صفحة الكاتب : ريم أبو الفضل

سنوات التيه
ريم أبو الفضل

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

"كلّا إنى معى ربى سيهدين"

قالها "موسى" بثقةٍ ويقين حين وصل لشاطئ البحر، فنظر خلفه ليجدَ فرعون وجنوده  يلاحقونه

 

لم يكن "موسى " مدركًا كيف ستكون نجاته..ولكنه كان متيقنًا من النجاة 

فماذا بعد قلب ممتلئ بالثقة ، ويقين فى عون الله لأنه قد أخلص العمل ؟

 

وفى لحظات يتحول المنطق لمعجزة.. كثورة على كل المسلمات ومعطيات البشر

فينشق البحر وينجو "موسى" ويغرق فرعون بجنوده وعتاده وجبروته 

 

ونجا "موسى " وبنو إسرائيل من بطش فرعون وظلمه ، ورأى بنو إسرائيل بأعينهم هلاكه ليزدادوا يقينا فى عدل الله بعد أن أذاقهم فرعون الذل والهوان

 

وما أن نجى الله تعالى موسى وبنو إسرائيل من فرعون وجنوده ، وأخرجهم إلى الأرض الطاهرة ، وذكرهم بنعمة الله عليهم ؛ ليشكروه ويؤدوا حق نعمته ، كما جعلهم أحرار بعد أن كانوا عبيداً  فقال لهم" ياقوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم"

ولتقيموا عليها دولتكم  بعد أن وّلت أيام العبودية

فكان ردهم" إن فيها قوماً جبارين"

 

 

من الغباء أن يتناسى الإنسان فضلا ..ورغم أن بنى إسرائيل كانوا من قبل قد فضلهم الله وبعث فيهم أنبياء ، وجعل منهم ملوكاً وآتاهم مالم يؤت أحدا ،  إلا أنهم نسوا أن الله نجاهم من فرعون وجنده ، وأهلك أعداءهم ، وأراهم الآيات البينات ، فتمردوا ؛ فابتلاهم الله بالتيه

 

هذا الجيل الذى تخاذل ، وارتضى بالذل والخنوع ونشأ على طاعة فرعون حتى بعد أن خلصهم الله من جبروته لن يجدى معه استنفار، ولا نبى يبعث فيهم روحا تتحدى المهان

 

فكان التيه عقابًا له..

 

 

ولأن فى كل 33 سنة يأتى جيل ... وهذا الجيل قال لموسى "اذهب أنت وربك فقاتلا" فأعمار أصغرهم قد تكون تعدت الأربعين ..فكان لابد من فناء هذا الجيل المتقاعس الخائر

سار بنو إسرائيل فى القفر أربعين سنة حتى فنى كل الجيل ... ونشأ جيل آخر تهيأ خلال فترة التيه لدخول الأرض المقدسة ، جيل لم يتربى فى سجن العبودية ، ولم تصاب روحه بالشلل جراء انعدام الحرية ، جيل لم يُهزم داخلياً ، جيل وجد الأبناء فيه آباءهم يتيهون فى فلاة دون هدف ، اللهم إلا خشية المواجهة

ونشأ فى أيام المحنة جيل مستعد لبذل حياته من أجل كرامته

جيل لا يقول ل" موسى" (فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون)

 

لا تصلح الشعوب الساجدة لفراعينها أن تكون شعوبًا عزيزة ، فحتمًا تجدها غارقة فى غيها ، تصنع العجل ، تسجد لفرعون ، تستلذ الذل .. فلا تستحق إلا التيه

 

إن الجبناء لا يستحقون وطناً...إن الجبناء لا يستحقون إلا الفلاة يتيهون فيها..

 

قد تُفنى أجيال ... وقد يطول تيه أجيال أخرى 

 

حتى يصطفى الله جيلاً قادر على حماية وطنه...يرغب فى العيش بكرامة وعزة

يهلك طواغيته..ويحطم أغلاله..

 

أما الجيل الساجد لفرعون وقد اعتاد الذل ، وألف العبودية ...حتى وإن ذّبّح فرعون أبناءهم ..واستحى نساءهم  

 

فليهنأوا بسنوات التيه القادمة....

reemelmasry2000@yahoo.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ريم أبو الفضل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/13



كتابة تعليق لموضوع : سنوات التيه
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : موضوع في الصميم ، في 2017/10/02 .

موضوع مهم وفي الصميم احسنت ست ريم ابو الفضل




حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net