صفحة الكاتب : زوزان صالح اليوسفي

رجل في زمن قلّ فيه الرجال
زوزان صالح اليوسفي

نحن في زمن قلّ فيه الرجال، وأقصد من ذلك الرجال الذين يسيرون ويحافظون على مبادئهم لا يحيدون عنها من أجل منصب زائل أو جاه ضائع.

الدكتور بدرخان عبد الله بدري السندي، شخصية من الشخصيات الغنية عن التعريف، كاتب وأديب وشاعر، ومناضل كردي بدأ نضاله بالقلم في فترة كان فيها الكرد يتعرضون إلى البطش إذا جاهروا بقوميتهم فكيف إذا كان بوطنيتهم؟، وكان ذلك في بغداد عندما كانت أجهزة الأمن تحكم بقبضتها الحديدية في ظل جميع العهود البائدة ضد كل من يثبت هويته القومية أو الوطنية.

الدكتور بدرخان سندي ولد ونشأ في مدينة زاخو، بدأ حياته الدراسية في معاهد المعلمين ثم درس في جامعة بغداد وحصل على الأختصاص في ( علم النفس )، أكمل دراساته العليا في بريطانيا ( جامعة ويلز )، أنتخب رئيساً لإتحاد الأدباء الكرد في أربيل عام 1970 وهو في عقد العشرينيات من عمره، كما أنتخب عضواً في المكتب المركزي والمكتب التنفيذي لإتحاد الأدباء العراقيين عام 1983 ، وكان عضو جمعية المترجمين العراقيين، كما حصل على براءة الأختراع المرقمة ( 1087 ) في نيسان 1977 عن طريقته وجهازه في تعليم المكفوفين القراءة والكتابة حينما كان طالباً في بريطانيا يدرس الأختصاص.

لدى الدكتور بدرخان سندي بصمات عميقة وثابتة في السجل الوطني والأدبي الكرديين وهو بحق أستطاع أن يجمع بين هذين المجاليين بكل قدرة وذكاء حتى وصل به المطاف بأن يترأس تحرير واحدة من أشهر الصحف العراقية العملاقة وهي صحيفة التآخي.

تعرض الدكتور بدرخان سندي خلال مسيرة حياته في العهود البائدة إلى الكثير من أشكال الغدر والإقصاء وسوء العدالة في المواقف التنافسية بسبب قوميته الكردية وإيمانه بقضية قوميته العادلة، في ظل أنظمة دكتاتورية لا تؤمن بالديمقراطية ولا تعترف بحقوق الإنسان، سجن في سجن أبو غريب الشهير في بغداد، وأدخل في الزنزانات الإنفرادية في دائرة الأمن العامة، أنتظر موته عدة مرات، ولكن القدر لعب دوره في إنقاذه.

الدكتور بدرخان سندي شخصية غنية عن التعريف ليس في مجال الأدب والشعر والتاريخ والفلسفة والصحافة، بل إنه إنسان بمعنى الكلمة ذو ثقافة واسعة تنافس الروح والضمير تنادي بالسلم والسلام وتدافع عن حقوق الأقليات الأخرى في العراق وفي أقليم كوردستان، يطالب لهم مراراً بالحقوق المشروعة.

كما دافع عن حقوق المرأة في العديد من المناسبات، وطالما رفع من شأنها لتمارس حياتها العملية جنباً إلى جنب مع أخيها الرجل، وهو أول من أبدع في نضم قصيدة رائعة عن الشهيدة ( ليلى قاسم ).

أهتم كثيراً بمعالجة الفساد الأداري ونشر النزاهة والدفاع عن حقوق الإنسان، أمنيات الدكتور سندي ومن خلال لقائاته العديدة مع الصحفيين أن يعيد وجه بغداد الجميل، فهو يصبو وبكل جهد في إنقاذ بغداد مما حل بها من آثار الدمار والعنف، وسلب أهلها الراحة والآمان والسرور، طالما تحدث بألم ومرارة عن أحداث العنف التي تجري في بغداد وما حل فيها من أسباب الفقر والمرض والجهل وأنعدام الخدمات والأمن، وقد عاهد على نفسه أن يعمل جل جهده في إعادة وجه بغداد الجميل، وأن يجعل كل ذلك من ضمن برنامجه المخصص لإعادة العافية إلى العاصمة دار السلام، تحت خيمة البرلمان.

كتاباته المعطائة وقلمه الحر يسّطر أرق القصائد وأوفر المقالات الصادقة الوفية، تحمله روحه البسيطة وشخصيته المتواضعة الفذة إلى حدود الإخلاص والوفاء، كما قال أحد الصحفيين حينما كتب في إحدى مقالاته شخصيته عنه إنه يجعل المرء يقف أمامه حائراً من أين يدخل إلى عالمه!

