صفحة الكاتب : نزار حيدر

قراءات انتخابية (6)
نزار حيدر
   نصت المادة (6) في الباب الاول من دستور جمهورية العراق، المبادئ الاساسية، على ما يلي:
   [يتم تداول السلطة سلمياً، عبر الوسائل الديمقراطية المنصوص عليها في هذا الدستور].
   وعند البحث في كل مواد الدستور، فسوف لا نجد الا نصا واحدا فقط يشير الى المعنى الذي قصدته المادة اعلاه، الا وهو النص الذي ورد في المادة (76) في الباب الثالث منه، السلطات الاتحادية، والتي جاء في نصها ما يلي:
   [اولاً :ـ يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الكتلة النيابية الاكثر عدداً، بتشكيل مجلس الوزراء، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ انتخاب رئيس الجمهورية.
ثانياً :ـ يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية اعضاء وزارته، خلال مدةٍ اقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف.
ثالثاً :ـ يُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً، عند اخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال المدة المنصوص عليها في البند "ثانياً" من هذه المادة.
رابعاً :ـ يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، اسماء اعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري، بالاغلبية المطلقة.
خامساً :ـ يتولى رئيس الجمهورية تكليف مرشحٍ آخر بتشكيل الوزارة، خلال خمسة عشر يوماً، في حالة عدم نيل الوزارة الثقة].
   وبالتمعن في نص المادة، يظهر لنا جليا وواضحا ان الدستور فسح المجال لتحقيق مبدأ تداول السلطة في حالتين:
   الحالة الاولى؛ عندما يفشل المرشح لرئاسة مجلس الوزراء في تقديم تشكيلته الوزارية خلال مدة زمنية محددة نصت عليها المادة.
   الحالة الثانية؛ عندما يفشل المرشح في نيل ثقة مجلس النواب.
   هذا من جانب، ومن جانب آخر، فان الدستور منح الشركاء السياسيين حق المساهمة في قبول او رفض مرشح الكتلة البرلمانية الأكبر، هذا يعني انه يبقى مرشحا فحسب ما لم يوافق عليه بقية الشركاء، ولذلك يمكن القول بان الدستور هو الذي نص على الشراكة الحقيقية بين مختلف مكونات المجتمع العراقي، فهي ليست بدعة او منّة او منحة من احد لاحد.
   اذن، نحن لسنا بحاجة الى قانون يحدد عدد دورات رئاسة مجلس الوزراء، لتحقيق مبدأ تداول السلطة، فالدستور واضح في ذلك ولا حاجة للتفسير والتأويل.
   الا ان الذي يحصل في كل مرة هو ان السياسيين يتلاعبون ويتحايلون على النص الدستوري الذي شرعن ونظم عملية تداول السلطة من خلال ما يلي:
   اولا: الاتفاق على تسمية الرئاسات الثلاث، والمقصود بها الجمهورية ومجلس النواب والحكومة، بسلة واحدة، الامر الذي يُدخل التسميات في مزايدات سياسية لها اول وليس لها آخر، وهو امر يعد انتهاكا خطيرا للدستور والذي لم يربط بين تسمية الرئاسات الثلاث باي شكل من الأشكال.
   انها بدعة سياسية عظيمة سبّبتها لنا المحاصصة التي توافَق عليها الكبار بالضد من إرادة الشعب العراقي.
   ثانيا: من خلال تجاوز المدد الزمنية التي حددها الدستور في الحالتين، وهما حالة تسمية أعضاء الحكومة وحالة نيل الثقة، وكلنا نتذكر كيف انهم تجاوزوا المدة في المرة الاولى لتصل الى خمسة اشهر فيما تجاوزت في المرة الثانية لتصل الى عشرة اشهر، الامر الذي يعد كذلك انتهاكا خطيرا للدستور.
   ولو انهم التزموا بالدستور لتحقق مبدأ تداول السلطة بشكل طبيعي جدا، ولتحققت بذلك فلسفة الديمقراطية التي تتجلى في تداول السلطة حصريا.
   وبمرور سريع على كل دساتير النظم الديمقراطية في العالم، للاحظنا انها تحقق مبدأ تداول السلطة بأحد أمرين:
   إما بالنص عليه، كما هو الحال في النظم الديمقراطية الرئاسية، والتي تتشكل فيها الحكومة عبر صندوق الاقتراع من خلال انتخاب الرئيس بالاقتراع العام السري والمباشر، او بروحه من خلال آلياته وأدواته، كما هو الحال في النظم الديمقراطية البرلمانية التي تنبثق فيها الحكومة من البرلمان وليس بالاقتراع العام السري والمباشر. 
   ولان النظام الديمقراطي في العراق الجديد هو نظام برلماني، ولذلك فان مبدأ تداول السلطة يتحقق، كما نص عليه في المادة (6) اعلاه، بالآليات التي نص عليها في المادة (76) اعلاه، اذا ما تم الالتزام بها من قبل مجلس النواب عند انطلاق كل دورة من دوراته الدستورية الجديدة.
   والسؤال الان، هو:
   كيف يمكن ان نحقق مبدأ تداول السلطة، وكسر احتكارها، والقفز على ظاهرة الصراع على السلطة بأسوأ واقبح حالتها، من خلال فهم وتوظيف هذين النصّين الدستوريين الواضحين؟.
   الجواب:
   في الحلقة القادمة باذن الله تعالى.
   21 آذار 2014

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


نزار حيدر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/03/22



كتابة تعليق لموضوع : قراءات انتخابية (6)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net