صفحة الكاتب : جسام محمد السعيدي

من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين (10)
جسام محمد السعيدي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

الفصل الرابع
الهويتين العقائدية والجغرافية لجيش الحق.. جيش الإمام الحسين عليه السلام

الهوية العقائدية

في أزاء ما ذكرناه من الهويتين العقائدية والجغرافية للمجرمين المشتركين في عار قتل سيد شباب أهل الجنة وخامس أهل الكساء وسيد الشهداء سبط رسول الله صلى الله عليه وآله، الإمام الحسين ومعه أهل بيته وأصحابه عليهم السلام.
 لا بُد من التذكير بتلك الهويتين هنا ولكن هذه المرة للفائزين برضوان الله، المنتصرين بدمائهم على سيوف أولئك المجرمين، ألا وهم جيش الحق بقيادة الإمام الحسين عليه السلام، من أهل بيته وأصحابه عليهم السلام.
فالهوية العقائدية لجيش الحق واضحة من اسمه، إذ أن قائدهم الإمام الحسين عليه السلام هو الخليفة الشرعي الثالث للنبي الأعظم محمد ٍصلى الله عليه وآله، وهو ابن بنته الوحيدة فاطمة الزهراء عليها السلام، وهو بمثابة ابن النبي صلى الله عليه وآله، بدلالة آية المباهلة ﴿فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ﴾(109).
أما أهل بيته وأصحابه فقد وصفه الإمام الحسين عليه السلام بقوله: (فإنّي لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، فجزاكم الله عني جميعاً خيراً)(110).
ثم أن الإمام جعفر الصادق (وهو ابن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي السجاد بن الإمام الحسين سيد الشهداء بن الإمام علي عليهم السلام جميعا) حينما زار قبور أصحاب جده الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء المقدسة، زارهم بعبارات تكشف عن عظمتهم وقربهم من الله ورسوله وآل بيته صلوات الله عليهم، وهي شهادة لهم بأنهم أولياء الله وأحبائه وأصفياءه وأوداءه وأنصار دينه ورسوله وأوصيائه، حيث قال:
اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَوْلِياءَ اللهِ وَاَحِبّائَهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَصْفِياءَ اللهِ وَاَوِدّاءَهُ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ دينِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ رَسُولِ اللهِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ اَميرِ الْمُؤْمِنينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ فاطِمَةَ سَيِّدَةِ نِساءِ الْعالَمينَ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ أَبي مُحَمَّد الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ الْوَلِيِّ النّاصِحِ، اَلسَّلامُ عَلَيْكُمْ يا اَنْصارَ اَبي عَبْدِاللهِ، بِاَبي اَنْتُمْ وَاُمّي طِبْتُمْ وَطابَتِ الاَرْضُ الَّتي فيها دُفِنْتُمْ، وَفُزْتُمْ فَوْزاً عَظيماً، فَيا لَيْتَني كُنْتُ مَعَكُمْ فَاَفُوزَ مَعَكُمْ(111).

هويتهم الجغرافية
الإمام الحسين وأهل بيته عليهم السلام كانوا من الحجاز وتحديداً من المدينة المنورة، أما أصحابه العرب فكلهم من العراق وتحديداً من الكوفة والبصرة، وأصحابه عليهم السلام من غير العرب وهم من يطلق عليهم في ذلك الزمن الموالي فلا يُعلم أنهم قدموا من بلدان أخرى غير العراق إلا اثنين فقط.
 فبعض - إن لم يكن أغلب - هؤلاء كانوا من القوميات العراقية القديمة، ويعضد ذلك ان أغلب سكان العراق حين الفتح الإسلامي كانوا من الموالي، وهو وصف لكل من لم يكونوا عرباً من سكانه، سواء أكانوا من قومياته العراقية القديمة المتداخلة بالتصاهر والعرق والاشتقاق بعضها من بعض، وبالتالي اكتسابها مختلف المسميات، أو تلك الساكنة لاحقاً في العراق.

 التركيبة السكانية للعراق عام 61هـ

تغيرت التركيبة السكانية للعراق عبر العصور ولكنها كانت في عام 61هـ عام ملحمة الطف الخالدة، أي بعد زهاء نصف قرن من الفتح الإسلامي للعراق، هي:
أ‌.    المكونات السكانية العراقية القديمة الأصيلة منذ بدء البشرية على أرض العراق بنزول نبي الله آدم عليه السلام، وهم:
1.    الأكديون (بقسميهم البابليين والآشوريين)، ويسمون أحياناً بأصلهم الأول فهم (الكلدانيين)، وتوزعو سكناً على طول البلاد وعرضها.
2.    السومريون (على من يراهم قومية عراقية مستقلة وليس طبقة مجتمعية من الكلدانيين الأوائل(الفراتيون الأوائل)) وكانوا متركزين في جنوب العراق تحديداً.
3.    الآراميون (بقسميهم السريان والمندائين) وكانوا متركزين في الجنوب بالنسبة للمندائيين، فيما نوع وجود السريان على مختلف مناطق البلاد، لكنهم في الشمال أكثر .

