صفحة الكاتب : الشيخ محمد قانصو

الدولة تلقي بشعبها في البحر ..
الشيخ محمد قانصو

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

قدر اللبنانيين أن يجتمعوا على الخوف والحزن والفقر، قدرهم اللقاء الدائم في الشارع مطالبين بأبسط الحقوق التي تحفظ لهم العيش بكرامة، صارخين بوجه سلطة متعامية أشد التعامي عن حرمانهم ومعاناتهم، متجاهلة لواقعهم المأزوم أمنياً واقتصادياً واجتماعيا .
ما يحدث هذه الأيام من انتفاضة شعبية جمعت القطاعات النقابية والعمالية والهيئات التعليمية والجمعيات الحقوقية والإنسانية وغيرها، بما يشبه ثورة العمال والفلاحين والطلبة، دليل واضح على صعوبة الواقع واستحالة استمراريته ما يهدد بحالة انفلات خطيرة لا تحمد عقباها.
ولعلّ الأكثر مأساوية في ظلّ هذا المشهد الشعبيّ البائس هو الجرأة بل الوقاحة التي لا يخجل بها بعض المسؤولين، إذ في الوقت الذي يغلي فيه الشارع رفضاً لسياسات التجويع المتعمّدة والازدراء بالناس وأوضاعهم المعيشية، يجري الحديث عن اقتراح زيادة على ضريبة القيمة المضافة، وذلك جرياً على العادة في كل حقّ تمنّ به الدولة على مواطنيها، فهي في الوقت الذي تعطيهم باليمين تأخذ مساوياً أو زائداً عليه باليسار وكما يقول المثل الشعبي « من دهنو قليلو» .
هل من المنطقي أو المعقول أن يتحدث البعض عن زيادة ضرائب أو رسوم تثقل كاهل المواطن في ظل هذا الوضع الخطير الذي يعيشه لبنان كنتيجة للتدهور الأمني وتداعيات الأزمة السورية ومفاعيلها على أمن البلد واقتصاده، مع الأخذ بعين الاعتبار خصوص الأزمة المتفاقمة للنازحين السوريين في ظل عجز الدولة التام وتفرّج المجتمع الدولي على هذه المأساة الإنسانية ؟!
ثم متى يتوقف هذا النفاق السياسي الاستعراضي الذي يتقن فنّ المناورة ويستغل الملفات المعيشية كأداة للتجاذب وتسجيل النقاط ؟
هل خطابات المسؤولين المشفقين على الفقراء تسمن أو تغني من جوع ؟ هل المطلوب تصريحات انتخابية ولقطات عفوية إلى جانب أصحاب المعاول والاقلام ، وعندما تحين ساعة الحقيقة يقف هؤلاء الممثلين في الوجهة المقابلة للشعب، مبررين عدم إقرار الحقوق بحجة الدين والافلاس وخزينة الدولة وغيرها من الأعذار التي متى كان الشعب اللبناني سبباً بها ، بل كان ولا يزال ضحية لسياسات الهدر والسرقات وتضخيم الثروات الشخصية، وخيالية الرواتب والمخصصات لأهل الحكم العتيد ؟!..
هل المطلوب أن تهان الكرامات على أرصفة الشوارع لتنال الحقوق، هل المطلوب أن يُذل المُطالب بلقمة عيشه ويبكي ويستجدي أولئك الذين أوصلهم بصوته إلى موقع الحكم ومخملية الكرسي ؟!..
هل المطلوب أن يرمي الناس أنفسهم في البحر حيث لا خيار ، فإما البحر من الأمام وإما عيش الذل والمهانة من الخلف ؟!..
هل المطلوب أن يقف الشباب اللبناني طوابير على أبواب السفارات التي تجرّعه الذل، طمعاً بتأشيرة هروب من بلد لم يعد فيه من مقومات العيش ما يستحق البقاء ؟!..
هل المطلوب توظيف اللبناننين في حروب الأزقة حيث لا بديل، وبعد أن ينتهي دورهم ويستغني مشغلوهم عنهم يساقون إلى السجن أو حبل المشنقة ؟
المطلوب أن تستحي هذه الدولة و أهلها، حتى لا نقول : إذا لم تستحِ فافعل ما شئت ؟!…


 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد قانصو
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/04/09



كتابة تعليق لموضوع : الدولة تلقي بشعبها في البحر ..
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net