صفحة الكاتب : هادي جلو مرعي

الموت ينتزعنا بقسوة
هادي جلو مرعي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 يأخذنا، يرينا كيف يستلب الحياة من عزيز لنا، من إنسان يهرب منه فيمسك بتلابيه ويضربه على قفاه بقوة، ثم يسأله إن كان يعي مايفعل؟ فالهروب منه حماقة خاصة حين يتعب، فلايجد سبيلا للنجاة، ثم الرحيل مخفورا الى عالم الأموات الذي نجهله ونسمع عنه الحكايات. يهرب الناس من الموت بطرق وأساليب وأفكار شتى. البعض يهرب بالهروب من التفكير بالموت، البعض يبتذل نفسه فينكر عالم مابعد الموت والآخرة، ومنهم من يكفر بكل شئ حتى بالموت، ولايعتقد بوجود جنة، أو نار، هناك من الناس من يتبع سبيلا آخر، فتجده يهرب الى الخمر، وممارسة شتى أساليب اللهو والإستمتاع ليكون خارج دائرة الإنشغال بقضايا الموت.

وحشية الموت التي نفهمها هكذا لاحدود لها تمنعها عن الإستمرار في حصد الأرواح، ويقال، إن عزرائيل بعد أن يقضي على الجميع في الآخرة يتلقى سؤالا في غاية القوة من ربه، هل بقي من أحد لم يمت ياعزرائيل؟ فيقول، يارب لقد مات جميع البشر والحيوانات والمخلوقات الحية، والملائكة، وحتى جبرائيل. فيقول الرب، ومن بقي؟ فيقول، أنا وأنت يارب، وليس من أحد سوانا. فيأمره الرب، ويقول له، إقبض روحك ياملك الموت بنفسك. فيفعل. ويجد مرارة في الموت كتلك التي أذاقها الناس والحيوانات، وكل المخلوقات التي كانت تنعم بلذة الحياة. فيقول الرب. إني أنا الله لاإله إلا أنا الواحد القهار.

يتجاوز الموت حدود المعقول، فيبكي الطفل عند جثة أمه الحانية التي قرر عزرائيل أن يختطفها منه، وذاك الرجل الذي تعذب حتى وصل أبن له الى عمر يسميه عمر الورود، ثم تنقطع عنه الحياة بقرار الملاك المتزمت. بينما والدة حزينة تغفو على قبر وحيدها الذي ترجل الملاك ليحمله بقسوة بعيدا عنها، ودون أن يهتم كثيرا لصراخها ودموعها الكثيرة التي تهاطلت مثل قطرات من غيمة بعيدة. في حوادث طبيعية وكوارث كونية تذوي الحياة عن البشر، وتبتعد وتتركهم أجسادا خاوية سرعان ماتطمر في الأرض ليتخلص الأحياء من رائحتها النتنة ونقول، إكرام الميت دفنه.كلنا في ذلك سواء، وسيجئ حتما من سيقول هذه الكلمات عند جثاميننا الخاوية التي تعوي حولها الريح، ويتحدث عندها الرجال، وتبكي بعض النسوة دون حياء أوشعور بالتردد.كل الظروف متاحة لملاك الموت المبجل ليتفقد الهويات ويسلب الحياة من هذا او ذاك بحسب موعد معد سلفا دون تعديل، أو تبديل.

يصفه البعض مثل مانسميه السيطرات الوهمية على الطرقات في بلداننا العربية، وأسئلة عن الدين والقومية والإنتماء، هذا ينزل وذلك يبقى في مكانه. ولعل سيطرة أخرى تكون بطلبه.  فلكل واحد منا يوم يصير فيه مطلوبا دون تأجيل.نحن في سباق للهروب، لكن هروبنا الى الأمام في العادة، ولانعود الى الوراء.وعندما نصل نجد إن الملاك في المقدمة، أو في الإنتظار ليرفع راية هزيمتنا، وإنتصاره الأبدي.

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


هادي جلو مرعي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/31



كتابة تعليق لموضوع : الموت ينتزعنا بقسوة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net