صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

دم العراقي الرخيص
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
تعاني أسواق الدم في العالم من تذبذب غير مسبوق في الأسعار، حيث ترتفع وتنخفض تبعا للتطورات السياسية والإقتصادية والأوضاع الأمنية وطبيعة الأزمات التي تضرب في بلدان بعينها، وتلك التي تحاول التخلص منها بحلول مؤقتة أو ناجعة، ويشير أحدث تقرير دموي الى إن سعر القنينة الواحدة من دم المواطن الامريكي أو الكندي أو السويدي وبعض بلدان أوربا الشمالية تجاوز الحدود القياسية نتيجة البعد عن المشاكل والأزمات والحروب والإستقرار السياسي والأمني، بينما يعيش الناس في بعض بلدان أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية في ظروف معقدة ومنهم من يتعرض الى إبادة جماعية وبطرق وحشية للغاية سجلتها منظمات دولية مهتمة بهذا الشأن ووثقتها مؤسسات عالمية عدة وأحصت أعدادا مهولة من القتلى والمشردين والجياع والمعاقين والمغتصبين والمغتصبات عدا عن التجنيد الإجباري للأطفال، بينما تنشط جماعات دينية متشددة في مناطق من آسيا وأفريقيا والبلاد العربية وتسبب كوارث بشعة وتقتل وتشرد الملايين من البشر ماادى في النهاية الى ان يصل سعر قنينة الدم الى الصفر، ولايتوفر في الأسواق العالمية من لديه الرغبة بشراء واحدة منها خاصة وإنها متعفنة ولزجة وتتوافر على نسب إشعاع وتلوث خطرة للغاية، ولايمكن إستعمالها حتى للتشويه والتخريب المتعمد.
 
يكاد العراق البلد الوحيد الذي حافظ على سعر متدني لدمومه، فلم يشهد الدم العراقي إرتفاعا في أسعاره منذ تأسيس الدولة العراقية سنة 1920 دون أن نذهب بعيدا لنرى كميات الدم المسال في العهد العثماني والغابر من عهود سبقت وجود الترك في بلادنا الموبوءة، فقد دخل العراق في حروب جسيمة منذ العشرينيات مع أبنائه من الكورد وظل يقمع بمواطنيه من المكونات الأخرى من طوائف وقوميات، وشهدت فترة السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات والسنوات العشر الأولى بعد من الألفية الثالثة وماتلاها من سنين أربع نعيشها الآن معارك جسيمة وقمعا منظما وإبادة عبر الحرب مع دول الجوار، أو القتل في السجون والإعدامات المنظمة والطمر في البوادي والصحاري، ثم التجويع عن طريق الحصارات المفتعلة بسبب تواجد أنظمة غبية ودكتاتورية وقمعية تشتهي الدم كما تشتهي الغانية مضاجعة الشيطان.
 
أعدم النظام السابق ملايين العراقيين في حربه مع الكورد، وكان القتلى من العرب والكورد تحت مسمى عراقيين، ثم تبع ذلك بحرب إستنزاف لم نفهم منها شيئا مع إيران تحت شعار محاربة الفرس المجوس، ثم غزو الكويت التي إكتشف النظام إنها من الفرس المجوس أيضا، ثم مع السعودية التي إكتشف إنها من الفرس المجوس أيضا، وقبل ذلك وبعده مع شعبه الذي أعدم منه الملايين تحت شعار محاربة الفرس المجوس، ثم الدخول في معمعة الحصار وإبادة العراقيين وخاصة الأطفال منهم.
 
سؤالي للساسة الجدد الذين جاؤا بشعار الإنتصاف لدماء العراقيين عبر عقود التضحيات الجسيمة، والذين يحكمون الآن، وفي ظل حكمهم يسقط يوميا العشرات منا، وتسيل دماؤنا على أرصفة الشوارع، ترى ألا يكفي إستثمارا لدم المساكين، وهل من حل في الطريق؟. لست أدري.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/26



كتابة تعليق لموضوع : دم العراقي الرخيص
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net