قدم الدكتور بدرخان سندي وأضاف الكثير إلى الثقافة الكوردية وسار على طريق رواد الأدب والكتاب الكرد، ولا نبالغ إن قلنا بأن الدكتور سندي يعتبر موسوعة كاملة بنتاجه وفكره وثقافته وفلسفته، حتى أصبح رمزاً من رموز الثقافة والأدب الكوردي،

من أروع ما قدمه في إنتاجاته الحديثة التي كتبها وبكل إخلاص وصدق هي قصيدة سيدي ( ئه زبه ني )، قصيدة أسلبت اللباب وأطربت الأسماع، وهي توقظ الضمائر من غفوتها وتناجيهم بحكمة وجرأة ورجولة، ينصح ويوقظ الضمائر بكل وفاء وإخلاص، وهو يحاول من خلالها إعادة الحسابات وإعادة النقاء والوفاء والأخلاص لتجربتنا النضالية وإنقاذها من الردود السلبية ومن درنات الفساد التي أستشرى فيه.

يقول الدكتور في إحدى مقابلاته بأنه أستمد موهبته الشعرية في فترة أحداث ثورة أيلول 1961، ولم يكن حينها يتجاوز الثامنة عشر من عمره، فكان يستمد شعوره من وطنيته الوليدة في ذلك العمر الفتي.

عاش الدكتور في بغداد منذ عام 1961، وقد نشاء بينه وبين أهل بغداد بعربها وكردها علاقات حميمة تشارك مع شعبه في السراء والضراء، كان ومازال وفياً للعراق والعراقيين بكافة أقلياته، كمواطن كردي من العراق، درس في الثانويات في بغداد ثم أصبح أستاذاً في جامعة بغداد كان مخلصاً محباً لطلبته وحريصاً في عمله  طوال خدمته، تخرج العديد من الطلبة على يديه، وهم يكنّون له كل الأحترام والوفاء.

كان الدكتور السندي أيضاً رئيس تحرير صحيفة جيا في بدايات السبعينيات، وعضو هيئة تحرير مجلة شمس كوردستان من منتصف الثمانينات إلى بداية التسعينيات، ومدير عام دار الثقافة الكردية من بدايات التسعينيات إلى منتصفه، ورئيس تحرير جريدة هاوكاري وصحيفة بيان ومجلة رنكين ومجلة روشنبيري نوي ما بين بدايات التسعينيات إلى ما بعد منتصفه.

تقلد عدة وظائف أستشارية منها مستشاراً في دائرة المناهج والكتب العراقية في بدايات السبعينيات القرن الماضي، ومستشاراً تربوياً في قسم العلوم التربوية والنفسية لكلية التربية لجامعة صلاح الدين ( أربيل )، بالأضافة إلى كونه مستشاراً وباحثاً في مقر اليونيسف فرع أربيل في بدايات هذا القرن.

وللدكتور بدرخان السندي العديد من المؤلفات منها:

-         طبيعة المجتمع الكردي في أدبه.

-         أستثمار الموارد الطبيعية في التربية.

-         سيرة حياة الكاتب صادق بهاء الدين.

-         تحليل المحتوى في الأدب والإعلام.

-         المشكلات النفسية للاطفال.

-         سايكولوجية الطفولة ودور المربي.

-         الحكمة الكردية.

-         ( مم آلآني ) الأسطورة الكردية المغناة للمستشرق ( روزية ليسكو ).

-         المجتمع الكردي في المنظور الأستشراقي.

-         التربية للجميع.

-         المدرسة الصديقة ( باللغة الكردية ).

-         مراثي الجبل ( ديوان شعر باللغة الكردية ).

 

له عدد من البحوث العلمية المنشورة في المجلات التخصصية، كما وله عدد من المقالات في مختلف الحقول والموضوعات وباللغتين العربية والكردية.

هذا الشاعر والأديب تردد أسمه في فترة أواخر الستينات عندما كان والدي الشهيد صالح اليوسفي يترأس تحرير جريدة التآخي، كان يتألق حينها بكتابة أجمل القصائد التي تغنى بها عمالقة الغناء الكردي من أمثال تحسين طه والصوت النسائي الذهبي كولبهار ( فيروز كوردستان )، وبشار زاخويي وغيرهم.

أمتاز الدكتور بدر خان سندي بنقاء معدنه وسمو مبادئه كما وصفه العديد من الصحفيين، حتى أصبح رمزاً من رموز الثقافة والأدب ليس بين شعبه الكردي المحب بل بين جميع أبناء الشعب العراقي الواحد بجميع قومياته، ولا يسعنا إلا أن نكتب عنه بكل فخر وإعتزاز على نضاله، وحبه العميق ووفائه لكوردستان والعراق، كونه رمزاً أدبياً وثقافياً لنا وللأجيال القادمة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زوزان صالح اليوسفي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/02/10



كتابة تعليق لموضوع : رجل في زمن قلّ فيه الرجال
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net