ب‌.    المكونات السكانية العراقية الأحدث المشتقة والمتفرعة من المكونات السكانية العراقية القديمة الأصيلة، وهم:
1.    العرب ويسكنون جنوب ووسط العراق وأجزاء من شماله.
2.    الكرد الذين سكنوا جبال شمال العراق وخارجه (شمال شرقه وشماله)، وبعض أماكن الوسط، وبمختلف تفرعاتهم (السورانيون، البهدنانيون، الخانقينيون والزازائيون وغيرهم).


المهاجرون إلى العراق
وأضيف لهذه المكونات الأصيلة مهاجرين من خارج العراق، بعضهم اندمج بأهله وصار جزءً من العراقيين حتى هذا اليوم وبعضهم لم يندمج ثم غادر إلى وطنه، وهؤلاء المهاجرين هم:

1.    التركمان: وهم من آسيا الوسطى وقد استقدموا الى العراق في النصف الأول الهجري تقريباً، وقيل أن بعضهم جيء به بداية دخول الاسلام إلى العراق (العقد الثاني الهجري الموافق للعقد الرابع من القرن السابع الميلادي) من قبل سعد بن أبي وقاص، أما المؤكد من المستقدمين منهم فهم من قَدِم عام 54هـ من قبل عبيد الله بن زياد، وهو ما ذكره الطبري في أحداث هذه السنة بقوله: قال علي وأخبرنا مَسلمة، أن البخارية الذين قدم بهم عبيد الله بن زياد البصرة ألفان، كلهم جيد الرمي بالنشاب، قال مسلمة كان زحف الترك ببخارى أيام عبيد الله بن زياد من زحوف خراسان(112)، وأصبحوا جزءً من تركيبته السكانية.
2.    الفرس: وهم من بقايا الاحتلال الفارسي للعراق، وبعد اندحارهم وخروجهم منه، أسكنهم سعد بن أبي وقاص في المدائن والكوفة، كما ذكرنا سابقاً، وشاهدنا أنهم لا فقط لم يندمجوا بالمجتمع العراقي آنذاك ولم يصبحوا جزءً منه، بل وصاروا أعدائه من خلال إرهاب المؤمنين في الكوفة بانخراطهم في شرطة بن زياد واعتماده عليهم، فصاروا محط كراهية وخوف المؤمنين منهم، بل وزادوا بانخراطهم في قتال منقذ المسلمين في عصره وباقي العصور الإمام الحسين عليه السلام.

الخلاصة السكانية للعراق عام 61هـ

ونحن أزاء تلك الخارطة السكانية للعراق عام 61هـ نجد أن الموالي الساكنين في العراق آنذاك كانوا كما يلي:
1.    من العراقيين الأصليين وهم: وهم طبقاً للتصنيف أعلاه كل أفراد الفئة (أ) من العراقيين بكافة تفرعاتها (1)(2)(3)، ومن الفئة (ب) الفرع (2) فقط.
2.    التركمان والفرس.
والموالي العراقيين (وفقاً للتسمية القومية آنذاك) قد اسلموا بعد الفتح مع العرب العراقيين، إذ أن الجميع كانوا في الأغلب مسيحيين مع أقليات صابئية وغيرها، وصُنف غير العرب منهم عرقياً بحسب التقسيم القومي لمجتمع ذاك الزمان على أنهم موالٍ، أما إخوتهم وأبناء عمومتهم العراقيين (من العرب وغيرهم) فقد بقيوا على دينهم، وهم أسلاف العراقيين المسيحيين واليهود والصابئة واليزيديين.

