صفحة الكاتب : شاكر عبد موسى الساعدي

داعش..... والخلافة المزعومة
شاكر عبد موسى الساعدي

 إن تاريخ الوطن العربي منذ القرن التاسع عشر هو تاريخ تغيير وتبدل مستمرين من مجتمع إسلامي شبه مغلق على نفسه إلى مجتمع يتعرض فجأة إلى زخم الحضارة الأوربية الجديدة, وقد مر المجتمع العربي لعدة قرون بالعزلة والسكون والجمود والاضمحلال.. ففي ظل الاحتلالات الأجنبية المتعاقبة منذ الغزو المغولي توقفت حركة الإبداع وتحولت التقاليد الثقافية إلى قوالب جامدة وقد أصاب التدهور كل مرافق الحياة والنشاط العام .
كان الغرب في حينها في تقدم مستمر في العلوم والتقنية والصناعات الحربية وفي الثقافة والعلوم والآداب والفلسفة والنظريات السياسية مع تعزز نظام الحكم والتداول السلمي للسلطة لاحقاَ, بالمقابل كانت هناك ولايات الدولة العثمانية المتخلفة في كل شيء .
ألا أن التقدم المادي والثقافي المتسارع الذي أعقب القرن العشرين والحادي والعشرين في أمريكا وأوربا هدم الحواجز والحدود بين الدول والقارات, فما يحدث في أمريكا نجد له صدى في العراق وما يدور في اليابان نرى له رد فعل في مصر , وهكذا أخذت البشرية تسير في طريق النظام العالمي الجديد أو ما يطلق عليه – العولمة – بحيث أصبح العالم اليوم  قرية صغيرة وليس أمارة أسلامية متطرفة عقائدياً , لذا لا يسع إي عربي إن يتغاضى عما يدور حوله في البلدان الأخرى.. بأستثاء فئة قليلة متخلفة عقليا وفكرياً تريد إرجاع التاريخ إلى الوراء وتطالب بعودة الخلافة الإسلامية ولا نعرف هل تريد إعادة الخلافة على غرار الحكم الأموي أو العباسي أو العثماني ؟
لو أخذنا مثلا خلافة طالبان في أفغانستان التي تم تصويرها على أنها المثل الأعلى  للخلافة الإسلامية التي مارست القسوة ضد كل أعدائها في الداخل والخارج ، واستخدمت سلاح الرعب لنشر أفكارها وتوجهاتها الدموية ، لم يذكر التاريخ لنا يوماً من إنجازاتها إلا جر أفغانستان ودول المنطقة إلى مزيد من التخلف والفوضى والقتل الجماعي ، ، واليوم فإن العصابات المتشابهة في الشام والعراق التي تطلق على نفسها( داعش ) أو (النصرة ) المستخدمة لنمط طالبان الفاشل لا تدرك أنه وفور أن تقرر الشعوب المبتلاة بها إنهاء وجود هكذا تنظيمات نكرة , فإن الأمر لن يأخذ منهم إلا أسابيع معدودة ، والغريب أن أغلب من يحن إلى أيام الخلافة الإسلامية ويدعو إلى زوال الحكام العرب والمسلمين يدرك تماماً أن الخلافة الإسلامية قد وصلت إلى أوج ازدهارها تحت حكم العائلات الحاكمة التي لم يتم اختيار الخليفة فيها بناء على مبدأ «وأمرهم شورى بينهم»
فقبل أن تطالبوا بإقامة الخلافة الإسلامية في بلدان غير بلدانكم ,انظروا إلى نبينا الكريم ( ص ) وكيف تدرج في دعوته، وكيف مهد لانتشارها، ثم انظروا إلى الخلفاء الراشدين (رضي الله عنهم)....وكيف استطاعوا إدارة شؤون المسلمين بعد انقطاع الوحي بوفاة الرسول(
ص).
اليوم يكفي رجل الدين أن يدير صفوف المسلمين في المساجد ويعتلي المنابر ليخطب في الناس كل يوم جمعة ، وليترك مطالبه بقيادة الدولة إلى أهل الاختصاص ممن يمتلكون الكفاءة المهنية المطلوبة، عندئذ بمقدور بلدانا التقدم من جديد وسط عالم حديث متطور، بعيدا عن خلافتهم الإسلامية

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


شاكر عبد موسى الساعدي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/07/04



كتابة تعليق لموضوع : داعش..... والخلافة المزعومة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net