدو قد مرت كساعة او يوم , وهذا مما قد نلمسه لدى الشيوخ والمعمرين , فيما لو سئلوا عنه . 



 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/01



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القران الكريم ح224 سورة طه الشريفة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net