ونحن نعتقد أن موالي جيش الحق مع الإمام الحسين عليه السلام كانوا جلهم من الصنف الأول (أي الموالي العراقيين الأصليين) للأسباب التالية:
أ‌.    إن هؤلاء الموالي كانوا من أهل البصرة والكوفة، لأنهم أولياءهم كانوا من هاتين المدينيتن تحديداً، ولأنهما مليئتان منذ القدم بالفئة العراقية (أ) بكافة تفرعاتها(1)(2)(3) من النقطة الأولى أعلاه، ولأن هؤلاء كانوا موجودين فيهما حتى قبل تمصيرهما بعد الفتح الإسلامي، بسبب وجود المدن العراقية القديمة السابقة لهما موقعاً(بصرياثا وكوثى وكوربالا وكيش)، فإن احتمالية أن يكون موالي أصحاب الإمام الحسين عليه السلام من تلك الفئات عالٍ جداً.
ب‌.    يتعزز الاحتمال أعلاه ويصبح قوياً بلحاظ استبعاد التركمان نظراً للأسباب التالية:
1.    كونهم حديثي عهد بالسكن في العراق منذ عام(54هـ) أي قبل أقل من سبع سنوات من واقعة الطف، وهو وقت قصير لا يكفي لكي يندمجوا بطباع أقلية شيعية عراقية، خاصة إنهم قدموا عن طريق عبيد الله بن زياد أمير جيش الباطل ضد الإمام الحسين عليه السلام والذين تم استقدامهم كجنود في الدولة الوليدة، رغم عدم وجود أدلة على سوء سلوكهم مع الشيعة كما الفرس.
2.    رغم أنه من غير المستبعد أن يكونوا ضمن صف شيعة الإمام الحسين عليه السلام، وبالتالي احتمال انسلال بعضهم الى الخدمة والولاء لأصحابه قبل المعركة، في مدينتي الكوفة والبصرة، فيبقى هذا الأمر محتملاً، لا نستطيع التعويل عليه، لإحتياجه إلى  الدليل، ونحن لا نملكه لحد الآن.
ت‌.    ضعف احتمال انسلال بعض الفرس مع أولئك الأصحاب عليهم السلام بسبب ولاء أولئك الفرس المطلق للحاكم الظالم (عبيد الله بن زياد) وطاعته له - كما شاهدنا في الفصل السابق- وقد دعم كلامنا قول كل المؤرخين القدماء، وبالتالي فالدليل لوجود بعضاً من هؤلاء الفرس  في جيش الحق أعوز من سابقه إلى دليل، ونحن لا نملكه.
ث‌.    قد يكون بعض هؤلاء الموالي من الأجانب القادمين من خارج العراق، والقدر المتيقن من كونهم من خارجه اثنان أيضاً، هما جون من بلاد الحبشة، وأسلم من بلاد الترك.

الموالي من أنصار الإمام الحسين عليه السلام في كربلاء (113)
بلغ عدد الموالي- المقطوع به على وجه اليقين- من أنصار الإمام الحسين عليه السلام الذين حضروا معه كربلاء- في ضوء ماصرّح به المحقّق السماوي - ستة عشر رجلًا، وهذا العدد هو على الأقلّ كما لايخفى‌، لأنّ هناك من الموالي من لم يذكرهم التأريخ، ومنهم من لم يعرف مصيره كمولى نافع بن هلال الجملي وهم:
1.    نصر بن أبي نيزر (مولى أمير المؤمنين علي عليه السلام).
2.    سعد بن الحرث (مولى أمير المؤمنين علي عليه السلام).
3.    مُنجِح بن سهم (مولى الإمام الحسن عليه السلام).
4.     أسلم بن عمرو (من موالي الإمام الحسين عليه السلام).
5.    قارب بن عبد الله الدئلي(من موالي الإمام الحسين عليه السلام).
6.    الحرث بن نبهان (مولى حمزة عليه السلام).
7.    جون بن حوي (مولى أبي ذر).
8.     رافع بن عبد الله(مولى أسلم (مَسلم) الأزدي).
9.    سعد (مولى عمرو بن خالد الصيداوي).
10.    سالم بن عمرو (مولى بني المدينة).
11.    سالم (مولى عامر بن مسلم العبدي).
12.    شوذب (مولى شاكر).
13.    شبيب (مولى الحرث بن سريع الهمداني الجابري).
14.    واضح التركي(مولى الحرث المذحجي السلماني).
15. زاهر (مولى عمرو بن الحمق الخزاعي).
16. غلام تركي (مولىً للحرّ بن يزيد الرياحي).
17. عقبة بن سمعان (مولى السيدة الرباب).
18.    سليمان بن رزين(مولى الإمام الحسين عليه السلام)(114).

 الأسماء الستة عشر الأولى استشهدوا في كربلاء، أما الأخير فقد بعثه الإمام الحسين عليه السلام إلى البصرة واستشهد هناك، والتسلسل 17 نجا من القتل.
ويرى البعض أن واضح وأسلم التركي هما شخص واحد، وقد تضارب المؤرخون في كونهما شخص واحد أو شخصين، لكننا سنعتمد على قائمة شهداء الطف للعلامة المحقق آية الله السيد محمد مهدي شمس الدين –كما سرنا في كل الكتاب على قائمته لبذله جهدا تحقيقياً في معرفة الأصحاب والأنصار لم يبذله غيره حتى الآن- التي أثبت فيها اسم (أسلم) فقط.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


جسام محمد السعيدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/22



كتابة تعليق لموضوع : من قتل الإمام الحسين عليه السلام؟! ومن قاتل معه؟ حقائق مُغيّبَة تكشف الهوية العقائدية والجغرافية للفريقين (10)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net