صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

هل ليس في الإمكان خير مما كان؟!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.



"ربَّ يومٍ بكيْتُ منه فلمّا....صِرْتُ في غيرهِ بَكيْتُ عليهِ"

هذه الكلمات ليست يائسة أو تسعى لتحبيط الهمم وإطفاء نور التفاؤل , لكنها محاولة لتقييم السلوك الحاصل وما سيؤول إليه من تفاعلات ,  ربما ستؤكد بأن اليوم أحسن من الغد بكثير !!

من المعروف أن من العوامل المهمة والمعتمدة في تقدير ما سيحصل , هو ما قد حصل , فأبعاد الزمن تلد بعضها , والشخص الذي فعل ما فعل في السابق , سيكون مؤهلا لقيام بأفظع مما فعله , وما جرى سيجري , وتلك ثوابت سلوكية ترتبط بالبشر أينما حلّ وفي أي زمن كان.

فلا جديد في هذا الموضوع إلا أن الأساليب تعقدت والوسائل تنوعت.

وعندما نقرأ سلوك القوى فرديةً أو حزبيةً في واقعنا السياسي , يظهر أمامنا بوضوح أن مسيرتها تهيمن عليها التوجهات الإمحاقية والإجتثاثية , وما عرفت أن تحقق تداولا سلميا للمناصب والسلطات والمسؤوليات , بل أنها تترجم بدقة وإندفاع آليات الغاب التي تلخصها : "وما إجتمعت بأذوادٍ  فحولُ" , أي أن الفحول تتقاتل حتى يفنى مَن يفنى ويبقى مَن يبقى ليهيمن على الآخرين.

فمنذ تأسيس الدولة ومسيرات المسؤولين لا تنتهي بخير , والعلة الكبرى المؤدية إلى نهايات قاسية هي التشبثات العمياء بالمناصب , والمشحونة بالطاقات العدوانية والأوهام السلطوية , وتنامي وتضخم الشعور بالأهمية والنرجسية الماحقة الفائقة.

فالعهد الملكي قصصه معروفة ونهايات الملوك والمسؤولين واضحة , والعهود الجمهورية لا تختلف عن ذلك إلا بزيادة البطش والشراسة والعدوانية الهائلة الكاسحة , وفي ختام كل فصل من مسرحيات الحكم التراجيدية , يتم قتل البطل الذي تحققت صناعته بأنواع الأساليب والتفاعلات الفريدة المتميزة , حتى ليتحول الحاكم إلى معبود , أو حالة لا بشرية يتم تمريغ هيبتها في رمال النهايات القاسية.

وناعور نهاية البطل السياسي المأساوية تتكرر وتتكرر ولا مَن يرعوي أو يتعلم ويعتبِر , والسبب في كل ما تحقق , هو إصابة المسؤول بهذيان الكرسي , فحالما يجلس على كرسي الحكم يحسب نفسه قد إمتلك كل شيئ وبيده ملكوت البلاد والعباد , وهو الآمر والناهي , والذي لا يُعصى له أمر , وينسى بأنه من البشر , وسيكبر ويمرض ويموت , بل ينكر كل ذلك , ويحسب أنه قد تأبّد في منصبه , وأنّى لبشر مهما كان أن يُسائله أو يخاصمه أو ينافسه في عرشه الموهوم , فتراه يتصرف وكأنه في عالم آخر من الفنتازيا والخيالات والتصورات , التي تلوح في أفق عالمه المشحون بالعواطف والإنفعالات.

وبسبب ذلك الإضطراب السلوكي تجده قد فعل العجائب والغرائب , وسطر الملاحم السلبية التي تساعد على تنمية القوى المضادة له , حتى لتراه ذات يوم وقد إشتد الخناق من حوله , وتوالت الضربات عليه , فيمضي في أوهامه حتى آخر لحظة , عندما يلامس الواقع ويستيقظ , لكنه يجد نفسه وقد ألفى كل تميمة لا تنفع.

وقد يقول لنفسه "الآن فهمت" , لكنه لا يستطيع التحليق في الأجواء بحثا عن مأوى يقيه من صولات الأهوال , فيستسلم لمصيره المحتوم.

وتلك تفاعلات مؤسفة ومؤلمة ومخجلة , لا تنمّ عن وعي حضاري وتواصل إنساني , ودراية صحيحة , وثقافة تأريخية ومعرفية ناضجة , وإنما تؤكد على هيمنة العاطفية والإنفعالية وكل ما ينجذب إليهما من التصرفات المنحرفة الفاسدة القاصرة , التي لا يسمح الكرسي للجالس فيه أن يراها أو يدركها.

وهذا يعني أنها لمعجزة أن تتبدل المناصب السياسية بسلمية وروح حضارية معاصرة , في بلادٍ هكذا تجربتها , وإنْ تحققت فذلك يعني أن فيها بعض الديمقراطية , فانتظروا وإن غدا لناظره لقريب , والأمل , ولو لمرة واحدة , أنّ ما تقدم سيخيب!!

"ويَمشي الزّمان فتنمو صروفٌ...وتذوي صُروفٌ وتحْيا أُخَرْ"
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/26



كتابة تعليق لموضوع : هل ليس في الإمكان خير مما كان؟!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net