في رمضان من كل سنة يحيي أهالي الحلة النجباء نهضة الحلة الفكرية والأدبية التي امتدت من القرن السادس الى منتصف القرن التاسع الهجري لأنها مؤهلة بسبب قدسيتها لاحياء فكر الامام الحسن المجتبى عليه السلام إذ يرتقي أبناءُها الموالين لآل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالبنية الخُلقية والمعرفية لأنهم يُدركون أن آل بيت النبي عليهم الصلاة والسلام هم غُرة هذه النهضة ومن كوثرهم اغترفت المدينة وتغترف هذه النهضة .
كان لقول أمير المؤمنين عليه السلام في اسم ونهضة هذه المدينة وابناءها أثرا بالغا في أهميتها وترجمة لتعاقب خيار قومها إذ قال عليه السلام في مدحها للأصبغ بن نباته عند وروده صفين وقد وقف على تل وأومأ الى أجُمة (قصب ) ما بين بابل والتل : مدينة وأيُّ مدينة ، قال له الأصبغ : أراك تذكر مدينة أكان هناك مدينة وانمحت آثارها ؟ فقال عليه السلام : لا ولكن ستكون مدينة يُقال لها الحلة يمدنها رجل من بني أسد يظهر بها قوم أخيار لو أقسم أحدهم على الله لأبرَّ قسمه .
فقد سعى بعض الأخيار من سكانها على إحياء فكر الامام الحسن المجتبى عليه السلام منذ دعوة المرجع الاعلى الامام السيد محسن الحكيم قدس سره منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي إذ دعى بالتفكير والتوجه بأن تختص كل مدينة عراقية ذات اغلبية شيعية بإحياء مناسبات الأئمة المعصومين عليهم السلام وقد خص مدينة الحلة بالإمام الحسن المجتبى عليه السلام باعتبارها أحد رؤوس المثلث المقدس النجف مدينة الامام علي وكربلاء مدينة الامام الحسين عليه والحلة مدينة الامام الحسن عليهم السلام .
وبفضل دعم ومباركة مرجعيتنا المباركة في النجف الأشرف وبرعاية وإسناد الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية تشرفت هذه المدينة بإحياء ذكر الإمام الحسن المجتبى عليه السلام وحمل هذا الإسم المبارك .
ويعجز اللسان عن وصف هذه الأيادي البيض المعطاء في العتبتين المقدستين الحسينية والعباسية وهم مسددون من الله تعالى لخدمة آل البيت الأطهار والإمام المظلوم الحسن المجتبى عليه السلام ونشر فكره واحياء ذكره .
ويستعد الأخيار من أهالي مدينة الحلة لإحياء المهرجان السابع لولادة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام من 14 – 16 رمضان وبصدى أوسع لترسيخ فكرة جعل مدينة للإمام الحسن المجتبى عليه السلام .
ومما قاله الاستاذ المهندس حسن الحلي وهو ينحدر من أشهر الأُسر التي أحيَت ذكر الامام الحسن المجتبى عليه السلام منذ مهرجان ولادته الأول الذي أُقيم في مدينة الحلة في مطلع ستينيات القرن الماضي إذ يحمل هو الآن شرف إحياء هذا الفكر : لقد تشرَّف أهل الحلة بنشر عباءة الإمام الحسن المجتبى عليه السلام خيمة فوق مدينتهم ويرسخون هذا الأمر في نفوسهم أولاً وعند الآخرين من أخيار المدن الأخرى في العراق والعالم الإسلامي ثانياً وهذا شرفٌ لا يدانيه شرف .
ويضيف الحاج عقيل القريشي وهو من اشهر القائمين على إحياء المهرجان ويُعَد من أسباب نجاحه بجهوده المباركة : إن الأمم تُخلد عظماءها بأعلى ما يمكن من تعظيم ونحن نرى قبور أئمة البقيع لا يُرمز لها إلا بحجارة بسبب ابتلاء الأمة بمن يدَّعي الإسلام ويخالف تعاليمه والمشيئة الإلهية جعلتهم في أقدس بقاع الأرض وجعلت هذه المشاهد المقدسة لأهل البيت الأطهار والصحابة الصالحين من اتباعهم بيد هؤلاء المتنكرين بالإسلام وللإسلام ، وهنا نشعر نحن الموالون ومن يهزنا هذا المشهد المؤلم لو أن هذه القبور الطاهرة كانت بين محبيها لبُني عليها ما يليقُ بعظمتها وقداستها ولزَهت وتحصنت وسمَت أيُّ مدينة بهم .
يبدأ المهرجان من 14-16 رمضان من كل سنة على حدائق رد الشمس مقام الإمام علي عليه السلام ويسبق فقرات المهرجان الفكرية والأدبية والقرآنية وجبات افطار للصائمين وفي اليوم الأخير من المهرجان تُعقد جلسة بحثية تتضمن بحث حوزوي بحضور أحد السادة أو الشيوخ المعروفين في الوسط الديني وجلسة بحثية تتضمن مناقشة عامة للبحوث المُقدمة الفائزة بمسابقة البحث أو التأليف في شخصية الإمام الحسن عليه السلام ، ومن البحوث التي قُدمت وفازت في المهرجان السادس السنة الماضية ( الإمام الحسن عليه السلام الإمامة المنسية ) للأستاذ صالح الطائي و ( دراسات في الفكر التربوي عند الإمام الحسن عليه السلام) للسيد يوسف مدن من البحرين و( الإنسانية المثالية عند الإمام الحسن عليه السلام ) د. رحيم كريم الشريفي ، وكُرمَ الفائزين بجوائز تليق بمستوى عطاء بحوثهم وستُطبع كتبهم بفضل رعاية ودعم الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية الساعين لنشر فكر الإمام الحسن وأهل البيت عليهم السلام .
وفي تحضيرات المهرجان القادم في رمضان من هذه السنة عزمت اللجنة التحضيرية للمهرجان في الحلة على إظهاره بالشكل اللائق لأهميته أولاً ولإهتمام بعض الشخصيات في أعلى المستويات الفكرية والدينية بهذا المهرجان ، فقد أعدَت اللجنة التحضيرية مسابقة البوستر والخط العربي ومسابقة فكرية حول الإمام الحسن مطبوعة في دار الكفيل وبجوائز قيِّمة وغيرها من التحضيرات .
وتهتم اللجنة بإحياء مناسبة استشهاد الإمام الحسن عليه السلام في 7 صفر من كل سنة سائلين المولى العلي القدير أن يسدد هذه الجهود المباركة من قبَل القائمين على إحياء ذكر الإمام المظلوم سبط النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم .
الموضوع السابققناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat
.jpg)
