صفحة الكاتب : د . صادق السامرائي

محلول الحياة!!
د . صادق السامرائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الأرض تدور , وبدورانها تخلط الموجودات وتصنع محلول الحياة , الذي لا يمكنه أن يكون متجانسا وصافيا. 
 
وبسبب الدوران , فأن الإمتزاج يتحقق والمتغيرات تتأكد , ولا يمكن الإقرار بالتجانس المطلق , وأن المكونات في مكان و زمان ما , ذات مواصفات واحدة وخالصة , وإنما هي خليط من جميع ما موجود فوق التراب.
 
تلك حقيقة يؤكدها دوران الأرض الدائب.
 
وفي عالم اليوم لو أخذنا أية بقعة أرضية وفي أي وقت , لرأينا  أن فيها العديد مما في الأرض.
 
فلو إخترنا طائرة محلقة في الأجواء , وتساءلنا عن أصل وهويات ركابها , لتبين لنا بأنهم من أجناس وديانات وأعراق ولغات متنوعة.
 
وكذلك لو أخذنا مدينة صغيرة في أمريكا أو بريطانيا أو كندا أو فرنسا , ونظرنا إلى سكانها لوجدناهم من أنواع بشرية وعرقية ودينية متنوعة. 
 
فعالم اليوم عالم إمتزاج متفاعل ومتوثب نحو صياغات متجددة.
 
وهذا ينطبق على جميع بقاع الأرض , ولا تستثنى من ذلك بلداننا , لأنها جزء منها , وهي التي تدور ويتفاعل ما فوقها بسرعة غير مسبوقة. 
 
وعليه فأن القول بخصوصية مشكلة التنوع والإختلاف , يكون من حالات إضطراب التفكير وقصور الإدراك والفهم.
 
فالقول بأن البلد الفلاني مشكلته في تنوع البشر وإختلاف  لغاتهم وألوانهم ومعتقداتهم وأعراقهم , إنما هو زيف ومنافي للحقائق والبديهيات .
 
إنه نوع من الهذيان والمحاولات الشاذة المغرضة الهادفة لتحقيق أطماع فردية وفئوية معينة.
 
فمجتمعاتنا في واقع حالها أقل مجتمعات الأرض تنوعا وإختلافا!!
 
وبسبب ذلك فأننا لا نمتلك آليات التفاعل الإيجابي مع الإختلاف , ولا يعرف ساستنا وحكامنا مهارات التواصل الإختلافي الخلاق , ولا يخطر على بالهم أن الإختلاف قوة حضارية مؤثرة في البناء والتقدم.
 
 والدول المتقدمة تدرك ذلك ,  وتستقدم البشر من جميع أنحاء الأرض إليها لكي تستخلص منه عنصر القوة والتواصل الحضاري الفعال. 
 
وهذا ما تفعله اليابان اليوم وتسعى إليه الصين أيضا بأساليبها. 
 
فما عاد القبول بعدم الإمتزاج والتنوع والإختلاف , لأن في ذلك ضعف وهوان وإندحار.
 
وعلة مجتمعنا أنه أمضى العقد العشرين في عزلة مروعة , فالمواطن معزول عن المواطن , وإبن الوطن معزول عن إبن وطنه , وسياسات التفاعل الإجتماعي  مغيبة ومحفوفة بالمشاعر السلبية  , الرامية إلى التنافر والتناحر والشعور بالظلم والدونية , وكأن أبناء الوطن الواحد ذوي درجات مواطنة وفقا لمعايير مشينة ومخزية.
 
وتم إلغاء معنى الوطن والأمة , والتركيز على الفرد والصورة والكرسي , والحزب والفئة والعقيدة بسبب فقدان الشعور بالأمان والإنتماء.
 
ومن أفظع التعبيرات عن هذا القصور الحضاري والفهم الأعوج والمنحرف , ما تحقق في مجتمعاتنا وما تعبر عنه آليات الحكم الفاعلة في واقعنا.
 
إن المجتمع بحاجة إلى وعي أهمية التنوع والإختلاف , وعلى دولنا أن تنفتح على بعضها وتمازج أبناءها مع بعضهم.
 
وأن يتعلم الإنسان مهارات التفاعل الإختلافي المبدع , لكي يصنع حاضره المشرق وقوته في بناء المستقبل والأمل والرقاء.
 
إن الإختلاف قوة , والتنوع إقتدار , ونكران ذلك جهل وضعف وهوان , فهل نعيش في عصرنا أم نحن من سكان الحفر؟!

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . صادق السامرائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/12



كتابة تعليق لموضوع : محلول الحياة!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net