صفحة الكاتب : ميثم المعلم

أيها العقلاء انقذوا أمة محمد من داعش الإرهابية
ميثم المعلم

سيأتي يوم من الأيام على الأجيال القادمة ينظرون إلى التمييز الطائفي جريمة من الجرائم الكبرى في حق الإنسانية ، وخيانة من الخيانات العظمى للدين الإسلامي الحنيف ، وعامـلا ً من عوامل التخلف والجهل ، وقيمة من القيم الجاهلية ، ومبدأ من المبادئ الفاسدة . وسينظرون إلى التكفيريين والطائفيين نظرة اشمئزاز وحقارة ، بسبب الممارسات والإثارات الطائفية التي أثاروها في الزمن الرديء ، بحيث أدت إلى الكراهية والبغضاء ، والانقسامات العميقة في المجتمع الإسلامي ، والحروب والتناحر بين أبناء الأمة الإسلامية ، حتى إننا اعتقدنا إن هذه الحروب تقوم بين دينين مختلفين بشكل جذري، وبين حضارتين متناقضتين لا يجمعهما أي قاسم مشترك، ولا يرجعون إلى نبي واحد، ولا إلى قرآن واحد . إنّ الأجيال القادمة سيصابون بالدهشة الشديد ة ، وبالصدمة الكبرى، وسيتعجبون من قلة الوعي ، وسيتساءلون فيما بينهم كيف أن الأفكار الطائفية المقيتة تؤثر على عقول الشباب والشابات؟!! لوضوح شرهـا وأثارها السلبية على الناس ، بل سيجعلون الطائفيين نماذج واضحة على الضلال والباطل ، وسيضربون بهم المثل على الظلم والطغيان ..
إن أكبر خطر يهدد أمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في العصر الحديث هو الخطاب الطائفي و التكفيري ، والتعامل مع أفراد الأمة الواحدة على أساس مذهبي ، وإثارة الفتنة بين الطوائف الإسلامية . والعقلاء من جميع المذاهب الإسلامية يدركون هذه الحقيقة بشكل واضح ، لكنّ للأسف الشديد إن سكوت الأصوات المعتدلة من علماء ومفكرين ومثقفين وإعلاميين شجّع الصوت الطائفي على البروز والتحكم بالشارع الإسلامي ، مما جعل هذا الصوت هو الأعلى والأكثر تأثيرًا في أبناء الأمة الإسلامية ، وهو الذي يصيغ الذهنية الدينية كيف يشاء ، ويتحكم في عقول الناس وعواطفهم، والأقدر على الحشد الجماهيري ، والأكثر حضورًا في وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقرؤة، والأقوى ثراءً وامتلاكـًا للإمكانيات المادية. لذلك تشكـّـل تيار تكفيري وحشي إرهابي في الأمة الإسلامية يثير بين حين وآخر قضايا طائفية وتكفيرية بأشكال وألوان مختلفة ، لكي يشغل الأمة عن القضايا الأهم .
لقد أبتليت الأمة الإسلامية في العصر الراهن بنشوء تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) إذ لم يرى المسلمون من قبل أكثر وحشية منه ، ولم يسمع الناس من قبل أكثر إرهابــًا منه ، حتى إن التنظيمات الإرهابية التي تتشابه معه فكريــًا كجبهة النصرة لم تستطع التعايش معه بسبب شدة تطرفه وتكفيره الذي لم يرى التاريخ الإسلامي والإنساني مثله .
إن القيم الفاسدة الذي يبثها تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) عبر خطبه ومحاضراته و ممارساته الإرهابية كالقتل و انتهاك الأعراض والتهجير ، أنتجت للمجتمعات البشرية نفوســًا خبيثة أربكت الواقع الإنساني ، وقلوبــًا قاسية اتخذت من العنف أسلوبـــًا حياتيـــًا في التعامل مع الناس ، وأرواحــًا شيطانية نشرت الكراهية والبغضاء بين الدول الإسلامية .
إن الفكر الإرهابي لتنظيم الدولة الإسلامية ساهم بشكل كبير في إضعاف المسلمين فكريـــُا وسلوكـيــُا وحضاريــًا ، مما أدى إلى تمزيق وحدة المسلمين ، وانتهاك حقوقهم ، وتدمير قيمهم النبيلة ، وأشعل في نفوسهم البغضاء والكراهية ، وجعلهم أحزابـــًا وفرقـــًا ، وأوجد سدًا سميكـــًا وحاجزًا نفسيـــًا منيعـــًا فيما بينهم.
