صفحة الكاتب : حمزة علي البدري

موقف الكويت تحت المجهر
حمزة علي البدري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن الأمة العربية المتجذرة في أعماق التاريخ , تمتلك شروطا وخصائصا تاريخية متفردة لا ولم ولن تمتلكها أي امة في العالم , وعلى امتداد التاريخ , وهذه حقيقية تاريخية كبرى متوالدة ومتناسلة . ولا يستطيع أن يفندها أي مفكر أو منظر أو كاتب أو إعلامي , مهما امتلك من قدرات عالية ومتمكنة على التزوير والمسخ والتشويهات والتهويشات . ورغم ما تعرضت له هذه الأمة من التجزئة والاحتلال والاستيطان الاستعماري , وتنصيب الملوك العملاء والرؤساء الخونة وكل المأجورين .. فلا يوجد في التاريخ السياسي امة ابتليت باحتلال مختلف الهويات والأغراض والمقاصد , كأمتنا العربية المجيدة التي فتك بها موجات الغزو والاحتلال الفارسي والعثماني والمغولي والصليبي والبيزنطي والفرنسي والبريطاني والأمريكي والقائمة طويلة . فأي امة أو دولة في الكون كله تستطيع أن تبقى على قيد التاريخ إذا تتعرض لمثل ماتعرضت له الأمة العربية من محن وكوارث وتامرات متزايدة ولحد ألان , فلا بد أن ( تتفلش ) وتمسخ من خارطة التاريخ .. ولكن الأمة العربية بقيت في دائرة الأصالة والعمق التاريخي , وتمسكها بقوة وثبات وإصرار بقوميتها وهويتها ومبادئها وقيمها , وقد أكد ذلك المثل الأعلى ربنا العظيم عندما قال في كتابه المقدس القران الكريم ( وكنتم خير امة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر ) إن الأمة العربية تضم ( 22 دولة ) وترتكز على أرصدة مالية ضخمة ومستثمره في الدول الكبرى , وتكتنز ثروات طبيعية هائلة يسيل لها لعاب الدول العظمى ( كالنفط , والغاز الطبيعي , والكبريت ,والفوسفات , والمنغنيز , والحديد , والزنك , والقصدير , والزئبق و . و. ) كما إنها تمتلك ثروة حيوانية ونباتية  كبيرة , وتتميز بموقع استراتيجي مهم وفعال , وعندها أعداد ضخمة ومتزايدة من الأيدي العاملة التي شلتها عن العمل البطالة المقيتة .
إن اخطر المعوقات التي دمرت هذه الأمة بقسوة , هو أن معظم الحكام العرب عملاء وأجراء وأعداء لشعوبهم , ولا يفكرون إلا بمصالحهم وجيوبهم وملذاتهم وشهواتهم ,  وإنهم وراء كل نكبة وكارثة حلت بالوطن العربي ,  فهم وراء ضياع فلسطين,  وهم سبب بقاء وديمومة اسرائيل ,  وهم سبب فقر وإفقار الشعب العربي ,   وهم وراء تمزيق وحدة العرب , وان معظمهم ينسجون علاقات علنية وسرية وطيدة وقوية مع إسرائيل ومع الدول التي تعاكس مسيرة العرب أكثر مما ينسجون علاقات ودية وأخوية فيما بينهم ... وإلا فما معنى موقفهم المشين المدان ضد عراقنا الجديد ..!!؟؟ وبأي تبرير مقنع يبررون تسلكاتهم  المعادية والمفضوحة ..!!؟؟ ولماذا نجد دول العالم يتسابقون على فتح سفارات وإقامة علاقات متينة وعلى الأصعدة المتنوعة , والحكام العرب يتفرجون ويؤلبون ويرسلون المخربين والقتلة ويزودونهم بمختلف وسائل التدمير ضد العراق الأصيل , الذي كان وما يزال يمتلك تراثا كبيرا من المواقف العملاقة والعطاءات السخية والمشاركات المصيرية . فالحكام العرب بين متخوف من تجربة العراق الديمقراطية التي أتاحت حرية الرأي والتعبير بأوسع نطاق , وبين حاقد على التغيير الجديد فيدس السم بالدسم ,  ويتظاهر بالتعاطف مع العراق باللسان وهو ناقم حاقد موتور بالوجدان , ومن الحكام العرب من يخشى استعادة العراق وقوته العسكرية ومكانته الدولية , ومنهم كالتمثال المصنوع من الرخام البارد لا يهتز ولا تحركه النخوة والشهامة العربية ,  ولا يتأثر أمام هذه المحن والمصائب والأزمات التي تمزق هذا البلد المنكود . ومن الحكام العرب من  يشعر في قرارة نفسه بخسارة فادحة قد أصابته بفقدان الصنم صدام الذي كان يغدق على بعض الحكام العرب لغايات معروفة ... فهذه هي حقيقة (  الأشقاء ) وهذا هو جوهرهم وديدنهم وسلوكهم المرفوض ومن يزرع الشوك لا يحصد العنب .