إن سر نشوء وبقاء تنظيم الدولة الإسلامية الإرهابي وتطوره وانتشاره في العالم الإسلامي هو وجود فكر تكفيري يغذيه رجال دين طائفيين يتصفون بتشدد فكري ، وتعصب طائفي ، وسوء خلق ، لم يعرفوا في يوم من الأيام في الأوساط العلمية بسعة العلم والمعرفة ، ولم يقدموا إلى المسلمين أي مشروع إسلامي يطور الحياة الإنسانية أو يحل مشكلة اجتماعية أو ثقافية أو تربوية .
و إننا لم نسمع أبدًا إن الطائفيين التكفيريين دعوا في يوم من الأيام إلى مؤتمر للتقريب بين المذاهب الإسلامية ، أو إلى التعايش السلمي بين الأديان ، أو إلى التسامح الديني بين البشر ، أو إلى التعامل ا لأخلاقي مع المخالفين مذهبيـًا أو دينيــًا ، بل العكس هو الصحيح إذ نرى في أدبياتهم وأقوالهم وأفعالهم التفرقة المذهبية ، والفتنة الطائفية ، والتعصب الأعمى ، والعنف والإكراه وإقصاء الآخر الإسلامي والغير إسلامي . ولولا مشروعهم الطائفي والتكفيري لم تسمع بأسمائهم وذكرهم ووجودهم في الحياة .
و إذا أردت أن تستمع إلى خطب رجال الدين الطائفيين ومحاضراتهم لا تسمع منهم إلا السباب والشتم وأقذر الكلمات القبيحة لمن يختلفون معهم في الرأي ، حتى إن الإنسان يشمئز من كلماتهم وأسلوبهم الفظ . إنهم لا يحتجون على منْ يخالفهم في العقيدة بالأدلة العلمية ، أو البراهين العقلية و المنطقية إنما يحرضوا الناس عن طريق العاطفة الدينية والتعصب المذهبي على القطيعة والعنف والكراهية لكل من ْ لم يتفق معهم في القناعات الفكرية والدينية .
لقد أدرك أعداء الأمة الإسلامية إن أفضل سلاح لمواجهة الشعوب العربية والإسلامية هو سلاح الطائفية والتكفير المتمثل في الجماعات المتشددة كتنظيم الدولة الإسلامية لذا تغلغلوا في داخله، ونجحوا في اختراقه فكريــًا وتنظيمــيــًا لكي يحققوا خططهم الجهنمية في القضاء على الإسلام ويفرغوه من محتواه الأخلاقي والإنساني .
من المؤسف إن العلماء المعتدلين صمتوا عن تنظيم الدولة الإسلامية فترة من الزمن ولم يواجهوه بجدية ، فجاء أصحاب الفكر التكفيري والإرهابي واختطفوا قرار الأمة الإسلامية وشبابها وفكرها وثقافتها ، مما أدى إلى الويلات والمصائب الذي نراها في بلداننا الإسلامية .
ومما يحزن القلب إن بعض الشباب عاشوا طوال حياتهم في ظلمات التكفير والإرهاب ، ومات بعضهم من أجل أفكار خاطئة بعيدة كل البعد عن الحق والصواب ، وهم يظنون إنها مبادئ إسلامية مقدسة تستحق أن يضحي الإنسان من أجلها .
إن المرحلة شديدة الحساسية وبالغة الصعوبة، وتتطلب من الجميع من دون استثناء التنبه الى مخاطرها وإلى ما قد يترتب عنها، وهذا يوجب بالحد الأدنى التعاون للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ، فكريــًا وتربويــًا واجتماعيــًا وإعلاميــًا واقتصاديــًا وسياسيــًا ، وبذل الجهود لتخفيف التوتر والاحتقان الطائفي .
وعلى المفكرين الإسلاميين الكبار وعلماء الدين المعتدلين والمثقفين المعروفين والإعلاميين المخلصين أن يقوموا بما هو مطلوب منهم وأكثر في كل ما من شأنه أن يؤدي إلى إخراج أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلى بر الأمان وإنقاذها من فكر تنظيم داعش الإرهابي .





 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ميثم المعلم
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/08/02



كتابة تعليق لموضوع : أيها العقلاء انقذوا أمة محمد من داعش الإرهابية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net