وان الذي يحز القلب ويدمي العيون ,  ويكثف الجراح ويثير التساؤلات والاستغراب , هو موقف الكويت المعادي . وكل عراقي يستغرب من هذا الموقف المثير,  فالعراقيون كانوا يتوقعون من الكويتيين كل تأيد ومساندة ودعم وعطاء لان العراق الجديد قد أزاح عنهم وأنقذهم من الكابوس المرعب الذي كان يورقهم ويعصف باطمئنانهم ألا وهو المجرم صدام الذي بهذلهم وشردهم عن وطنهم وهدم كل منجزاتهم .. واقسم لكم بان صدام لو ظل باقيا فان غريزة الانتقام وشهوة التوسع والهيمنة تدفعه إلى إعادة الكرة مرات ومرات,  ولكن العراق الجديد قد استأصل هذا الورم السرطاني من جسد الكويت , وألان انتم تعيشون في سلام ووئام وأمان واطمئنان وضمان,  وهذه حقيقية لا يمكن نكرانها .. فما معنى مطالبتكم الملحة بتسديد الديون التي تكومت على كاهل العراق بسبب سياسة صدام الهمجية الرعناء العدوانية الحمقاء التي الحقت بالعراق أفدح الخسائر واشد الكوارث . فيا حكام الكويت انتبهوا جيدا لمواقفكم المتشنجة المتعالية المتنكرة للشعب العراقي , الذي عاضدكم وساندكم في محنتكم ,  التي لن تنسى , فالواجب القومي والإنساني والأخلاقي يفرض عليكم أول ما يفرض أن لا تتنكروا للعراق الذي بعث في قلوبكم أمواج الدعة والأمان والاستقرار , ولا اخفي عليكم سرا بان الكثير من العراقيين لما عرفوا موقفكم المتنكر لعراقنا الجريح المثخن بالآهات والأزمات والمعضلات وتأكد بعدم تنازلكم عن ديونكم التي تكومت بسبب سياسة صدام المجرم راحوا يكررون وبالحرف العريض ( ما يلام بيهم صدام لأنهم ناكرون للجميل ) هذا هو التصور الجديد الذي صنعتموه بأنفسكم ضد أنفسكم , لأنكم أصبحتم متصلبين معاندين متنكرين لعراقنا الذي فتح لكم قلبه وذراعيه ,  ولكنكم سادرون في غيكم وحقدكم لذا نهيب بكل كويتي وخاصة حكومتكم وبرلمانكم ونقول بصريح العبارة لا تتجمدوا على عقد الماضي , ولا تحملوا الشعب العراقي حماقات الطاغية الأهوج صدام , ثم أن عروبتكم تحتم عليكم نسيان الماضي وماسيه التي خلقها عدونا وعدوكم الملعون صدام ,  ويجب أن تفتحوا صفحة جديدة بيضاء نخط عليها سور الأخوة والوفاء والاتفاق والوفاق . فالكل يتساءل هل انتم ضد العراق وشعبه أم ضد صدام وحزبه ,؟ لماذا لا تنهجوا نهج الدول التي أسقطت مليارات الدولارات عن العراق المنكود ,  الا تعلموا بان الامارات أسقطت سبع مليارات مشكورة على هذا الموقف العربي الاخوي الأصيل فلماذا لا تحذوا حذو هذه الشقيقية المعطاء .
إن مشاكلكم معنا لا تحل من خلال هيأة الأمم المتحدة ومجلس الأمن بل من خلال الدور العربي والحوار الايجابي , ومن خلال منطلقات الإخوة العربية الصادقة والأصيلة فلماذا تريدون إبقاء العراق منقوص السيادة ويظل يرسف بأغلال البند السابع !!؟؟؟ هل هذا الموقف يقفه شقيق ضد شقيقه وهو في محنة وضيق كبير ؟ فيا أيها الحكام في دولة الكويت هل من المعقول والمقبول إن تسحبوا حقدكم وعدائكم المبرر على صدام إلى الشعب العراقي الذي يكن لكم الاخاء والولاء وكان ضد اجتياح صدام لكم وان الكثير من السياسيين والوطنين العراقيين قد استنكروا الغزو وأدانوه ,  إن عقدتكم من صدام لا غبار عليها , ولكن لا يحق ولا يجوز لكم أن تحقدوا على العراقيين وتتصيدوا المواقف المضادة لهم .. أن موقفكم المستغرب ضد العراق وأبنائه النشامى الغيارى يلحق بكم أفدح الأضرار فموقفكم ضد خروج العراق من البند السابع علما بان العالم كله معنا يعبر عن عداء مستحكم ,  فياويلكم من حكم التاريخ والضمير العربي ... فمن أي منطلق تنطلقون ..!؟؟ .. وعلى أي قوة ترتكزون ..!؟؟.. وماهذا التحدي والصفاقة والعقوق ..!؟؟.. هل نسيتم بان كل الذين حكموا العراق من الملك فيصل الأول والملك غازي والزعيم عبد الكريم قاسم وانتهاء بالمجرم صدام كلهم كانت عيونهم وأطماعهم مشدودة إلى ضم الكويت ,  ولكن العراق الجديد أنقذكم وخلصكم من هذه الأشباح المرعبة المورقة لكم ... فعيب عليكم تواصلكم بالحاح وفتح الجراح ,  فعراقنا ينتظر منكم موقفا جديدا وسريعا لتضميد الجروح ,  والتعبير عن الشهامة العربية ووحدة الدم والتاريخ والأصالة واللغة ,  واعلموا جيدا بان الكل متذمرون من مواقفكم من الطفل الذي عمره عشر سنوات إلى الشيخ الذي يتوكأ على سنواته التسعين وان مع اليوم غدا , واليوم سلام وغدا كلام ,  ودع العوراء تخطاك  , وأوردت مالم تصدر ,  فقد اتسع الخرق على الراتق ,  وانظروا في العواقب كي تسلموا من النوائب ,  وأخيرا وليس أخرا إننا لكم ومعكم إذا فتحتم أبواب الإخوة الصادقة والجيرة المخلصة ,  ولكل حادث حديث ,  وعسى الله أن يجمعنا على طريق الأمان والاطمئنان والوفاق والاتفاق  والسلام .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حمزة علي البدري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/04/04



كتابة تعليق لموضوع : موقف الكويت تحت المجهر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net